منذ بداية العام الماضي والمعارك لم تتوقف في داريا بين الجيش النظامي وقوات المعارضة المسلحة للسيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية التي تعتبر عاصمة لغوطة دمشق الغربية وخاصرة للعاصمة.

داريا.. مدينة ريفية عريقة، تقع إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق ولاسمها أصل سرياني، يعني البيوت الكثيرة، وتشتهر بكروم العنب وزراعة الزيتون.

ولطالما شكلت داريا نموذجا مميزا في نسيجها الاجتماعي للتعايش بين الطوائف، ففيها يشترك المسلمون والمسيحيون مشاعر الفرح والترح في كل مناسبة.

وكان لداريا حضور قوي منذ بداية الاحتجاجات السلمية في مارس 2011، واشتهر فيها الناشط السوري غياث مطر الذي عرف بنشاطه السلمي وتقديمه الماء والزهور لعناصر الأمن الموكلين آنذاك بفض المظاهرات.

اعتقل مطر في السادس من سبتمبر وسلّم لأهله من قبل المخابرات الجوية جثة ظهر عليها آثار التعذيب في العاشر من ذات الشهر، وقد شيّع في داريا وحضر مجلس عزائه سفراء أميركا واليابان وفرنسا والدنمارك في دمشق.

وإلى جانب الحراك الاحتجاجي كان لداريا مساهمات في الميدان الإعلامي، ففيها تصدر جريدة عنب بلادي الأسبوعية التي تغطي الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

في عام 2012 دخلت داريا ساحة الحراك المسلح حين قام أفراد من الجيش الحر باستعراض عسكري قاموا فيه بالتجول في داريا وهم يحملون السلاح الخفيف والمتوسط وازدادت قوة المعارضة المسلحة في البلدة مع تطوع المزيد من الشباب مع مقاتلي المعارضة.

لم تقبل قوات النظام السوري بوجود قوة عسكرية مجاورة لمركزها الأمني في مطار المزة العسكري، وفي مدينة التي لاتبعد سوى بضعة كيلومترات عن قصر الشعب المخصص لاجتماعات الرئيس السوري بشار الأسد.

وردت القوات الحكومية على التواجد العسكري في داريا بالقصف المدفعي الذي ازدادت وتيرته في أغسطس حين وقعت مجزرة داريا الشهيرة التي قتل فيها 221 منهم 122 شخصا أعدموا ميدانيا بعد احتمائهم من القصف في أحد مساجد المدينة وفقا لناشطي المعارضة.

ولاتزال المعارك مستمرة بين الجيشين النظامي والحر في داريا، وسط أنباء يرددها معارضون عن "خسائر فادحة" في صفوف القوات النظامية بنما تقول المصادر الرسمية إن المدينة تحت السيطرة وإن الجيش النظامي يمشط المنطقة مما يسميها "العصابات المسلحة".