حذر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مما وصفه مشاركة حزب الله في القتال داخل سوريا والزج بلبنان واللبنانيين في الصراع الدائر هناك حسب تعبيره.

وفي مقابلة مع سكاي نيوز عربية قال جعجع إن الحزب "يدخل بقواته وعتاده عسكريا في الأزمة السورية ما يشكل خطرا على اللبنانيين"، مضيفا أن "الحزب يزج بلبنان واللبنانيين في أتون من الحرب والنار هم بغنى عنه".

ودعا جعجع المسيحيين في سوريا إلى المشاركة في وضع تصور لسوريا المستقبل بالتعاون مع من وصفهم بالسوريين المسلمين الأحرار المعتدلين، معبرا عن عدم تخوفه من إمكانية وصول إسلاميين متشددين للحكم في سوريا.

وعبر رئيس حزب القوات اللبنانية عن وقوفه "أخلاقيا" مع "ثورة الشعب السوري"، وليس مع بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وينتمي جعجع إلى "قوى 14 آذار" المعارضة لنظام دمشق، في حين يشكل حزب الله المحور الأساسي في تيار "8 آذار" الموالي للأسد وهو الحزب المتهم بدعمه عسكريا في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، الأمر الذي نفاه حزب الله في أكثر من مناسبة.

جعجع متمسك بالانتخابات النيابية

وفي الشأن اللبناني، أكد جعجع أهمية تشكيل حكومة مصغرة مهمتها إجراء الانتخابات النيابية، منبها إلى مخاطر الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومة سياسية لأن ذلك يعني العمل على إلغاء الانتخابات المقبلة حسب تعبيره.

وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان كلف النائب تمام سلام تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي في الثاني والعشرين من مارس الماضي.

كما أعلن جعجع رفضه لأي بيان وزاري للحكومة اللبنانية المقبلة يشمل تغطية ما وصفه أعمال حزب الله الحربية داخل سوريا.

تأليف الحكومة بسرعة دون تسرع

وأكد رئيس حزب القوات اللبنانية أن تأليف الحكومة اللبنانية يسير بسرعة لكن دون تسرع مستبعدا أي تدخلات إقليمية بتشكيلها.

وإذ شدد، في مقابلة خاصة مع سكاي نيوز عربية، على أن "مهمة الحكومة المقبلة إجراء الانتخابات النيابية"، توقع جعجع إجراء الانتخابات "هذا الصيف بأحسن الأحوال والخريف المقبل بأسوأ الأحوال" لافتاً إلى أن القانون الذي يجري التوافق عليه سيكون على قاعدة "القانون المختلط" بحيث أن كل مواطن سيدلي "بثلاثة أصوات: صوت أكثري وآخر نسبي وثالث تفضيلي".

وأشار رئيس حزب القوات اللبنانية إلى أن هذا الأمر سيرتب على وزارة الداخلية تعديل إجراءاتها التحضيرية، ما يرتب تأجيلاً تقنياً عدة أشهر.

واعتبر جعجع "أن كلّ قوانين الانتخاب المطروحة حالياً لا يُعرف من سيكون الفائز فيها، أي أن نتيجتها رمادية باستثناء قانون الدوائر الصغرى"، الذي طرحته القوات اللبنانية ورفض من الأطراف الأخرى.

وحول دعوات قوى 8 آذار إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية سياسية تتمثل فيها القوى وفق أحجامها السياسية، قال جعجع إن هذا الطرح يعني الدخول بمفاوضات تستمر عدة أشهر، مشيراً إلى تجارب الرئيسين السابقين للحكومة نجيب ميقاتي وسعد الحريري اللذين استغرق تشكيل حكومتهما 5 أشهر على الأقل.

وأضاف جعجع قائلاً: "بالتالي من يدعو إلى هذا الطرح لا يريد إجراء الانتخابات النيابية".

وعن البيان الوزاري وما سيتضمنه بشأن دور حزب الله في مقاومة إسرائيل، قال جعجع: "أين هي المقاومة الآن؟ هل هي في القتال في دمشق وحمص وحلب؟ أهكذا تكون المقاومة؟ نحن لسنا على استعداد، ولم نكن يوماً، لتغطية الوجود العسكري لحزب الله في سوريا... كما أنه بالنسبة لنا لا يوجد معادلة "جيش، شعب ومقاومة" بل معادلة "شعب ودولة وجيش".

