أفاد مراسلنا في القاهرة أن شخصا واحدا قتل وجرح عشرات المصريين في المظاهرات التي شهدتها البلاد الثلاثاء احتجاجا على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي ومنحه صلاحيات واسعة.

واحتشدت جموع كبيرة من أنصار المعارضة المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة وهم يرددون هتافات ضد مرسي، كما شهدت الإسكندرية مظاهرات واسعة معارضة للإعلان الدستوري، وتعرضت مقرات حزب الحرية والعدالة للإحراق في مدينة المنصورة والإسكندرية.

يأتي ذلك في ظل مواجهة مرسي لأكبر أزمة سياسية منذ توليه السلطة قبل 5 أشهر إثر إصداره الخميس إعلانا دستوريا يحصن به قراراته ضد الرقابة القضائية، كما يحصن الجمعية الدستورية لوضع الدستور ومجلس الشورى.

وانطلق آلاف الصحفيين والمحامين من مقر نقابتيهما في مسيرتين إلى ميدان التحرير وهم يرددون هتافات ضد الرئيس المصري وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها من بينها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"إرحل.. إرحل" و"بيع بيع .. بيع الثورة يا بديع (المرشد العام للإخوان محمد بديع)" و"يسقط يسقط حكم المرشد".

كما انطلقت مسيرة لفنانين ومثقفين من دار الأوبرا متجهة لميدان التحرير للمشاركة في فعاليات مليونية "للثورة شعب يحميها"، وردد المشاركون في المسيرة هتافات رافضة للإعلان الدستوري، رافعين أعلام مصر ومطالبين بحل الجمعية التأسيسية والوصول إلى دستور جديد بتوافق وطني يلبي طموحات المصريين.

وتزايدت أعداد المتظاهرين في الميدان حيث كان عدة آلاف يهتفون بعد الظهر "الشعب يريد إسقاط النظام".

وشارك في التظاهرات التي انطلقت تحت شعار "للثورة شعب يحميها" رموز للمعارضة على رأسهم مؤسس حزب الدستور محمد البرادعي ومؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي والمرشح الرئاسي السابق عمرو موسى.

وكانت اشتباكات وقعت في ساعة مبكرة صباح الثلاثاء بين مجموعة من الشباب صغار السن وبين الشرطة في ميدان سيمون بوليفار القريب من ميدان التحرير ومن مقر السفارة الأميركية، إلا أن ناشطين سعوا إلى إبعادهم عن هذا الميدان وإقناعهم بالحفاظ على سلمية التظاهرات.

وفي الميدان علقت لافتات بيضاء ضخمة كتب عليها باللون الأحمر "يسقط يسقط حكم المرشد" و"الاخوان سرقوا الثورة" و"يسقط الاعلان الدستوري" و"الرئيس يدفع الشعب إلى عصيان مدني".

ودعا معارضو مرسي كذلك إلى تظاهرات في محافظات عدة بالتزامن مع تظاهرة التحرير، حيث احتشد الآلاف في ميدان الأربعين بالسويس احتجاجا على قرارات الرئيس محمد مرسي.

وفي الإسكندرية شمالي البلاد  تجمع آلاف الأشخاص في ميدان القائد إبراهيم في وسط المدينة وكان الهتاف الرئيسي للمتظاهرين "يسقط حكم المرشد". كما انطلقت تظاهرات في مدن أخرى المنيا والفيوم وأسيوط التي شهدت بعض الاشتباكات.

الرئاسة: مكي لا يزال نائبا للرئيس

نفى المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية،ياسر علي، ما تردد حول تقديم المستشار محمود مكي، نائب رئيس الجمهورية، لاستقالته من منصبه.

وقال علي، "لا صحة مطلقا لهذه الشائعات والخبر محض كذب وافتراء".

وفاة متظاهر وإصابة 100 آخرين

وأفاد مراسلنا في القاهرة عن إصابة 100 شخص في الاحتجاجات ضد الرئيس المصري بينهم 5 بحالة حرجة، وقال إن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أعلن وفاة أحد أعضائه متأثرا بإصابته بالاختناق جراء إلقاء القنابل المسيلة للدموع بميدان سيمون بوليفار المجاور لمسجد عمر مكرم، فيما استقبلت مستشفى المنيرة حتى الآن ثلاثة مصابين من ميدان التحرير، وهم مجند ومدنيان اثنان. 

