أكد فنان الكاريكاتير السوري علي فرزات أن الطائفة العلوية في بلاده الأكثر معاناة، رافضا تقسيم الشعب إلى طوائف وأقليات، قائلا إن هناك "أكثرية تسعى إلى الحرية والكرامة منذ انطلاقة الثورة في مارس 2011".

وفي حديث إلى "سكاي نيوز عربية" أوضح فرزات أن حصوله على جائزة "ساخاروف" لحرية الفكر هو بمثابة "بوصلة تحدد مكاني وموقفي من الثورة السورية ومن الشارع، وهي تمنحني الشجاعة لكي أكون أحد أصوات الثورة التي تصل إلى مسامع الرأي العام العالمي، ومثل هذه الجوائز بالنسبة لي وسيلة لا غاية".

وكان فرزات حاز جائزة "ساخاروف 2011"، التي يمنحها البرلمان الأوروبي كل سنة للمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، لكنه لم يحضر حفل التسليم العام الماضي لإقامته في مشفى بالكويت للعلاج من آثار التعذيب الذي تعرض له في دمشق على أيدي أشخاص يقول إنهم موالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وعن سبب خروجه من سوريا بعد ذلك الاعتداء، يقول فرزات: "خرجت لاستكمال علاجي في الخارج بعد أن نصحني أصدقاء بذلك لمنعي من التعرض لأي أذى، خاصة أن الكثير من النشطاء والمعارضين كانوا يتعرضون للاعتداء أو الاعتقال داخل المشافي السورية".

ورفض الفنان السوري العالمي تهمة "نكران الجميل" للأسد، قائلا: "أتحدى أي شخص يتهمني بالأكل على موائد السلطة بأن يثبت حصولي على مكرمة أو حظوة من السلطة".

ويردف: "ذكرت في مرات عديدة أن العلاقة التي كانت تجمعني ببشار الأسد علاقة حوارية وليست صداقة شخصية، وهي علاقة كان أطرافها مثقفون ومفكرون سوريون ورأس النظام لمناقشة أوضاع البلاد للوصول إلى جمهورية ديمقراطية تعددية بعيدا عن حكم الرأي الواحد واللباس الواحد والهتاف الواحد".

إحدى رسوم فرزات التي تسخر من الأسد

وفي سخرية من تلك "الصداقة المزعومة"، يقول فرزات: "أعتقد أن الصديق لا يعتدي على صديقه بالضرب أو يرسل له مجرمين وقتلة لتكسير يديه وأصابعه، وفي منطقة (بالقرب من ساحة الأمويين) مليئة بالحواجز الأمنية والعسكرية التي تمنع شخص من الوقوف ثوان لتدخين سيجارة. ورغم ما ذكرته قنوات السلطة عن فتح تحقيق بشأن الحادث فإن أحدا لم يتصل بي ليأخذ إفادتي سواء من رئيس الجمهورية أو حتى من قبل عنصر أمن صغير".

"فاقد الإصلاح لا يعطيه"

ويؤكد أن فرزات أن إرهاصات "الثورة السورية" كانت بادية للعيان وبشكل جلي، قائلا: "في حديثي لمجلة نيوزويك الأميركية في منتصف عام 2007 ذكرت بالحرف الواحد: إذا لم تستعجل السلطة القيام بالإصلاحات الضرورية فإن الطوفان قادم لا محالة. إذا كان هذا الأمر لم يخف على شخص بسيط مثلي فكيف فات سلطة من المفترض أن لديها مؤسسات قانونية ودستورية؟ ولكن في النهاية فاقد الشيء لا يعطيه".

ويرفض ابن مدينةحماة التي تعرضت لمجازر في ثمانينات القرن الماضي أن يكون هناك صراع طائفي أو ديني في سوريا، موضحا: "تلك فرية حاول النظام تسويقها من أجل بث الفزع والخوف في قلوب الأقليات لكنه فشل في ذلك، والدليل ما شاهده الساحل السوري من توتر وغليان في الفترة الأخيرة لا سيما في مدينة القرداحة ومحيطها".

ويصر فرزات على أن العلويين هم أكثر من عانوا من ظلم النظام الحاكم، متابعا: "القتل طال الجميع والظلم نال من كل أطياف المجتمع والنظام كان وما زال عادلا في توزيع ظلمه على السوريين بمختلف مذاهبهم الدينية ومشاربهم السياسية والإيدلوجية".

ولا يرى فرزات - الذي كان أول فنان يسخر من الأسد داخل سوريا - جدوى من إعطاء وقت محدد لـ"سقوط النظام" أو انتصار "الثورة": "عندما خرج الناس إلى الشوارع وكسروا حاجز الخوف كان ذلك هو الانتصار الحقيقي للثورة والبقية تفاصيل".

ويستطرد: "الثورة لم تعد تقاتل نظام الأسد، السوريون الآن يواجهون روسيا وإيران وكوريا الشمالية وصمت العالم، ونحن لا نطالب بتدخل خارجي بل تفعيل القوانين الإنسانية الدولية التي تضمن حياة المدنيين وأمنهم، وربما يعيد ذلك بعض المصداقية للأمم المتحدة التي عرّتها الثورة السورية وكشفت هزالها وضعفها واختلاف معاييرها في التعامل مع قضايا الشعوب".