في الوقت الذي تستعد حكومة "الإنقاذ" السودانية، للاحتفال بعيدها الثالث والعشرين، يشهد الشارع السوداني احتجاجات واسعة على خلفية القرارات التقشفية التي أصدرها الرئيس عمر البشير، وتطورت شعارات الشارع الغاضب من رفع الدعم عن المحروقات ومن ثم زيادة أسعارها، إلى المناداة بإسقاط النظام.

وكان الرئيس السوداني، أعلن عن حزمة من الإجراءات الهادفة لإصلاح الاقتصاد من بينها إعادة هيكلة الدولة وتخفيض عدد كبار موظفي الحكومة والمستشارين، وتقليص الجهاز التنفيذي الاتحادي والولائي، ولكنه رسم صورة قاتمة بعض الشيء عن الوضع الحالي، بتأكيده على وجود فجوة كبيرة بين الصادرات والواردات، ومن ثم رفع الدعم عن المحروقات.

وبدأت الاحتجاجات بمظاهرات طلابية أمام جامعة الخرطوم، ثم توسعت لتشارك فيها شرائح اجتماعية أخرى، وكان بعضها وسط الخرطوم وأخرى في حي الديم بالعاصمة ، وفي مدينة أم درمان، واتسعت رقعتها لتصل مدن كوستي والدويم وبورسودان  والقضارف، حيث أحرق المتظاهرون مقر حزب المؤتمر الحاكم، ولا تزال التظاهرات متواصلة في الخرطوم وغيرها من المدن السودانية.

المعارضة: نذر انتفاضة شعبية
ويرى القيادي في حزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر أن الاحتجاجات التي يشهدها السودان، مرشحة بقوة لأن تفضي إلى انتفاضة شاملة، مؤكدا أن كل الأطياف السياسية والمسلحة في البلاد تعمل على إسقاط النظام على حد قوله.

وأوضح عمر في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" أن التظاهرات الغاضبة لن تتوقف حتى إن تراجع النظام الحاكم عن قرارته التقشفية، مؤكدا أن مطلب الشعب هو رحيل النظام الذي فشل خلال عقدين ونيف في إدارة شؤون السودان وأدى لتقسيم البلاد واشتعال الحرائق في معظم أرجاء الوطن.

ولم يستبعد كمال عمر أن تلجأ الخرطوم إلى تصعيد التوتر مع دولة جنوب السودان أو تأجيج المواجهات في دارفور أو جنوب كردفان، ومن ثم يعلن حالة الطوارئ في السودان، وذلك من أجل إخماد الانتفاضة الشعبية.

وأوضح عمر وهو قيادي في تحالف المعارضة أن  التحالف له مطلب رئيس يتمثل في تنحي حكومة البشير وتكوين حكومة انتقاليه مقابل تحقيق مصالحة وطنية.

بدوره، لم يستبعد رئيس صحيفة التيار عثمان ميرغني، تطور التظاهرات إلى ثورة شعبية مشابهة لما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن، في ظل استمرار خطاب تصعيدي لحكومة تعاني من ضائقة اقتصادية خانقة، انعكست في القرارات التقشفية التي أججت الشارع السوداني.

واستبعد ميرغني في اتصال هاتفي مع "سكاي نيوزعربية"، تراجع الحكومة عن القرارات التقشفية التي أشعلت الشارع ، وهو ما يرشح استمرار التظاهرات وتحولها إلى ثورة شعبية، على حد تعبيره.

الحكومة: محاولات لزعزعة الاستقرار

أما الحكومة  من ناحية  أخرى، فتصف التظاهرات،  بأنها محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي، وبالتالي فإنها ستتعامل معها وفق متطلبات المرحلة والحدث.

ويرى الناطق الرسمي باسم المؤتمر الحاكم بدر الدين الأمين، أن التظاهرات التي تشهدها البلاد، حق شعبي مكفول بالدستور شرط ألا تتحول إلى تخريب وضرر للممتلكات العامة.

وأضاف الأمين في اتصال مع "سكاي نيوزعربية" أن الاحتجاجات جاءت تجاه جمله من المعالجات الإقتصادية التي أصدرتها الحكومة بعد دراسة وافية تهدف في النهاية لإيجاد حل للأزمة الاقتصادية في البلاد.

واستبعد الناطق الرسمي للحزب الحاكم، أن يشهد السودان ثورة على غرار دول عربية مجاورة، بقوله "الشعب السوداني اختار الحكومة من خلال انتخابات حرة ونزيهة وثقته في حكومة كبيرة"، مقللاً من خطورة التظاهرات.


وطالب بدر الدين قوى المعارضة بعدم استغلال التظاهرات العفوية التي تعبر عن حق الشعب بموجب الدستور تجاه قرارات اقتصادية، وأن على المعارضة أن تستعد للانتخابات القادمة.

وكانت الشرطة السودانية أصدرت في وقت سابق بياناً دعت فيه المواطنين إلى "تفويت الفرصة على الداعين إلى البلبلة"، معتبرة أن المظاهرات محدودة للغاية.