تعبر التصريحات الإيرانية الأخيرة بشأن العراق عن "حالة من الارتباك" في السياسة الخارجية لطهران في الوقت الذي يتفاقم فيه مأزق الحكومة العراقية الحليفة برئاسة نوري المالكي كلما سقطت بلدة في أيدي الفصائل المسلحة، بحسب محللين.

فبينما قال رئيس مكتب الرئيس الإيراني، محمد نهونديان، الأربعاء الماضي إن بلاده ترى المحادثات النووية اختبار ثقة لواشنطن يمكنه أن يؤسس لمباحثات حول العراق، جاءت التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي لتعبر عن إحباط الجمهورية الإسلامية من التعامل الأميركي مع أزمتها في بغداد.

فقد دعا خامنئي الأحد، واشنطن إلى عدم التدخل في العراق، واتهمها بمحاولة فرض هيمنتها عبر "عملاء" لها.  

وبحسب نائب رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، علي إبراهيم، فإن "الإحباط الإيراني من واشنطن جاء بعدما بدأت الإدارة الأميركية تتراجع عن فكرة التدخل العسكري السريع في الأزمة".

مرتبكون

ولفت المحلل السياسي إلى تصريحات القائد السابق للقوات الأميركية في العراق ديفيد بترايوس التي حذر فيها واشنطن من أن تكون "قوة جوية لحساب الميليشيات الشيعية أو لشيعي في معركته ضد العرب السنة".

وتلى ذلك ما أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن بلاده لا تستطيع اختيار حكومة نيابة عن العراقيين، داعيا القادة العراقيين إلى التوافق ونبذ السياسات الطائفية، وهو ما دفع مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان باتهام أوباما بالافتقار إلى "إرادة جدية" لمحاربة الإرهاب.

ويقول إبراهيم: "الإيرانيون مرتبكون سياسيا في العراق وهذا الارتباك يرجع إلى تشتت جهودهم بعدما كان كل تركيزهم على دعم حليفهم في سوريا عسكريا وسياسيا، ليفاجئوا بتعرض حليف آخر في بغداد لأزمة كبيرة".

وأوردت تقارير عن وجود عناصر من الحرس الثوري الإيراني في العراق لدعم الجيش في مواجهة المسلحين.

وتتعدد الفصائل المسلحة التي تتوحد في هدف إسقاط حكومة المالكي، ما بين مسلحي العشائر العربية السنية ومنتسبون سابقون للجيش العراقي الذي تم حله عام 2003، وميليشيات محسوبة على حزب البعث المنحل، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يحظى بتركيز إعلامي.

سقوط أوراق

ويرى الأستاذ في الإعلام السياسي بجامعة الإمام السعودية خالد الفرم، إن ما حدث في العراق "سحب بعض الأوراق من إيران.. وأعطى ميزة إضافية للأطراف الإقليمية الأخرى".

ويعتبر الفرم أن "حجم الإنهاك الاقتصادي والاستراتيجي لإيران في سوريا والعراق كبير جدا، لذا فإن عليها أن تعمل على تبريد الأزمات الطائفية لا زيادتها".

وليس من مصلحة دول المنطقة كافة استمرار الجيوش الجوالة من المسلحين وانتشار المتطرفين، بحسب الخبير السعودي.  

ويرى الفرم أن المصلحة العليا لجميع الأطراف تقتضي ما وصفه بـ"صفقة إقليمية كبرى" من خلال العمل المباشر بين إيران والسعودية لتطويق الحريق الكبير في العراق وإنهاء العنف الدامي في سوريا.  

وقال: "آن الأوان لتكوين شراكة استراتيجية بين إيران والدول العربية".