يتمنى رجل أردني أن "يعيش في مخيم الزعتري للاجئين السوريين بسبب توفر المياه هناك"، فيما قال أمين عام سلطة المياه في الأردن إن بلاد تمر بـ"أسوأ وأصعب مواسم الصيف".

وقال الرجل الذي يبلغ من العمر 50 عاما ويسكن في أحد أحياء مدينة إربد شمال المملكة لإذاعة محلية: "لو كان بالإمكان لذهبت للعيش مع اللاجئين السوريين لأحصل على بعض المياه التي توفرها الحكومة لهم".

وهذا الرجل هو واحد من مئات آلاف وربما ملايين الأردنيين الذين يعانون نقصا مزمنا في المياه في المملكة، التي تعد واحدة من أفقر عشر دول في الثروة المائية في العالم، حيث تغطي الصحراء 92 % من أراضيها.

ويشكو الأردن من أن عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين فروا من العنف في بلدهم يستنزفون الموارد المائية الشحيحة للبلاد.

وقبل عدة أيام، أخذ هيثم ظافر من محافظة الزرقاء (23 كلم شمال شرق عمان) أطفاله الخمسة إلى مقر سلطة المياه، حيث فتح خرطوم المياه وبدأ بتحميمهم احتجاجا على عدم حصوله على مياه البلدية، الأمر الذي نفته الحكومة لاحقا.

وفي القرى الجنوبية والشمالية، عانى الأردنيون عدم وصول المياه خلال الشهرين الماضيين، حيث قاموا بإحراق الإطارات وأغلقوا الطرق واستولوا على صهريج مياه يعود لسلطة المياه.

وقال فايز البطاينة أمين عام سلطة المياه لـ"فرانس برس" إن "الصيف الحالي الذي شارف على الانتهاء كان من أسوأ وأصعب مواسم الصيف التي مرت على المملكة".

وأضاف أن ذلك يعود إلى "ارتفاع درجات الحرارة وتزايد أعداد اللاجئين السوريين الذين انتشروا في المحافظات الشمالية الفقيرة أصلا بالمياه بالإضافة إلى وصول المغتربين الأردنيين والسياح".

لكن البطاينة اعتبر أن رد فعل بعض المواطنين على بعض المشاكل المحدودة والمعزولة "مبالغ فيها بشكل كبير".

وأدى شح سقوط الأمطار خلال السنوات الماضية إلى أقل من معدلاته المتوسطة، إلى حدوث عجز بقيمة 500 مليون متر مكعب (17.5 مليار قدم مكعب) في السنة.

وتشير التوقعات إلى أن البلاد ستكون بحاجة إلى 1.6 مليار متر مكعب من المياه سنويا بحلول عام 2015.

وتحوي سدود المملكة العشرة التي بمقدورها تخزين نحو 325 مليون متر مكعب، حاليا حوالى 70 مليون متر مكعب.

وأوضح البطاينة أنه "في كل عام لدينا مشاكل في التزويد المائي، ومثله كان هذا العام لكن ما هو مميز أن سقف المطالبات كان مرتفعا وأعلى".

وأضاف: "لدينا أكثر من مليون مشترك، منهم القريب إلى مصادر وشبكات المياه ومنهم البعيد، لذلك مررنا بصيف صعب جدا ومن الطبيعي ألا يخلو التزويد المائي من أخطاء"، مشيرا إلى أن "مناطق عديدة لم تصلها المياه في وقت كاف وكميات كافية".

أما بالنسبة للاجئين السوريين، فقد أكد البطاينة أنهم "يتزودون بالمياه بواسطة صهاريج ويحصل اللاجئ الواحد على نحو 30 لترا باليوم فقط، ذلك لأن استعمالاته طبيعية ومحدودة".

ويعيش أكثر من 30 ألف لاجئ سوري في مخيم الزعتري في محافظة المفرق (85 كلم شمال عمان) على مقربة من الحدود مع سوريا، ويتركز اللاجئون السوريون الآخرون في المدن الشمالية التي تعاني أصلا من نقص المياه، حيث يزداد الطلب على المياه.

وقالت الحكومة الأردنية في يونيو الماضي إن كل سوري بحاجة إلى ما لا يقل عن 80 لترا من المياه العذبة يوميا.

وتقول أم إياد، وهي أردنية وأم لـ 5 أطفال، إن "سلطة المياه تضخ المياه لنا مرة واحدة في الأسبوع، ولأقل من 24 ساعة وهذا لا يكفي"، مؤكدة: "ننتظر هذه المياه كل مرة حتى نتمكن من غسل الملابس والاستحمام وتنظيف المنزل".

وتعيش أم إياد في منطقة جبلية في عمان، حيث ضغط المياه ضعيف جدا، حتى إنها في بعض الأحيان لا تتمكن من ملء خزانات المياه.

وتضيف: "لذلك نحن مضطرون لشراء المياه ولمرات عدة"، موضحة أنه "إذا كنا محظوظين نشتري صهريج ماء من 4 أمتار مكعبة من سلطة المياه مقابل حوالي 9 دنانير (حوالي 12 دولار)".

وتتابع: "لكن في بعض الأحيان هذا غير متوفر ما يجبرنا على دفع 25 دينارا لكمية المياه نفسها من شركات مياه خاصة".

وتعتمد المملكة التي يتزايد عدد سكانها البالغ 6.3 ملايين نسمة بنسبة 3.5 % سنويا، بشكل كبير على مياه الأمطار لتغطية احتياجاتها في حين يفوق العجز السنوي 500 مليون متر مكعب.

ويحتاج الأردن إلى 1600 مليار متر معكب من المياه لسد حاجاته العام 2015.

ويستغل الأردن نحو 60 % من استهلاكه السنوي من المياه الذي يقارب 990 مليون متر مكعب في الزراعة التي تساهم في 3.6 % من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للأرقام الرسمية.

ويحاول الأردن الاستفادة من مياه حوض الديسي القديم (325 كلم جنوب) عبر جر مئة مليون متر مكعب سنويا من مياه الحوض الذي يتجاوز عمره 300 ألف عام، رغم مخاوف تتعلق بارتفاع مستوى الإشعاع.

وإلى جانب هذا المشروع، يخطط الأردن بالتعاون مع جيرانه الفلسطينيين والإسرائيليين لمد قناة بكلفة 4 مليارات دولار من البحر الأحمر إلى البحر الميت المهدد بالجفاف نتيجة تبخر مياهه وانخفاض منسوبه.

ويجري البنك الدولي دراسة جدوى لهذا المشروع، لكن خبراء البيئة يخشون أن يكون لمياه البحر الأحمر أثر سيئ على النظام البيئي للبحر الميت وخليج العقبة.

وبدأ انخفاض مستوى البحر الميت في الستينات عندما شرعت إسرائيل والأردن وسوريا بتحويل مجرى مياه نهر الأردن المورد الرئيسي لهذا البحر.

وما زاد أكثر في تأثر البحر الميت انخفاض مستويات المياه الجوفية ومياه الأمطار من الجبال المحيطة، إضافة إلى النشاطات الصناعية والسياحية حوله.

وبالإضافة إلى ذلك تسعى المملكة للحصول على الطاقة النووية السلمية من أجل تحلية المياه وإنتاج الكهرباء.