اعتبر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر الجمعة أن البلاد "تقف عند مفترق طرق وتتجه نحو المجهول" ما لم تتخذ إجراءات "حاسمة وفورية" لوقف انتشار العنف الذي حصد في أربعة أيام أكثر من 200 قتيل.

وأضاف كوبلر في بيان: "أدعو جميع الزعماء الدينيين والسياسيين للاحتكام إلى ضمائرهم واستخدام الحكمة حتى لا يدعوا الغضب ينتصر على السلام"، معتبرا أن قادة البلاد يتحملون مسؤولية "تاريخية في تولي زمام الأمور والقيام بمبادرات شجاعة كالجلوس معا".

وكانت قوات الأمن العراقية استعادت الجمعة السيطرة على ناحية "سليمان بيك" في محافظة صلاح الدين شمالي العراق بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء المظاهر المسلحة في المنطقة، في وقت شهدت بغداد هجمات متفرقة استهدفت مساجد سنية.

وبعد مفاوضات مع شيوخ العشائر المحلية، انسحب المسلحون من المنطقة التي كانوا قد سيطروا عليها الأربعاء الماضي احتجاجا على مقتل عشرات الأشخاص إثر اقتحام القوات العراقية مخيم اعتصام مناهض لرئيس الحكومة نوري المالكي في الحويجة.

وقال قائم مقام قضاء الطوز، شلال عبدول بابان، الجمعة إن "قوات الأمن العراقية بدأت الدخول تدريجيا إلى ناحية سليمان بيك"، مشيرا إلى أن "انسحاب المسلحين جاء بجهود العشائر ومحافظ صلاح الدين أحمد عبد الله عبد، الذين تمكنوا من إخماد الفتنة" حسب تعبيره.

ولفت المسؤول العراقي إلى احتمال وجود سيارات ومنازل مفخخة في المنطقة "لذا يستدعي هذا الأمر جهدا عسكريا خاصا قبل الانتشار في الناحية" الواقعة على طريق رئيسي بين بغداد وإقليم كردستان.

وكان الجيش العراقي أمهل المجموعات المسلحة التي سيطرت على الناحية التي تشمل 28 قرية ويسكنها 30 ألف نسمة معظمهم من التركمان السنة، بعد معارك عنيفة 48 ساعة قبل بدء "تطهير" المنطقة.

"جيش العزة والكرامة"

وأفاد مراسل "سكاي نيوز عربية" في الرمادي أن المعتصمين قاموا خلال خطبة الجمعة، بالمبايعة على تشكيل ما سموه "جيش العزة والكرامة".

وسارت عشائر في مدن عراقية عدة على النهج ذاته في تكوين الجيش الذي يتكون من مئات الشبان العراقيين.

يأتي هذا فيما انتشر مسلحون بشكل كثيف، في محيط ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي، في ظل غياب تام لقوات الأمن في المنطقة.

وأضاف مراسلنا، أن قوات الشرطة انسحبت من محيط وداخل المدينة، تجنبا لأي صدامات مع المعتصمين.

هجمات متفرقة

من جهة أخرى، استهدفت سلسلة هجمات 4 مساجد سنية في بغداد، الجمعة، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص على الأقل وإصابة 50 بجروح، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية وكالة فرانس برس.

وفي مدينة الصدر معقل الشيعة في العاصمة العراقية، انفجرت دراجة نارية بالقرب من مطعم صغير وتسببت في مقتل خمسة أشخاص.

يشار إلى أن أحداث العنف تفجرت في مناطق مختلفة من العراق، بعد اقتحام ساحة الاعتصام المناهض لرئيس الوزراء في الحويجة (55 كلم غرب بغداد) الثلاثاء، حيث قتل 50 مدنيا وأصيب 110 بجروح.

وقتل في العراق منذ الثلاثاء الماضي، 202 وأصيب أكثر من 300 بجروح في هجمات متفرقة، ليرتفع إلى 417 عدد الذين قتلوا في العراق منذ بداية أبريل الجاري، بحسب حصيلة تعدها فرانس برس استنادا إلى مصادر أمنية وطبية.

المالكي يحذر من حرب أهلية

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حذر من عودة الحرب الأهلية إلى بلاده مع انتشار أعمال العنف والاشتباكات في أكثر من مدينة.

وقال المالكي في خطاب تليفزيوني: "أتوجه إلى رجال العشائر والمثقفين والإعلاميين إلى عدم السكوت عن الذين يريدون أن يعيدونا إلى الحرب الأهلية والطائفية".

وأضاف أن "ما يحققه الحوار والتفاهم لن يستطيع أن يحققه الإرهاب.. المطالب الحقة لن تتحقق إلا بالحوار والتفاهم وليس بالإرهاب".

واتهم المالكي تنظيم القاعدة وبقايا حزب البعث العراقي وكذلك أطرافا إقليمية باستهداف بلاده.

وقال :"ليس لنا عدو في الشعب العراقي.. عدونا فقط القاعدة والإرهاب وفلول حزب البعث الذين هم من أشعلوا الفتنة الأخيرة".