لعبت وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك وتويتر ويوتيوب، دورا كبيرا في الثورة المصرية التي انطلقت في 25 يناير من العام الماضي، وأطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك في 18 يوما.

نجاح التونسيين في يناير من العام الماضي في إسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، كان ملهما لشباب مصر وحافزا لاعتماد تويتر وفيسبوك ويوتيوب لتحقيق نفس الهدف.

 
صفحة "كلنا خالد سعيد" على فيسبوك التي كان يديرها سرّا مدير التسويق لدى غوغل، وائل غنيم  بالإضافة إلى ناشطين حقوقيين مصريين، كانت في يناير 2011 منصة حيوية لانتقاد فساد النظام المصري وأجهزته الأمنية ثم اتجهت للدعوة إلى المظاهرات وتنظيمها.
 
اتخذ الناشطون المصريون من تلك الصفحة منصة للتواصل مع بعضهم البعض وطرح ونشر أفكارهم. ثم جاءت الدعوة إلى تظاهرة كبرى في يوم 25 يناير الذي يوافق عيد الشرطة سابقا.
 
وكان لاختيار هذا اليوم معنى بالغ الأهمية ورسالة موجهة خصيصا لوزارة الداخلية والأسلوب القمعي الذي تتبعه. وأراد الناشطون في الوقت ذاته التذكير بانتهاكات الشرطة التي قتلت الشاب خالد سعيد تحت التعذيب في الإسكندرية.
 
ولم تقتصر الدعوات إلى التظاهر على صفحة "كلنا خالد سعيد"، بل اتسعت إلى صفحات أخرى مثل "شباب 6 إبريل". 
 
لكن صفحة "كلنا خالد سعيد" لعبت الدور الأكبر في الحشد للتظاهرات وتسميتها، فقد زاد عدد مشتركيها في شهر يناير فقط 144 ألف مشترك، ووصل اليوم إلى مليون وثمانمائة ألف مشتركا.
 
ويعود الفضل الأكبر في شعبية الصفحة إلى المهارة التسويقية والخبرة التقنية التي عمل بها وائل غنيم، وهذا لا ينكر بالطبع فضل ناشطين آخرين كان لهم دور بارز منهم عبد الرحمن منصور.
 
وبدأ الناشطون المصريون ومستخدمو تويتر حول العالم باعتماد السمة #Jan25 لتمييز التغريدات (تدوينات تويتر) المرتبطة بالثورة المصرية.
 
وساهم الاعتماد على تلك السمة في نشر أخبار مظاهرات ميدان التحرير على تويتر ومن ثم على وسائل الإعلام العربية والغربية، وهنا برز أثر الإعلام الاجتماعي وقوته الفاعلة.
 
ولم يغب دور يوتيوب في الدعوة إلى مظاهرات 25 يناير. فقد نشرت آنذاك الناشطة المصرية أسماء محفوظ فيديو على الموقع ناشدت فيه المصريين الاستجابة لدعوات التظاهر.
 
ووجهت محفوظ رسالتها عبر يوتيوب قائلة: " لو كان لدينا بقية كرامة، وأردنا العيش كأناس عاديين علينا أن ننزل إلى ميدان التحرير في 25 يناير للمطالبة بحقوقنا."
 
أذاعت محفوظ ذلك الفيديو في 18 يناير 2011 وشاهده أكثر من 180 ألف زائر، وعلق عليه المئات.
 
ونجح استثمار كل وسائل التواصل الاجتماعي تلك في حشد مظاهرات مليونية كبرى في ميدان التحرير، وميادين مصرية في مدن أخرى، وبدأت مواجهات المتظاهرين وأجهزة الشرطة وقوى الأمن المركزي، واستمر دور وسائل الإعلام الاجتماعي في تغطية أخبار تلك المواجهات وإيصالها للعالم.
 
وعندما أدرك نظام مبارك خطورة وسائل الاتصال قام بقطع الاتصالات الجوالة والإنترنت، بالإضافة إلى حظر موقع تويتر يوم 28 يناير لعدة أيام.
 
لكن غوغل قررت عندها الوقوف إلى جانب ثوار مصر، وأطلقت خدمة تتيح استخدام تويتر رغم حظره وبدون اتصال بالإنترنت، إذ وفرت رقما هاتفيا ليتصل به المصريون ويتركوا رسائل صوتية تتحول تلقائيا إلى رسالة مكتوبة على تويتر.
 
وبفضل الدور الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام الاجتماعي في إنجاح الثورة المصرية ودور الشباب المصري، اختارت مجلة تايم الناشط وائل غنيم الشخصية الأكثر تأثيرا في العالم في عام 2011.
 
وقال غنيم: " إن تواصل المصريين عبر فيسبوك ساعدهم على شحذ همم الجميع للنزول إلى الشوارع والمطالبة بحقوقهم." 
 
وعبر غنيم في أكثر من مناسبة بعد نجاح الثورة عن رغبته في لقاء مارك زوكربيرغ ليشكره على تأسيس موقع فيسبوك الذي اقترب عدد مستخدميه في مصر فقط من 10 ملايين مشترك.
 
واستمر دور فيسبوك وتويتر ويوتيوب حتى بعد تنحي مبارك في 11 فبراير، فقام المجلس الأعلي للقوات المسلحة الحاكم في مصر بإنشاء صفحة له على فيسبوك للتواصل مع الجماهير. كما أن صفحات عديدة تتداول الآن أسماء مرشحين لرئاسة الجمهورية، وتجري استطلاعات للرأي حول شعبيتهم.
 
ولاتزال صفحات فيسبوك وتغريدات تويتر ومشاهد يوتيوب تزخر بالآراء والحوارات والانتقادات للطريقة التي يدير بها المجلس العسكري مصر، ولا تنقطع مطالبات الناشطين بتسليم الحكم إلى المدنيين، الأمر الذي لم يتم بعد عام كامل من عمر الثورة المصرية.