إن كان بالإمكان تلخيص حصاد العام في كلمتين، فهما "النفط والإرهاب"، ورغم أن نصيب منطقتنا منهما هو الأكبر، إلا أن العالم كله ربما لم يتأثر بأكثر منهما، ولا يتوقع أن ينتهي تأثيرهما المتصاعد في العام القادم 2015.

بدأ عام 2014 وأسعار النفط فوق المئة دولار للبرميل وآخذة في الزيادة، ومع الصيف وتحديدا في يونيو 2014 أخذت الأسعار في الهبوط حتى وصل انهيارها قرب نهاية العام إلى نحو نصف سعر البرميل.

واجتمعت أوبك في نوفمبر ولم تخفض إنتاجها، واستمرت الولايات المتحدة في زيادة إنتاجها من النفط الصخري وواصلت روسيا زيادة الإنتاج. لكن روسيا وإيران تضررتا بشدة من انهيار أسعار النفط إلى الحد الذي جعل البعض يقول إن هناك اتفاقا أميركيا مع كبار المنتجين في أوبك "لإغراق السوق بالمعروض النفطي للضغط على موسكو وطهران".

أما رأي الاقتصاديين والخبراء المتخصصين، فهو أن عوامل كثيرة تضافرت لتهوي بأسعار النفط وعزز من هذا التوجه سياسات إقليمية وعالمية لا تقتصر على العلاقات الدولية فحسب، بل تتعلق أيضا بإجراءات الإصلاح الاقتصادي العالمي التي لم تكن كافية للتخلص من آثار الأزمة العالمية في 2008/2009.

هذا عن النفط الذي يتوقع أن يستمر انخفاض أسعاره خلال العام الجديد، حتى لو اتخذ المنتجون مثل أوبك إجراءات لضبط معادلة العرض والطلب ـ فقد أفلت الزمام أو كاد من يد أوبك وغيرها.

الإرهاب

أما الملمح الثاني لعام 2014، وهو الإرهاب ومكافحته، فلا يربطه بالأول (النفط) ما قد يتبادر إلى الذهن من استيلاء تنظيم داعش الإرهابي على حقول نفط سورية ومحاولة السيطرة على مصافي نفط عراقية مع توسعه وإعلانه "تنظيم الدولة"، بل يربط بين الملمحين أنهما الأهم والأكثر تأثيرا في العالم في عام.

صحيح أن الإرهاب آفة يعاني منها العالم منذ عقود، لكن هذا العام شهد اتساعا للرقعة وكثافة للتأثير ربما تعد أهم وأخطر من تنظيم "القاعدة" الذي انبثق عن "الجهاد الأفغاني" في نهاية القرن الماضي.

ساعدت الحرب المدمرة في سوريا على تفريخ أشكال جديدة للتطرف، وللأسف يحمل أغلبه شعارات إسلامية. وكان لوصول جماعات توصف بالإسلام السياسي المعتدل إلى مواقع سلطة في بلدان شهدت تغييرات العام في الأعوام الثلاثة الأخيرة أثره في هذا الاتساع والكثافة.

ومن سوريا والعراق، التي أعلن فيها المتطرفون دولة خلافة في بعض أجزائها التي سيطروا عليها، إلى ليبيا وتونس والجزائر ومصر واليمن وغيرها تصاعدت وتيرة الهجمات والتفجيرات واستهداف قوات الأمن والجيوش النظامية.

ومع توسع تنظيم الدولة، تشكل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب من دول رئيسية في العالم ودول من المنطقة للحد من نفوذ الإرهاب في العراق وسوريا.

وكان عام 2014 عام "مكافحة الإرهاب" بحق، مع تصاعد القلق من مقاتلين أجانب من دول غربية وفدوا إلى سوريا عبر تركيا وغيرهم من عرب وأفارقة وآسيويين وصلوا إلى مناطق القتال في سوريا والعراق عبر السودان وليبيا وتركيا وغيرها.

وانكشف الكثير عن تمويل وتسليح الإرهاب، وتعزيز طرق دعمه لوجستيا.

وكما حال تراجع أسعار النفط، تستمر حملة مكافحة الإرهاب في العام الجديد وينتظر العالم نتيجة استمرار الملمحين وما قد يسفر عنه من تبعات على الوضع العالمي سياسيا واقتصاديا.