أحمد عز، أو "الطفل المعجزة" كما يسميه الجمع الغفير من منتقديه في مصر، بدأ رحلة صعود صاروخية إلى قمم السياسة والمال ليهوى بسرعة أقصى من فلك السلطة وبريقها إلى ظلمة السجون.

ويحاكم عز الاثنين بتهمة الاستيلاء على أسهم شركة الدخيلة للحديد والصلب، المتهم فيها مع وزير الصناعة الأسبق إبراهيم محمدين، و5 من مسئولى الشركة، بالتربح بغير حق، والإضرار بالمال العام فى تحقيق مبالغ مالية تقدر بـ687 مليونا و435 ألف جنيه مصري.

ولد أحمد عز عام 1959 من أب مصري، هو اللواء عبد العزيز عز الذي كان ضابطا في الجيش، ولأم من أصل فلسطيني هي عفاف حلاوة من عائلة ميسورة من قطاع غزة.

وعندما بزغ نجم عز وازداد السخط الشعبي له، حرف أعداؤه هذه الأصول متهمين إياه بأن والدته يهودية، وبالتالي لا يجوز عمله في السياسة المصرية.

وكان عز متفوقا منذ طفولته في الدراسة، حيث التحق بإحدى أعرق المدارس الإنجليزية الخاصة في مصر في فترة الستينيات، وكان منذ صغره معتدا ومزهوا جدا بنفسه.

واعتبره والده خليفته في تجارته، فعرفه منذ صغره على أعماله وأشركه في إدارتها على عكس شقيقه الأكبر أشرف، ومنذ أن كان طالبا مدرسيا كان ينغمس في أعمال منفذ البيع الذي يملكه والده في حي السبتية الشعبي بوسط القاهرة.

والده اللواء عبدالعزيز عز كان ضابطا بالجيش المصري وخرج منه في أعقاب نكسة 1967 فيما عرف وقتها بـ"حملة التطهير"، على الرغم من عدم اتهامه بأي مسؤولية في الهزيمة.

صداقة والده بالرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، جعلت الزعيم العربي يمنحه - بعد تسريحه من الجيش - حصة توزيع حديد تصل إلى 40 طنا شهريا، وهي حصة كبيرة قياسا باحتياجات السوق آنذاك، وكذلك حصة توزيع أنابيب كان يتولى توريدها إلى الجيش المصري.

وساهمت هذه التجارة في تحقيق معدل رفاهية فوق العادة لأسرة عز، في هذه الفترة التي كانت تسودها القوانين الاشتراكية في مصر.

وفي فترة السبعينيات وأثناء دراسته في الجامعة، كون أحمد عز فرقة "طيبة" الموسيقية مع، أصدقائه حسين الإمام ومودي الإمام وآخرين، ليقدموا أغاني عربية على موسيقى غربية، وكان عز يدق الـ"درامز"، وهو ما حرف أيضا فيما بعد ليتهمه أعداؤه بأنه عمل "طبالا لراقصة شرقية".

منذ ذلك الوقت كان عز يؤكد أنه لن يستمر في العزف، لأن طموحه المادي والاجتماعي يفوق ذلك كثيرا.

وفي عام 1982، وبعد تخرجه بعدة أشهر من كلية الهندسة جامعة القاهرة، تزوج عز من حب طفولته الشريفة خديجة ياسين ابنة نقيب الأشراف أحمد ياسين، وله منها ابنتان هما ملك وعفاف، وعملت عفاف بإحدى الشركات المالية الدولية العظمى في لندن حتى طالبها والدها بالعودة إلى مصر لإدارة إحدى شركاته كبداية لخلافته في مباشرة أعماله.

في عام 1983 ألقي القبض على الكثير من تجار الحديد المصريين فيما عرف وقتها بقضية "الحديد المغشوش"، ولم يكن عبد العزيز عز منهم ما أتاح له طرح مخزونه من الحديد في السوق المتعطش له، وبدأت ثروة العائلة تتضخم.

