تحفل حوارات الأجانب المقيمين في السعودية على المنتديات الإلكترونية بحكايات عن أوضاعهم المعيشية، وتعج باستفسارات محمومة من الوافدين الجدد إلى المملكة عن كيفية إيجاد سكن في سوق تعاني شحا شديدا في المعروض.

فقد كتب رجل بريطاني يبحث عن منزل لأسرته "ساعدوني. لا أجد مكانا أعيش فيه. كل مديري العقارات يقولون إن لديهم قوائم انتظار لأشهر طوال."

ويواجه الأجانب الذين ينتقلون للعيش في الرياض، عاصمة أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، فترات انتظار طويلة لإيجاد مسكن في المجمعات السكنية (كومباوند)، وقد زادت الإيجارات بنسبة عشرة في المائة في السنوات الأربع الماضية، حسب شركة جونز لانج لاسال للاستشارات العقارية.

لكن فترة توقف في الاستثمار في العقارات السكنية بعد هجمات شنها متشددون على أجانب بين عامي 2003 و2005 تضافرت مع الزيادة الكبيرة في عدد الأجانب الوافدين إلى المملكة في ظل الطفرة الاقتصادية وارتفاع في أسعار الأراضي، ما أدى إلى نقص حاد في المعروض.

والآن بعدما تجاوز إيجار الفيلا المكونة من ثلاث غرف داخل المجمعات السكنية الفاخرة عتبة 250 ألف ريال (67 ألف دولار) سنويا، ينشط مطورون عقاريون للاستفادة من انتعاش السوق بإقامة عدد من المشروعات الجديدة الكبيرة.

ويتوقع جون هاريس مدير مكتب جونز لانج لاسال في السعودية أن يزيد معروض الوحدات السكنية في المجمعات السكنية بالرياض بنسبة 50 في المائة في العامين المقبلين مع دخول ثلاثة آلاف وحدة جديدة متوقعة إلى السوق.

ويقول هاريس "أصبح إيجاد مكان للإقامة في حدود الميزانية تحديا حقيقيا أمام المغتربين." ويضيف: "سنرى عرضا كبيرا سيخفف الضغط إلى حد ما. لكن هناك طلبا كبيرا في الانتظار منذ فترة".

ويرى هاريس أن معظم المجمعات السكنية التي ستدخل سوق الرياض ستكون ضمن الشريحة العليا من الأسعار بينما نسبة كبيرة من الطلب الحالي على شريحة أدنى في نطاق 100-200 ألف ريال.

وقال بيتر هاورث-ليس، أحد مالكي مجمع "الرياض فيلاج كومباوند" متوسط السعر والذي أنشيء مكان مجمع مهجور على الأطراف الشرقية للمدينة: "لست متأكدا إن كانت المجمعات الجديدة ستسد الحاجة. معظم هذه المجمعات ستكون فوق 200 ألف ريال سنويا. وأغلب الطلب في السوق لا يتحمل هذه الأسعار."

ونظرا لأن الأجانب يشغلون تسعا من كل عشر وظائف بالقطاع الخاص في البلد الذي يعد أكبر مصدر للنفط في العالم فإن المجمعات السكنية تتيح للأجانب ممارسة أسلوب حياة غربي بشكل أو بآخر في إطار تلك المجمعات.

ويتوفر بمعظم المجمعات السكنية كونها بعيدة عن الأنظار ومحاطة بجدران عالية على رأسها أسلاك شائكة.. أحواض سباحة ومطاعم ومحال تجارية ومقاهي وملاعب تنس وغيرها من وسائل الترفيه. ولا يسمح للسعوديين بما فيهم المطوعون الذين يجوبون شوارع المدينة بدخول هذه الأماكن.

ومع ارتفاع الإيجارات بشكل كبير يفضل بعض المغتربين العيش في المدينة وليس في مجمعات مغلقة إذ يكون بإمكانهم تأجير فيلا من ثلاث غرف مقابل نحو 80 ألف ريال فقط سنويا. لكن القيود الاجتماعية ولاسيما المفروضة على المرأة تشق على الأسرة أحيانا.

تقول امرأة باكستانية كانت تعيش في شقة مع زوجها الذي يعمل مصرفيا وطفلين قبل الانتقال إلى مجمع سكني منذ عامين "كانت حياة بائسة. لم نتعرف على أحد ولم نتواصل مع الجيران مطلقا. التنقل مشكلة كبيرة للمرأة."

ونما الاقتصاد السعودي في السنوات الأخيرة مع ارتفاع أسعار النفط وتحرير قطاعات رئيسية مثل قطاع التمويل. وزاد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.1 في المائة العام الماضي.

وتحسنت الأوضاع الأمنية أيضا ولم يحدث سوى هجوم واحد على الأجانب في المملكة منذ 2006. ومع انتعاش النشاط التجاري بدأ الأجانب في العودة بأعداد كبيرة.

وفي مجمع "فيلات عيد" أحد المجمعات الفاخرة في الرياض توجد قائمة انتظار تزيد عن 300 اسم لأشخاص يريدون فيلات من غرفتي نوم بإيجار 190 ألف ريال سنويا وفيلات من ثلاث غرف نوم تتراوح إيجاراتها بين 250 و290 ألفا في السنة.