أبدى اللبنانيون تخوفهم من تداعيات أحداث سوريا على المشهدين السياسي والأمني في هذا البلد الصغير منذ البداية، إلا أن وتيرة الأحداث تسارعت بشكل مفاجئ خلال الساعات الماضية.

وقطع محتجون طريق مطار بيروت الدولي بعد أنباء تناقلتها وسائل إعلام محلية عن مقتل عدد من المخطوفين اللبنانيين الـ 11، في الغارات التي استهدفت مدينة أعزاز القريبة من الحدود التركية مع سوريا.

وترافق هذا التطور مع إعلان عشيرة آل المقداد عن اعتقال مجموعة من المنتمين إلى الجيش السوري الحر الموجودين في لبنان، ردا على خطف الجيش الحر حسان المقداد في دمشق.

وفي وقت لاحق، أعلنت العشيرة عن خطف مواطن تركي وعرضت هوية المخطوف عبر وسائل الإعلام التي تثبت جنسيته، فيما دعت بعض السفارات الخليجية في لبنان مواطنيها إلى مغادرة الأراضي اللبنانية "فورا"، وخصوصا بعدما أثير عن تهديد عشيرة المقداد باستهداف الرعايا القطريين والسعوديين والأتراك في حال لم يطلق سراح ابنها من سوريا.

إلا أن العشيرة نفت صحة هذه الأنباء، وقال متحدث باسمها إن الخليجيين "أصدقاء وأخوان"، و"لا صحة لما أثير في وسائل الإعلام".

فمن هي هذه العشيرة؟ وهل هي فعلا قادرة على تغيير المعادلة في الساحة اللبنانية؟

تعود أصول عشيرة المقداد إلى اليمن، وتتحدر من سلالة الصحابي المقداد الأسود الكندي.

استقرت عائلات العشيرة في منطقة جبيل شمالي لبنان وبعلبك في شرقه في القرن التاسع عشر، قبل أن تتوزع على عدد من المدن والقرى اللبنانية الأخرى مع مرور السنين.

وتحول هؤلاء الذين بدلوا أماكن سكنهم من المذهب الشيعي إلى السني والمسيحي، بحسب المناطق التي انتشروا فيها.

ولدى عشيرة المقداد التي حافظت على تماسكها العشائري، تجمعات سكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت وأطرافها، بعد نزوح العائلات بسبب الحرب الأهلية والظروف المعيشية الصعبة التي واجهت هذه العشيرة في مناطق سكنها.

ولتلك لعشيرة رابطة عائلية تضم عائلات لاسا في جبيل ومقنة في بعلبك، وهي أشبه بمجلس عشائري لحل أزمات العشيرة التي ما زالت متمسكة بالعادات العشائرية القائمة على الأخذ بالثأر الذي يورث لأجيال.

وتفاخر عشيرة المقداد بعلاقاتها مع امتدادات العائلة الطائفية والمذهبية المتنوعة في لبنان، وتقول إنها على علاقة جيدة بآل المقداد في سوريا.

ومن يعرف الضاحية الجنوبية لبيروت يدرك تماما قوة هذه العائلة في منطقة الرويس وحارة حريك وبرج البراجنة المعروفة بأنها قلعة حزب الله المحصنة.

ولآل المقداد خلافات عديدة مع الأحزاب السياسية المهيمنة على الضاحية، والتي يفضلون عليها تضامنهم العشائري، وتحولت تلك الخلافات إلى صراعات مسلحة خلال فترات معينة من الحرب الأهلية اللبنانية.

أما الآن وبعد التطورات على الأرض، فقد تبين بحسب تصريحات الناطقين باسم العشيرة أن لديها جناحا مسلحا وأمانة سر، ما دفع بعض السياسيين اللبنانيين إلى الإعلان أن هناك طرفا ثالثا يستخدم العشيرة لتعكير الأجواء السياسية والأمنية في لبنان، فيما تشدد العشيرة على أنها مدركة لهذا السيناريو وأنها لن تنساق وراء ما يحاك هنا أو هناك، وأن مطلبها الوحيد هو إطلاق سراح ابنها المعتقل في سوريا.