قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إن هناك تقدما في المحادثات لإطلاق حوار شامل في تونس. وأضاف الغنوشي، عقب لقاءه الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، أنه "طرح جملة من الافكار والمقترحات" على قيادة كبرى النقابات العمالية في البلاد التي ستدير بدورها حوارا مع عدد من الأطراف السياسية الأخرى.

ويلتقي العباسي، الثلاثاء، قادة المعارضة التونسية قبل أن يجتمع مجددا بقياديي حركة النهضة، الأربعاء.

وكان الشارع التونسي أفاق، الأحد، على وقع مفاجأة كبرى تمثلت في الكشف عن لقاء سري جمع الغنوشي وزعيم حركة نداء تونس، الباجي قائد السبسي، في باريس.

وكان الحزبان، قبل هذا اللقاء، في قطيعة تامة، غذاها تبادل للاتهامات، في إطار استقطاب ثنائي حاد. وبينما اكتفت حركة النهضة بوصف اللقاء "بالإيجابي والصريح"، تداول قياديون من حركة نداء تونس على وسائل إعلام محلية القول إن "قائد السبسي عبر للغنوشي عن تمسكه بموقف جبهة الإنقاذ - ائتلاف لأحزاب المعارضة الرئيسية من بينها الجبهة الشعبية ونداء تونس - الداعي لتشكيل حكومة إنقاذ وطني غير متحزبة ومحدودة العدد، تتولى الإشراف على بقية مراحل الفترة الانتقالية حتى الانتخابات المقبلة، مع مراجعة التعيينات في المناصب المهمة بالدولة".

واختلفت ردود الفعل على شبكات التواصل الاجتماعية بين مستهجن وساخر ومبارك للقاء الغنوشي وقائد السبسي، بعد أشهر من حرب إعلامية طاحنة بين الطرفين.

تحفظات المعارضة على الحوار

ودخلت قوى سياسية أخرى على الخط لتأخذ نصيبها من الجدل الذي أثاره اللقاء، واتهم عضو قيادة حزب العمال، أحد أهم مكونات الجبهة الشعبية، عبد المؤمن بالعانس، حركة النهضة بمحاولة كسر جهود التقارب داخل المعارضة التونسية.

وقال بالعانس لـ"سكاي نيوز عربية" إن "النهضة تشعر بالعزلة، خصوصا بعد النجاحات التي حققتها جبهة الإنقاذ بتحركاتها الأخيرة"، وأضاف أنّ اللقاء بين الغنوشي وقائد السبسي "يهدف إلى كسر التقارب بين نداء تونس والجبهة الشعبية، وحفاظ النهضة على ماء الوجه بعد فشل الحكومة وإصابة المجلس التأسيسي بالشلل".

ومع تغيير النهضة موقفها إزاء إشراف الاتحاد العام التونسي للشغل على حوار وطني، تبقى المعارضة حذرة. ويذكّر بالعانس بأنّ الحزب الإسلامي "رفض في السابق المشاركة في الحوار الذي دعا إليه الاتحاد بل وسعى لإفشاله". وأوضح أنّ "على النهضة أن تقرّ بفشل الحكومة وحلّها، والتفكير مع جميع الأطراف باتجاه تشكيل حكومة إنقاذ وطني لا يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة".

حذر لدى حلفاء النهضة

ولا ترفض النهضة لوحدها  شروط الحوار التي عدّدها بالعانس. فحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الضلع الثاني في الائتلاف الحكومي، يرى أنّ "الحوار يجب أن يسبق حلّ الحكومة".

ويقول الأمين العام للحزب، عماد الدايمي، إنّه يدعم حوارا يقوده رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي والمجتمع المدني مُمثّلا بالاتحاد العام التونسي للشعل، على "ألاّ تكون بداية الحوار مشروطة بحلّ الحكومة".

وأضاف الدايمي لـ"سكاي نيوز عربية" أن "المؤتمر من أجل الجمهورية يقبل مشاركة جميع الأطراف دون شروط مسبقة" لكنّه أوضح أنه يؤيد "حكومة وحدة وطنية تحقق أهداف الثورة وتجمع بين مكوناتها حدود دنيا من نقاط الالتقاء".

ورفض الدايمي التعليق على لقاء الغنوشي بقائد السبسي مكتفيا بالقول إن "اللقاء لا يخصّ سوى من شارك فيه" وإنّ هناك أطرا أخرى تجتمع فيها أحزاب الائتلاف الحاكم.

بين النهضة ونداء تونس

ولئن يحاول شركاء النهضة في الحكم وحلفاء نداء تونس في جبهة الإنقاذ التقليل من شأن لقاء باريس فإنّ فرضية تجاوز الحزبين بقيّة القوى السياسية والمضي قدما في تشكيل حكومة ائتلافية أو على الأقل التقارب على أكثر من ملف خلافي لم يعد مستبعدا.

وكتبت المعارضة الشهيرة لنظام بن علي، نزيهة رجيبة المعروفة بكنية أم زياد، على صفحتها الشخصية على موقع فيسبوك تقول "إنّ في تونس رأسين لا ثالث لهما" في إشارة للغنوشي وقائد السبسي.