برزت مدينة داريا، القريبة من دمشق خلال الاحتجاجات التي اندلعت في سوريا منذ الخامس عشر من مارس 2011، غير أن المجزرة الأخيرة التي وقعت فيها وراح ضحيتها أكثر من 242 شخصاً وضعتها في واجهة الأحداث.
فقد أكد ناشطون العثور على 242 جثة في المدينة، بينها 156 جثة عثر عليها في جامع المدينة، كما بث ناشطون صوراً على الإنترنت تظهر جثثا لأشخاص أعدموا داخل المسجد رمياً بالرصاص.
وقالت لجان التنسيق المحلية إن 13 جثة تخص نساء أعدمن ميدانياً، فيما أشار ناشطون إلى وجود عدد آخر من الجثث في أماكن يحول القصف على داريا والقناصة فيها دون انتشالها.
وكان نشطاء معارضون قالوا الجمعة إن قوات سورية مدعومة بالدبابات دخلت وسط داريا على الطرف الجنوبي الغربي لدمشق بعد قصف بري وجوي مكثف بالطائرات المروحية المقاتلة استمر ثلاثة أيام، وفي الأثناء انسحب أغلب مقاتلي الجيش السوري الحر الذين كانوا يدافعون عن وسط المدينة.
الموقع والاسم
تقع داريا في الغوطة الغربية، على بعد 8 كيلومترات عن العاصمة السورية دمشق، وهي أكبر مدن الغوطة الغربية.
والمدينة التي تحمل اسماً سريانياً، بمعنى البيوت الكثيرة، تقع بالقرب من حي المزة الدمشقي ومدينة معضمية الشام، التي كانت محور اشتباكات واسعة النطاق خلال الأسبوع الثالث من شهر أغسطس الجاري.
يقدر عدد سكان مدينة داريا، التي يعود وجودها إلى أيام وجود دمشق ذاتها، بحوالي 155 ألف نسمة بحسب إحصائيات العام 2007، بينما تقدرها مصادر أخرى بنحو ربع مليون نسمة.
داريا.. المعركة
شهدت داريا على مدى تاريخها العديد من الأحداث التاريخية الفاصلة، وتعرضت للحرق والدمار غير مرة، لكنها استمرت في الوجود برغم كل ذلك.
إلا إن الحدث الأبرز في تاريخها الحديث هو ما سمي لاحقاً بمعركة داريا الكبرى، التي وقعت إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا.
ففي عام 1926، تدفق على المدينة بعض قادة الثورة السورية، ومن بينهم الأمير عبدالقادر الجزائري والشيخ محمد حجازي، وبلغ عدد المجاهدين حينها حوالي 55 مجاهداً، من بينهم بعض أبناء المدينة.
وفي الثاني عشر من أكتوبر، 1926، وقعت اشتباكات بين المجاهدين والقوات الفرنسية، وفقاً لما ذكرته موسوعة {ويكيبيديا}.
الانتفاضة
بعد 10 أيام على اندلاع الاحتجاجات في سوريا، وتحديداً في الخامس والعشرين من مارس 2011، وقعت احتجاجات في مدينة داريا، وأطلقت قوات الأمن السورية النار على المتظاهرين فقتل 7 أشخاص، ومنذ ذلك التاريخ استمرت الاحتجاجات في المدينة بشكل شبه يومي.
في أوائل العام 2012، بدأت مظاهر الوجود المسلح تنتشر في داريا مع انتشار عناصر من الجيش السوري الحر في المدينة، إلى أن تطورت الأمور ميدانياً، وخصوصاً في أعقاب معركة دمشق.
وتتمركز في داريا كتيبة سعد بن أبي وقاص، وهي إحدى كتائب لواء أنصار الإسلام الذي يضم معظم كتائب دمشق وريفها.
شخصيات معارضة
من أبرز الأسماء من مدينة داريا، التي ظهرت خلال الانتفاضة في سوريا، الناشط السياسي غياث مطر، الذي اعتقل في السادس من سبتمبر 2011، إثر كمين لقوات الأمن السورية، وبعد أربعة أيام من اعتقاله، تم تسليم جثمانه إلى أهله بعد أن قضى تحت التعذيب في سجون النظام.
ومن بين الشخصيات المعارضة من أبناء داريا أيضاً، رضوان زيادة العضو في المجلس الوطني السوري، والناشط يحيى شربجي، المعتقل حاليا، الكاتب والصحفي إياد شربجي.