في وقت تبحث فيه حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب عن مخرج للأزمة السياسية التي تعصف بها، بدا القصر الملكي متمسكا بسياسة عدم التدخل، وكأنما نجح في خلق "مساحة آمنة" لنفسه بعيدا عن عواصف الربيع العربي، بحسب مراقبين.

 ويقف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وحزبه في موقف لا يحسدان عليه، فالحكومة ذات العشرين شهرا في السلطة خسرت أهم شريك لها منذ ما يزيد عن أربعة أشهر وهو حزب الاستقلال، ليس ليتركها فقط تواجه الشارع الذي يغلي من حرارة الغلاء والبطالة، بل ليقود أيضا الاحتجاجات ضدها.

ولم يستطع بنكيران حتى الآن الحصول على موافقة حزب "التجمع الوطني للأحرار" للدخول في شراكة معه من أجل ترميم الكيان الحكومي رغم المفاوضات الماراثونية معه.

ومن المفارقة أن التجمع الوطني من أشد المعارضين للعدالة والتنمية ووصفه في أكثر من مناسبه بأنه حزب مستبد بغطاء استبدادي، فيما اتهم بنكيران رئيس حزب التجمع صلاح الدين مزوار بالفساد، وهو ما يزيد من توقعات فشل هذه التركيبة الحكومية إذا خرجت للنور.

القصر بعيدا

ولم يتدخل الملك محمد السادس رسميا في الأزمة الراهنة، فبحسب المحلل السياسي تاج الدين الحسيني، لا يرغب القصر الملكي في تأكيد أن حكومة العدالة والتنمية "مصطنعة سياسيا" من الملك، عبر دعمها.

 وأوضح بالقول:" الإسلاميون كانوا صمام أمان للنظام الملكي من الربيع العربي.. فقد وقفوا ضد مظاهرات حركة 20 فبراير 2011 المطالبة بملكية برلمانية".

وأضاف أن "الملك أصبحت له مرتبه خارج صراعات الأحزاب، وبقي بعيدا في مساحة آمنة ".

من جانبه، رأى المحلل السياسي محمد ضريف أن العدالة والتنمية الذي وصل "بقرار سياسي" إلى السلطة ، في إشارة إلى رغبة القصر الملكي في أن يعطي الفرصة للحزب الإسلامي الذي يحظى بشعبية، "قد خسر كثيرا منها وأصبح يواجه إما الاستمرار في الحكم كبطة عرجاء أو انتخابات مبكرة قد لا تأتي به مرة أخرى في السلطة".

وتزايدت الاحتجاجات الشعبية ضد سياسة الحكومة خاصة مع قرارها برفع الدعم عن الوقود وبعض السلع الأساسية.  ودعت نقابات مهنية لإضراب عام الاثنين ولمدة ثلاثة أيام احتجاجا على هذا القرار.

ومع ذلك، يرى ضريف أن المؤسسة الملكية لا تتأثر بذلك، فهي تملك من الصلاحيات ما يكفي للحفاظ على استقرار البلاد، والأهم من ذلك، تحظى بشعبية كبيرة.

"فكثير من المغاربة، عندما رأوا ما آلت إليه بلدان الربيع العربي، باتوا يحمدون الله أن هناك مؤسسة ملكية تحافظ على التوازنات في البلاد"، على حد تعبيره.

وبذلك يواجه الإسلاميون في المغرب الأزمة بمفردهم، وقد خسروا كثيرا من وزنهم السياسي، في ظل انتقادات وغضب شعبي بسبب عدم تنفيذ  الحكومة لبرنامجها الإصلاحي الذي وعدت به، بل على العكس من ذلك، تفرغت لصراعات مع المعارضين واتهامهم بمحاولة عرقلتها.