اشتباكات بمدينة المحلة الكبرى

قال شاهد عيان ومسؤول صحي إن عشرات المصابين سقطوا في اشتباكات بين أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين ومعارضين بمدينة المحلة الكبرى المصرية.

وأضاف أن طلقات خرطوش وقنابل مولوتوف وحجارة استخدمت في الاستباكات بميدان الشون الذي يطل عليه مكتب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في المدينة العمالية التي تقع في دلتا النيل.

قضاة مصر يعتصمون

من جانب آخر، بدأ المئات من رجال القضاء والنيابة العامة اعتصاما مفتوحا اعتبارا من الثلاثاء بداخل نادى القضاة بوسط القاهرة، احتجاجا على الإعلان الدستوري والذى اعتبروا أنه يمثل انتقاصا ومساسا بالسلطة القضائية.

وشارك في الاعتصام العديد من أعضاء مجلس إدارة النادي، ورؤساء أندية القضاة بالأقاليم ورجال القضاء والنيابة العامة من مختلف الأعمار.

وتظاهر المئات من المنتمين لحركات وقوى سياسية مختلفة أمام مقر نادى القضاة، مؤكدين تأييدهم للقضاة ومساندتهم في مطلبهم الداعي إلى إسقاط الإعلان الدستوري بكامل بنوده.

وحضر إلى مقر النادي ممثلون لنقابتي الصحفيين والمحامين، إلى جانب ممثلين لمختلف التيارات السياسية وعدد من كبار الإعلاميين والصحفيين والكتاب.

وأفاد مراسلنا بأن نادي قضاة أسيوط أعلن إعتصاما مفتوحا للتضامن مع نادي قضاة مصر واحتجاجا على الإعلان الدستوري.

وفشل اجتماع عقد مساء الاثنين بين المجلس الأعلى للقضاء والرئيس المصري في نزع فتيل الأزمة ولم ينته إلى اتفاق على تسويتها، إذ أعلن المتحدث باسم الرئاسة ياسر علي في ختامه أنه "لا تغيير في الإعلان الدستوري" مؤكدا في الوقت نفسه أن مرسي أوضح لأعضاء المجلس أن "تحصين قرارات الرئيس تقتصر على أعمال السيادة".

وفيما يعد تحديا ضمنيا لقرارات الرئيس المصري، أعلنت محكمة القضاء الإداري الاثنين أنها حددت الرابع من ديسمبر المقبل لنظر الطعون التي تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مرسي بإصدار الإعلان الدستوري.

وحتى الآن قررت 24 محكمة ابتدائية من إجمالي 26 في مختلف أنحاء البلاد تعليق العمل تنفيذا لقرار نادي القضاة كما علقت 3 محاكم استئناف على الأقل أعمالها من إجمالي 8 محاكم في مصر.

ويستمر انعقاد الجمعيات العمومية للمحاكم الأخرى بما فيها محكمة النقض الثلاثاء والأربعاء لإقرار أو رفض توصيه نادي القضاة.

وأدت الاضطرابات التي تشهدها مصر منذ أسبوع إلى مقتل شابين، أحدهما من معارضي الإخوان والثاني من أنصارها، إضافة إلى متظاهر معارض ثالث أعلنت وفاته إكلينيكيا، وإصابة نحو 450 شخصا وذلك سواء في مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين أو بين أنصار ومعارضي جماعة الإخوان التي أحرقت لها عدة مقرات في محافظات مختلفة.

ويقضي الإعلان الدستوري الذي فجر الأزمة بتحصين قرارات الرئيس المصري التي أصدرها منذ توليه منصبه وتلك التي سيصدرها إلى حين انتخاب برلمان جديد من أي رقابة قضائية، كما يحصن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى اللذين يهيمن عليهما الإسلاميون ضد أي قرار قضائي بحلهما.

من جانبها قررت جماعة الاخوان المسلمين على نحو مفاجئ مساء الاثنين إلغاء تظاهرة دعت إليها أمام جامعة القاهرة مؤكدة أن هذا القرار يستهدف حقن الدماء.