قالت مصادر أمنية أمريكية وأوروبية إن تقييما مبدئيا لأجهزة المخابرات الأميركية وأجهزة مخابرات متحالفة معها يشير إلى أن قوات الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيماوية لمهاجمة منطقة قرب دمشق هذا الأسبوع وإن الهجوم حصل على الأرجح على موافقة من مسؤولين كبار في حكومة الرئيس بشار الأسد.
لكن المصادر التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها حذرت من أن التقييم مبدئي وقالت إنهم في الوقت الحالي لا يزالون يبحثون عن أدلة قاطعة.
يأتي ذلك بينما تعهد الائتلاف السوري المعارض الجمعة خلال اجتماع في اسطنبول ضمان أمن مفتشي الأمم المتحدة في المواقع التي تعرضت لهجمات مفترضة بالأسلحة الكيماوية قرب دمشق والتي اتهم المعارضون النظام السوري بالوقوف وراءها.
وقال الأمين العام للائتلاف بدر جاموس خلال مؤتمر صحفي في إسطنبول "نحن مصممون على مساعدة مفتشي الأمم المتحدة في التوجه إلى كل المواقع التي تم فيها استخدام أسلحة كيماوية ضد مدنيين"، وذلك في تصريحات نقلها عنه المتحدث باسم الائتلاف خالد صالح.
وأضاف "سنوفر أمن فريق مفتشي الأمم المتحدة، لكنه من الأساسي أن يتمكن هذا الفريق من التوجه خلال 48 ساعة إلى المنطقة التي تم استهدافها. الوقت يمر".
وفي وقت سابق الجمعة، دعت روسيا حليفة النظام السوري، مقاتلي المعارضة إلى "ضمان" وصول فريق الخبراء إلى مواقع الهجمات الكيماوية إثر وصولهم الأربعاء إلى سوريا للتحقيق في الاتهامات باستخدام أسلحة كيماوية خلال النزاع السوري، كما دعت إلى الحكومة إلى التعاون من المحققين.
وأشار صالح إلى أن "المعلومات التي قدمها الروس غير دقيقة"، نافيا أي تردد من جانب مقاتلي المعارضة في السماح لفريق الأمم المتحدة بالتفتيش في مواقع الهجمات.
عينات بشرية
من جهة أخرى قال ناشطون سوريون إنهم جهزوا عينات من أنسجة بشرية لضحايا الهجوم قرب دمشق، وإنهم يحاولون إيصالها إلى فريق مفتشين تابع للأمم المتحدة ينزل في فندق قريب من موقع الهجوم.
وقال الناشط أبو نضال متحدثا من بلدة عربين التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة إن فريق الأمم المتحدة تحدث مع المعارضة، ومنذ ذلك الوقت جهزت عينات من الشعر والجلد والدم، وهربت إلى دمشق مع أشخاص موضع ثقة.
وقال عدد من الناشطين تحدثوا مع وكالة "رويترز" إنهم بدورهم أعدوا عينات لتهريبها إلى العاصمة السورية، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى فريق المراقبين داخل فندقهم.
ووقع هجوم الأربعاء في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام الخاضعتين لسيطرة مقاتلي المعارضة والواقعتين في الضاحيتين الشرقية والغربية لدمشق، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا.
وقدمت المعارضة الأربعاء حصيلة من 1300 قتيل متهمة النظام بشن هذا الهجوم بالأسلحة الكيماوية. ونفت السلطات السورية الاتهامات باستخدام هذا النوع من الأسلحة.
دعوات للتحقيق
ودعا الرئيس الأميركي باراك أوباما حكومة الأسد إلى السماح بإجراء تحقيق شامل. وقال: "ما رأيناه يشير الى أن هذا حدث جلل ومثار قلق بالغ".
وصرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن الحكومة البريطانية تعتقد أن حكومة الرئيس بشار الأسد تقف وراء الهجوم الكيماوي.
وقال هيغ في تصريح للتلفزيون "نعتقد أنه هجوم كيماوي شنه (نظام الأسد) على نطاق واسع، لكننا نود أن تتمكن الأمم المتحدة من التحقق من ذلك".
وأضاف أن "التفسير الوحيد الممكن لما شاهدناه هو أنه هجوم كيماوي"، موضحا "أن لا تفسير آخر معقولا من جراء هذا العدد الكبير من الضحايا في منطقة صغيرة".
ودعت وزارة الخارجية الصينية، من جهتها، كل الأطراف إلى عدم استباق الحكم في نتائج أي تحقيق يجريه خبراء الأسلحة الكيماوية التابعين للأمم المتحدة.
السويد "شبه متأكدة"
من جهة أخرى صرح وزير الخارجية السويدي كارل بيلت أنه شبه متأكد من أن سوريا استخدمت أسلحة كيماوية في قصف على مدنيين قرب دمشق.
وقالت متحدثة باسم مبعوث الجامعة العربية، والأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي، إنه يعتقد أن الهجوم الكيماوي المزعوم في سوريا يجب أن يسرع مسألة الإعداد لعقد مؤتمر دولي للسلام في جنيف.
والمقصود بجنيف 2 اجتماع متابعة للقاء وزاري عقد في المدينة السويسرية يوم 30 يونيو 2012 تحت رئاسة كوفي عنان، سلف الإبراهيمي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعتبر أن استعمال أسلحة كيماوية في سوريا، في حال تأكد، سيشكل "جريمة ضد الإنسانية" وسيكون له "نتائج خطيرة".