أعيد علاء، 21 عاما، إلى أهله، في محافظة اللاذقية، جثة هامدة بعد يومين من الانتظار عقب إبلاغها خبر مقتله في منطقة حرستا بريف العاصمة دمشق.

تبكي والدته، وهي من إحدى قرى مدينة جبلة الساحلية ذات الغالبية العلوية، قائلة لموقع سكاي نيوز عربية "لم يمر عليه شهران منذ سحبه إلى الخدمة الاحتياطية لدى الجيش السوري.. ويل قلبي هو صغير.. قال لي إن من يذهب إلى هناك لايرجع أبدا.. طمأنته ودعيت الله أن يحميه لكنه استشهد هناك..".

بين بكائها وترحمها على روح ابنها، تتوقف أم علاء لوهلة لتشكر الله أن جسد ابنها عاد إليها في حين جارتها في القرية لم تتمكن من استعادة جثمان ابنها لأنه "أصبح أشلاء" على حد قولها.

وقالت أم علاء "أشكر الله أن جثمان ابني عاد إلي لأدفنه في التراب.. فإكرام الميت دفنه.. الله يكون بعون أم محمدن فابنها لم ولن يعيدوه إليها لأنه أصبح أشلاء.. لم يجدوا منه شيئا!".

وقالت الناشطة ندى، وهي من الطائفة العلوية ومن إحدى قرى اللاذقية "هناك غضب شديد لدى أغلب العائلات.. يكاد لا يخلو منزل في الساحل السوري من قتيل أو جريح أو مشوه.. العائلات بدأت تطالب بترك أبنائها، وعدم زجهم في حرب يقتلون فيها كل يوم".

وأضافت "كثير من العائلات بدأت تقول اتركوا أبناءنا لنا ليدافعوا عنا وعن قرانا".

أما الناشط عصام، ابن الـ26 عاما وهو من إحدى قرى جبلة، فتحدث عن "سحب بعض الأبناء الوحيدين إلى الخدمة الاحتياطية في الجيش، رغم مخالفة ذلك القانون الذي يقول بعدم تجنيد من هو وحيد أمه".

وأضاف لموقعنا "ابن عمي به مس منغولي، يبدو واضحا من شكل رأسه وعينيه، إلا أنه سحب إلى الخدمة الاحتياطية"، ويضيف "يبدو أن النظام بات يسحب الشباب لصفوفه متجاهلا الشروط.. والويل لكل من يتخلف أو يفكر بذلك".

وبث ناشطون على يوتيوب صورا لمن قالوا إنها أم أحد الضباط العلويين في الجيش السوري، الذين قتلوا في الاشتباكات وهي ترثي ابنها بالمواويل الشعبية وتبكيه.

ومن خلال شدوها الباكي تقول الأم "اتصل بي وكان يبكي فسألته إذا كان مصابا فنفى ذلك وقال باكيا إن السلاح نفد منهم.. لا تعاودي الاتصال بي".

ثم تنهار الأم على ضريح ابنها باكية.

وتداول ناشطون على مواقع النواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، صورة من مطار مدينة جبلة الساحلية لطائرة تحمل جثامين قتلى القوات الحكومية، وتبدو الطائرة محاطة بسيارات الإسعاف التي تحمل التوابيت إلى القرى.

صورة من مطار مدينة جبلة الساحلية لطائرة تنقل جثامين قتلى القوات الحكومية

كما تداول ناشطون صورة مسربة لما قالوا إنها من داخل أحد المستشفيات العسكرية في سوريا، ويظهر فيها عدد من التوابيت الملتفة بالعلم السوري على جانبي الممر داخل المبنى.

صورة من داخل أحد المستشفيات العسكرية السورية تظهر التوابيت على طرفي الممر لقتلى القوات الحكومية

وقال الناشط شادي، وهو من الطائفة العلوية، لموقعنا إن الرئيس السوري "بشار الأسد عمل جاهدا على إظهار أن ما يحدث في سوريا هو حرب طائفية، غير أن ما يحدث حقيقة كان ثورة مدنية تحول قسم منها إلى حراك مسلح لمواجهة الهجوم الشرس والدامي على أول حراك سلمي احتجاجي ضد النظام الأسدي".

وأضاف "نحن لسنا محرقة ليستمر هو بحكمه.. لطالما عانينا من تهميشه وظلمه لنا.. والآن هو يستمر على أرواح قتلانا... أنا علوي وكثر مثلي يرفضون أن يحسبوا على النظام الساقط.. نحن أحرار وأخوة في الوطن والحرية والثورة".

يذكر أن علويين شاركوا منذ بداية الاحتجاجات منتصف مارس 2011، في التظاهرات المعارضة للرئيس السوري، كما عملوا ناشطين ميدانيين، إلى جانب العمل في الإغائة. وأطلق بعضهم صفحات عديدة على فيسبوك مناهضة للأسد، كما وقعوا العديد من البيانات التي تدين ما سموه "إجرام النظام"، بالإضافة إلى مشاركتهم في نشاط بعض ألوية الجيش الحر.

وكان أهالي قرية بسيسين، إحدى القرى العلوية في الساحل السوري، اشتبكوا مع قوات الأمن على خلفية رفض الأهالي إرسال أبنائهم إلى خدمة الاحتياط في قوى الجيش أواخر أكتوبر الماضي.

فقد اعتمد النظام السوري سياسة طلب الذكور لخدمة الاحتياط، أو إلى عدم تسريح من أنهى الخدمة العسكرية الإلزامية، لدعم قواته عقب انطلاق الاحتجاجات التي عمت البلاد، حسب ناشطين في الداخل السوري.

وذكرت مصادر متفرقة أن عدد القتلى من الطائفة العلوية بلغ أكثر من 20 ألف شخص.

ومن أهم ناشطي الحراك من الطائفة العلوية التي ينتمي لها الرئيس السوري، السيناريست فؤاد حميرة والكاتبة سمر يزبك والناشطة خولة دنيا والممثلة لويز عبدالكريم والفنان جمال سليمان وغيرهم.