بعد مرور عقدين على توقيع اتفاقيات "أوسلو" للتسوية السياسية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ازدات أوضاع الفلسطينيين صعوبة يوما بعد يوم في ظل ما انتهجته الحكومة الإسرائيلية من توسيع للمستوطنات في الأراضي المحتلة، وانسداد الأفق في وجه عملية السلام.

فمنذ عام 1993 ضاعفت "إسرائيل" عدد المستوطنين من 260.000 إلى 520.000 ووسعت المناطق التي تسيطر عليها المستوطنات لتصل إلى 42% من الأراضي الفلسطينية، فضلا عن نظام نقاط التفتيش والقيود الأخرى المفروضة على حركة الفلسطينيين وتجارتهم.

أرقام ومآسي

أرقام وممارسات على الأرض انتهجتها إسرائيل، كان لها تأثيرا كبيرا على الشعب الفلسطيني، فمنذ عام 1991 أزالت إسرائيل 15.000 مبنى فلسطيني، شملت منازل، وأنظمة مياه، ومرافق زراعية، كما أثرت هذه الممارسات على الاقتصاد الفلسطيني وأفقدته ملايين الدولارات على مدى 20 سنة.

فيما التف جدار الفصل العنصري حول حقوق الفلسطينيين وأرضهم ومزارعهم ومدارس أطفالهم، كما يلتف الثعبان القاتل حول عنق وجسد ضحيته لمسافة 441 ميل.

أضف قامت إسرائيل بتقليص مساحة الصيد المتاحة أمام الصيادين الفلسطينيين من 20 ميلاً بحرياً، نصت عليها اتفاقيات "أوسلو"، إلى 6 أميال بحرية فقط.

كذلك انخفضت صادرات غزة بنسبة 97% منذ فرض الحصار الاقتصادي عليها في 2007، فاقتصاد غزة وحده يخسر نحو 76 مليون دولار سنويا، في ظل حرمانه من زراعة ما يصل إلى 35% من أراضيه الزراعية.

أراض "مقسمة"

عملية "أوسلو" قسمت الأراضي الفلسطينية إلى المناطق (أ) و(ب) و(ج) لفترة خمس سنوات، ولكن، بعد مرور 20 سنة، ما زالت إسرائيل تحتفظ بالسيطرة الكاملة على المنطقة (ج)، التي تمثل 61% من مساحة الضفة الغربية، وغير متاح للفلسطينيين أن يقوموا بأنشطة تنموية في تلك المنطقة إلا فيما يقل عن 1% من مساحتها فقط.

في حين أن 94% من طلبات التصريح بالبناء التي تقدم بها فلسطينيون، خلال السنوات الأخيرة، قوبلت بالرفض من الإدارة المدنية والعسكرية الإسرائيلية.

وذكرت منظمة العفو الدولية إن 7000 فلسطينيا قتلوا منذ توقيع اتفاقية أوسلو، غالبيتهم العظمى بعد اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية عام 2000، وتحديدا خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، يضاف إلى ذلك عشرات آلاف الجرحى والمصابين والمعاقين.

كما دخل السجون الإسرائيلية عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الذكور والإناث، وكبار السن والأطفال، والمرضى، إذ طالت مختلف فئات الشعب الفلسطيني، بقي منهم حتى الآن نحو 5 آلاف أسير، من بينهم 86 اعتقلوا قبل توقيع الاتفاق.

ويتضمن اتفاق أوسلو للسلام الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في البيت الأبيض بواشنطن في 13 سبتمبر عام 1993 إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكومة الانتقالية الذاتية.

واعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل وأحقيتها في الوجود على كامل المناطق التي احتلت بالقوة العسكرية عام 1948، فيما لم تعترف إسرائيل إلا بالمنظمة ممثلا للفلسطينيين، وليس بدولة فلسطينية على حدود عام 1967.

وكان هدف المفاوضات في حينها تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية في الضفة الغربية وقطاع غزة لمرحلة انتقالية لا تتعدى الخمس سنوات تؤدي إلى تسوية نهائية.

وضمن الاتفاق للفلسطينيين إقامة سلطة حكم ذاتي وعودة عشرات آلاف الفلسطينيين إلى الداخل وبناء مؤسسات دولة وتحسين مستوى المعيشة للمواطن الفلسطيني إلى حد ما، غير أنه لم يوفر حتى الآن اتفاقا نهائيا للسلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

فبعد 20 عاما على أوسلو، يرى الكثير من الخبراء أن الصورة تبدو قاتمة إلى حد كبير، فالمفاوضون أنفسهم، والمفاوضات ذاتها، وجداول الأعمال لم تتغير، لم يختلف شيء سوى تكاثر الشروط والمطالب الإسرائيلية وازديادها تعقيدا.