وأسس أحمد عز شركة الجوهرة للسيراميك لتصبح إحدى رواد هذه الصناعة في مصر وإحدى مجموعة شركات عز الصناعية، التي ضمت شركة عز لصناعة حديد التسليح وعز لمسطحات الصلب ومصنع البركة وخاصة عز الدخيلة للصلب، والتي ابتاعها بعد أن حققت خسائر كبيرة اتهم بأنه تسبب فيها عندما تولى الإشراف عليها، ليتمكن من الاستحواذ عليها بثمن بخس.

في هذه الأثناء ارتبط أحمد عز بعلاقة عاطفية بالسكرتيرة الخاصة به "عبلة"، ولم يعلن زواجه منها إلا بعد عدة سنوات وبعد إنجابها لولده الوحيد الذي أعطاه نفس اسمه "أحمد أحمد عز".

في بداية التسعينيات بدأ أحمد عز يظهر بصورة خجولة في دائرة رجال الأعمال المحيطين بجمال ابن الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك، والذي كان نجمه قد بدأ يبزغ في مجال السياسة وإدارة الأعمال.

منذ ذلك الوقت تلازم صعود أحمد عز ونفوذه وثروته مع صعود جمال مبارك وزيادة تدخله في سياسة البلاد، لا سيما بعد أن عين نجل الرئيس أمينا للجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم آنذاك، وعين عز أمين تنظيم الحزب واختير رئيسا للجنة الميزانية بمجلس الشعب المصري.

وعرف عز بأنه "مهندس مشروع توريث الحكم من مبارك إلى جمال" فأصبحت هناك علاقة مطردة بين تنامي نفوذ عز وزيادة البغض الشعبي له.

ولعب اعتداد عز بنفسه واقتناعه برجاحة رأيه على آراء الأخرين دورا كبيرا في انعدام شعبيته، فضلا عن سلوكه التجاري واتهام المعارضة له باستغلال قربه من نجل الرئيس للحصول على قروض ضخمة واحتكاره لتجارة الحديد في مصر.

وفي عام 2010 اعتبرت حركة مواطنون ضد الغلاء أن "أحمد عز هو العدو الأول للمستهلك المصري" واتهمته المعارضة باستحواذه على أكثر من 60 % من حصة السوق من الحديد وبالتسبب في رفع سعره بنسبة 70 %، واتهم بالفساد واستغلال النفوذ وتكوين ثروة تزيد عن 50 مليار جنيه مصري.

في عام 2005 قاد حملة إعادة انتخاب مبارك لفترة رئاسية خامسة كما قاد حملة انتخابات مجلس الشعب 2010 والتي اتسمت بإلغاء إشراف القضاء عليها بإيعاز منه وسبقتها تعديلات دستورية قالت المعارضة عنها أن "عز وضعها لتخدم خطة توريث الحكم لجمال".

واعتبرت هذه الانتخابات التي كان نجاح المعارضة فيها شبه معدوما من الأسباب الرئيسية في قيام ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بمبارك.

في سبتمبر من عام 2007 عقد أحمد عز قرانه على شاهيناز النجار، العضو بمجلس الشعب المصري لتصبح الزوجة الثالثة على ذمته.

وفي 29 يناير 2011 وفي خضم الاحتجاجات التي كان استبعاده جزءا أساسيا من مطالبها، استقال عز من الحزب الوطني لامتصاص بعض الغضب الشعبي.

لكن ذلك لم يجد وتزايدت وتيرة الاحتجاجات، وفي 3 فبراير صدر أمر النائب العام بتجميد أرصدة عز ومنعه من السفر، وفي 18 فبراير وبعد أسبوع من تنحي مبارك عن الحكم، اعتقل أحمد عز.

وفي سبتمبر 2011، قضت محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة كل من أحمد عز وعمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية بالسجن المشدد 10 سنوات حضوريا، مع تغريمهما مبلغ 660 مليون جنيه.