وتابع قائلاً: "لقد اتفقنا مؤخراً على أن يكون إعلان بعبدا هو البيان الوزاري للحكومة المقبلة".

فيلم إيراني طويل

ولفت جعجع إلى أن عدم قبول حزب الله وحلفائه يعني ذلك "فيلم إيراني طويل لمجرد تضييع الوقت وتمرير مشاريع إيران في لبنان والمنطقة".

ووجه جعجع انتقادات عنيفة لحزب الله بمشاركته في القتال إلى جانب القوات الحكومية السورية، لافتاً إلى أن "دور حزب الله الآن هو مساندة نظام الأسد عسكرياً والحفاظ عليه".

ورأى جعجع "أن مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا أمر غير مقبول على الإطلاق، فحتى حكومتهم لم تستطع إلا انتهاج سياسة "النأي بالنفس"، فانخراط الحزب "بعده وعديده وعتاده يشكل خطراً على الشيعة اللبنانيين الذين لا نستطيع إلا الدفاع عنهم في حال أصابهم مكروه لأنهم لبنانيون مثلنا"، وبالتالي حزب الله يزج لبنان واللبنانيين في "آتون الحديد والنار في الأزمة السورية وبهذا يكون قد أنهى بنفسه أنه مقاومة لأن المقاومة تكون فقط بوجه إسرائيل وليس ضد شعب من الشعوب العربية".

وفي موضوع اللاجئين السوريين، اعتبر جعجع أنها "مشكلة إنسانية كبيرة لا يستطيع لبنان أن يتحملها بمفرده باعتبار أن الأرض اللبنانية ضاقت على قاطنيها ولم تعد البنى التحتية قادرة على تحمُل هذا الكم الإضافي على عدد سكان لبنان في الأصل، لذا أدعو الدولة والمسؤولين إلى إيجاد الحلول لهذه الأزمة بأسرع وقت ممكن".

وفيما لفت إلى أن التأثير السوري لا يزال حاضراً في لبنان من خلال "ملائكة" النظام أو بالأحرى "شياطينه"، أكّد جعجع أن "مصير نظام الأسد هو السقوط الحتمي رغم أن موعد انهيار هذا النظام قد دخل في إطار اللعبة الدولية باعتبار أن إيران وحزب الله وروسيا يُستنزفون في سوريا وطالما هذا الاستنزاف مستمر، فإنه موعد السقوط سيبقى معلقاً، مع العلم ان هذا النظام لم يعد لديه مقومات الاستمرار".

وعن وضع المسيحيين في سوريا، دعاهم جعجع الى عدم ترك أراضيهم ومنازلهم في سوريا وأن يبقوا داخل سوريا وعدم مغادرتها، وطالبهم بتنظيم أنفسهم سياسياً و"عليهم أن يُدركوا أن مرحلة الخمسين سنة الماضية انتهت ويجب البدء بالعمل للوصول إلى سوريا المستقبل، فالمسيحيون يجب ألا يبقوا لا مبالين، بل أن يُساهموا بفعالية وبالتعاون مع باقي السوريين الأحرار والمعتدلين في تطور بلدهم".

وأضاف "لا أتخوف من وصول الحركات المتطرفة الى الحكم في سوريا، لأنها لا تُشكّل إلا نسبة ضئيلة فقط من الحركات والتنظيمات الموجودة على الأرض".

جعجع وصف علاقته بمكونات قوى 14 آذار بـ"الجيدة الى حد بعيد". أما علاقته مع النائب وليد جنبلاط، فقال أنها "غير موجودة اذ لا علاقة مباشرة حالياً ولكننا على استعداد للتواصل معهُ في أي وقت كان" .

ولفت جعجع الى أن "قوى 14 آذار ستتجه الى الانتخابات موحدة".

ستريدا الجميلة صنعت نفسها

وعن رأيه باختيار زوجته النائب في البرلمان اللبناني ستريدا جعجع ضمن لائحة أكثر 10 نساء سياسيات جاذبيةً في العالم، قال جعجع "هذا خبر سار بالنسبة لي بعيداً عن السياسة".

وأضاف أن هذا الجانب الإنساني "لا يمكن التقليل من أهميته وأتمنى أن يكون النجاح مرافقاً دائماً لستريدا في الشأن الحياتي والسياسي لأنها تستحقه بالفعل اذ إنها امرأة صنعت نفسها بنفسها بعكس ما يدّعي البعض، وهذا الأمر هو موضع فخر للقوات اللبنانية ولدور المرأة في الحزب وفي لبنان".