بذكريات الحنين إلى الماضي، وتفاؤل طموح بمستقبل أفضل لأجيال قادمة، يطوف يوسف صوما بصحبة زوجته وأبنائه في أرجاء منزل هجره قبل 24 عاما، في قرية بريح اللبنانية، بسبب اندلاع حرب أهلية أتت على كل شيء فأهلكته.

يقول يوسف صوما: "نحن المهم نرجع على الأرض.. مش بهمنا البيت.. بهمنا أرضنا نرجع عليها مثل ما تركناها.. مثل ما كانوا أبائنا وأجدادنا. نحن جايين نربي أولادنا يعيشوا فيها."

هذا هو حال يوسف وغيره من أشقائه المسيحيين العائدين إلى قريتهم، التي طالما كانت رمزا للتعايش بينهم وبين شركائهم في الوطن من أبناء الدروز.

ويقول روزبا أبو علي، وهو درزي: "نحن والمسيحية نعيش عيش مشترك وإن شاء الله نكون نحن وإياهم.. نحن والجيل الجديد يلي جاي على الضيعة".

تفقد العائدون ديارهم، وطافوا حولها، واشتموا رائحة أرض طالما حلموا بالعودة إليها، حاملين ذكريات الطفولة البريئة، وشارك فيها الجار جاره الحياة بحلوها ومرها.

ونجحت الجهود المبذولة من قبل شخصيات سياسية ودينية لبنانية، في بلورة اتفاق المصالحة بين أبناء هذه القرية، الواقعة في قضاء الشوف، فحق للجميع أن يفرحوا بهذه المناسبة وجمع الشمل بعد طول فراق، وأن يؤدوا صلاة شكر لله.

وقال شفيق بشارة أحد سكان القرية العائدين: "انبسطنا كثير وبعد عندنا نحن هون أصحاب وعندنا أهل وإخوتنا الدروز. كنا نتأمل من قبل نرجع بس السياسة ما خلتنا."

ويحلم العائدون إلى أرضهم، والمستقبلون لهم، بعيش هانئ في جو أخوي وتلاحم أسري، بعيداً عن معطيات السياسة وأهلها، فمن ذاق مرارة حرب استمرت 15 سنة، قتل خلالها أكثر من 150 ألف إنسان، وشردت عشرات الآلاف ودمرت كل شيء، لاشك في أن أولوياته في الحياة، هي العيش المشترك مع إخوته في الوطن. عيش.. لا تشوبه السياسة بشائبة ولا تكدر صفوه.