أخرجت التهدئة قطاع غزة من مرمى النيران، ووضعت الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتانياهو امام المدافع السياسية من كل حدب وصوب داخل إسرائيل عندما شن السياسيون هجوما حادا على الطريقة التي ادارت بها الحكومة العملية العسكرية في غزة و"فشلها" في تحقيق الهدف الذي من أجله انطلقت.

صحيفة يديعوت أحرونوت نقلت عن رئيس حزب كاديما وزعيم المعارضة في الكنيست شاؤول موفاز، انتقاده الحاد لنتايناهو، واعتبر أن أهداف العملية العسكرية "لم تتحقق، وأن اندلاع جولة قادمة من المواجهات هي مسألة وقت" ، مشيرا إلى أنه  "لا يتم وقف حرب على "الإرهاب" بهذه الطريقة، على حد تعبيره.

ورأى موفاز أن " حماس عززت قوتها، ولم يتم تحقيق أية قوة ردع"، وقال إن "وقف إطلاق النار في هذه المرحلة هو خطأ".

أما رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد، فقد رأى أن الحكومة لم تحقق ما وعدت به بالقضاء على حركة حماس وعدم التفاوض معها، بل على العكس "فقد قامت بالتفاوض معها ولم تقم بالقضاء عليها".

وقال زعيم  حزب البيت اليهودي نفتالي بنيت إنه "ما كان على الحكومة أن توقف النيران وأن تحني رأسها"؟

أما حزب الاتحاد القومي فقد وصف وقف إطلاق النار بأنه "كان مسرحية هزيلة ومحزنة"، مشيرا إلى أن حكومة نتانياهو  "حاولت تبرير خضوعها المهين دون أي نجاح".

ومن رؤساء الأحزاب إلى رؤساء البلديات خاصة الجنوبية التي كانت في مرمى الصواريخ يوميا، حيث قال رئيس بلدية سديروت دافيد بيسكل :" أنا لا أشعر بالفخر"، مضيفا أنه "ضد الطريقة التي انتهى بها القتال.. يجب أن يصاحب وقف الأعمال الحربية بتفوق واضح لنا، وبالتالي ردع إسرائيل يأتي ليكون قويا كما كان من قبل".

وبدوره، قال رئيس مجلس بلدة أفنير مساحات موري إن "توقيع هذا الاتفاق أظهر ضعفا"، فيما ذكر عمدة مدينة بئر السبع روبيك دانيلوفيتش أن "توقيع هذه التهدئة لن يستمر، ونحن سكان الجنوب لن تكون حياتنا هادئة مطلقا، والصواريخ ستعود ومن شأنها عرقلة الحياة اليومية".

رئيس مجلس  بلدة أشكول حاييم يالين تساءل من جانبه "عن ماذا ستفعل إسرائيل مع إطلاق أول هاون على المدن الإسرائيلية"، داعيا الحكومة لاتخاذ إجراءات أكثر حزما لوقف الصواريخ.

خيبة أمل

ولم يكن الحال في الشارع الإسرائيلي أفضل، فقد نزل العشرات في القدس الغربية المحتلة وتل أبيب للاحتجاج على التهدئة.  ونقلت يديعوت أحرنوت عن إسرائيلية قولها "لدي خيبة أمل بعد وقف إطلاق النار مع حماس بعد ثمانية أيام من القتال .. نحن على استعداد أن نعاني أكثر من أجل التخلص من الصواريخ".

وأعربت إسرائيلية أخرى للصحيفة عن "الخوف من تكرار إطلاق القذائف مجددا، عانينا ثمانية أيام ولا يمكن أن تدوم التهدئة حتى أسابيع فقط".

وفي محاولة لتبرير وقف إطلاق النار، قال وزير الدفاع إيهود بارك لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "لن نستطيع وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، إلا في حال احتلال كامل للقطاع وهذا أمر مستحيل".

باراك ليس "مشتاقا"

وأضاف باراك :"أنا لست مشتاقاً إلى غزة، فأنا كنت هناك منذ اندلاع الانتفاضة الأولى، ولسنا بحاجة إلى أن نعود إلى أزقة بيت لاهيا أو في جباليا"، مشيراً إلى أن من يطالب باحتلال غزة فهناك شيء يطلق عليه اسم "حرية اشتياق" كما هناك حرية تفكير، "أما بالنسبة لي فأنا لست مشتاق لغزة".

ووفقاً لباراك "فإن صورة النصر التي يبحث عنها البعض قد تنقلب رأساً على عقب عند تدمير أول مدرعة بجنودها أو تفجير أول عبوة تنفجر في سرية من مقاتلينا".

لكن استدرك بأن الحكومة "تعي أن الجيش قد يضطر إلى العمل مجددا في قطاع غزة, وفي حال لم يستمر وقف إطلاق النار، فإننا سندرك ماذا سنفعل.. وإذا اضطررنا مستقبلاً للقيام بعملية برية واسعة النطاق, فمن الأفضل أن نحظى بدعم دولي راسخ".

وأشار باراك إلى أن المشكلة ليست اجتياح قطاع غزة وتقويض حكم حركة حماس، "وإنما طريقة الخروج منه بعد إتمام العملية، مؤكداً على تسريح جنود الاحتياط في الجيش خلال الأيام المقبلة في حالة استمرار وقف إطلاق النار".