أعلنت الولايات المتحدة الأميركية أنها ستدرس موافقة الحكومة السورية على المقترح الروسي الرامي إلى وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية، إلا أنها أعربت عن قلقها من أن تكون تلك الخطوة عملية "مماطلة" من قبل دمشق مكررة تشككها في النوايا السورية.

وبعد إعلان وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أن بلاده ترحب بالمبادرة الروسية، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، بن رودس، أن بلاده تعتزم "المتابعة" مع روسيا للتأكد من أن الخطة "ذات مصداقية".

واستطرد بن رودس قائلا إن واشنطن لن تخفف الضغوط على دمشق وإنها حذرة من أن تكون هذه عملية "مماطلة"، بينما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنها ستنظر بجدية في الاقتراح الروسي، لكنها أعربت عن شكوكها أيضا.

ترحيب سوري

وكانت دمشق سارعت إلى الترحيب باقتراح موسكو وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية لتفادي الضربة العسكرية الغربية، وذلك بعد أن طرح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، هذا الحل كخيار يجنب سوريا أي عملية عسكرية.

وعلى الرغم من أن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية شددت على الطابع "الافتراضي" لموقف كيري، إلا أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حث دمشق على "وضع مخزون سوريا من الأسلحة الكيمياوية تحت مراقبة دولية، ثم التخلص منه".

وصرح المعلم في موسكو "ترحب القيادة السورية بالمبادرة الروسية انطلاقا من حرصها على أرواح مواطنيها وأمن بلدنا ومن ثقتنا من حرص القيادة الروسية على منع العدوان على بلدنا".

وكان لافروف قال في تصريح مقتضب بعد ساعات قليلة على لقائه نظيره السوري "ندعو القادة السوريين ليس فقط إلى الموافقة على وضع مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية تحت مراقبة دولية، ثم التخلص منه، لكن أيضا إلى الانضمام بالكامل إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية".

ويأتي تصريح لافروف بعد موقف أدلى به كيري في وقت سابق الاثنين في لندن، أكد فيه أن نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، بإمكانه تجنب الضربات إذا ما بادر إلى وضع ترسانته من الأسلحة الكيماوية تحت مراقبة دولية.

وقال كيري "من المؤكد أنه (بشار الأسد) يستطيع تسليم ترسانته الكيماوية كلها إلى المجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل، تسليم كل شيء ودون إبطاء (...) لكنه ليس مستعدا للقيام بذلك ولا يمكنه القيام به".

لكن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر ساكي شددت على الطابع "الافتراضي" لموقف كيري، مشيرة إلى أنه لا يمكن قراءته أنه مهلة أو عرض للتفاوض موجه إلى "ديكتاتور وحشي" غير أهل للثقة.

رايس تؤكد على الضربة.. والكونغرس يصوت الأربعاء

في غضون ذلك، أكدت مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض، سوزان رايس، أن رفض الرد العسكري على الحكومة السورية يثير الشكوك حول قدرات واشنطن، دون ان تطرق إلى موافقة دمشق على مبادرة موسكو.

وجاء كلام رايس في مركز نيو أميركا فاونديشن البحثي في إطار مساعي البيت الأبيض لحشد دعم الشعب الأميركي وأعضاء الكونغرس لتفويض الإدارة الأميركية بشن ضربة عسكرية ضد الحكومة السورية.

إلى ذلك، قال مستشار للسناتور الأميركي الجمهوري، جون ماكين، إنه لا يعول كثيرا على موافقة سوريا على العرض الروسي بشأن مخزونها من الأسلحة الكيماوية.

وأكد المستشار الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن إجراءات مجلس الشيوخ مستمرة حتى الآن وأن ليس هناك تعديل في نية المجلس للتصويت على مشروع القرار الذي يجيز للرئيس باراك اوباما التدخل عسكريا في سوريا.

يشار إلى أن زعيم الغالبية الديمقراطية، هاري ريد، أعلن أن أول تصويت في مجلس الشيوخ الاميركي حول هذ القرار سيتم الأربعاء المقبل.

وهذا التصويت الأولي الذي سيكون مؤشرا إلى مدى التأييد الذي يحظى به مشروع الرئيس باراك أوباما في مجلس الشيوخ، يشكل مرحلة لا بد منها لمواصلة المناقشة واقتراح تعديلات والتبني النهائي للمشروع الذي قد يتم في مجلس الشيوخ بحلول نهاية الأسبوع.

المعارضة: موقف دمشق "خدعة"

وعن رد المعارضة السورية على موقف دمشق، اعتبر رئيس أركان الجيش السوري الحر سليم إدريس أن الترحيب السوري بالمبادرة الروسية "كذب" و"خداع".

وحذر إدريس في تصريحات إعلامية الأميركيين من الوقوع في "شرك الخديعة والتضليل". وقال "نطالب بالضربات، نطالب بالضربات، ونقول للمجتمع الدولي هذا النظام كذاب وبوتن يعلمهم الكذب. بوتين أكبر كذاب".

بريطانيا ترحب وتحذر

من جهته، رحب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين بالاقتراح الروسي وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت إشراف دولي لتجنب عملية عسكرية أميركية.

وقال كاميرون "إذا كان الأمر كذلك فإنه سيكون موضع ترحيب كبير"، مضيفا "إذا كانت سوريا ستضع أسلحتها الكيماوية خارج الاستخدام، تحت إشراف دولي، فمن الواضح أن هذا الأمر سيكون خطوة كبيرة إلى الأمام ويجب تشجيعها".

وأضاف "أعتقد أن علينا التنبه إلى ألا يكون ذلك سياسة إلهاء للدفع إلى مناقشة أمر آخر غير المشكلة المطروحة على طاولة البحث. ولكن إذا كان ذلك عرضا صادقا فيجب النظر إليه بصدق".

خطة لتدمير الكيماوي

من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاثنين في محاولة لمساعدة مجلس الأمن الدولي في التغلب على "شلل محرج" أنه قد يطلب من المجلس مطالبة سوريا بنقل مخزوناتها من الأسلحة الكيماوية إلى مواقع سورية حيث يمكن تخزينها بأمان وتدميرها.

وقال بان الذي تحدث للصحفيين في نيويورك إنه قد يطلب أيضا من المجلس المؤلف من 15 دولة أن يطالب سوريا بالانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية التي لم توقع عليها دمشق قط.