تصاعد التوتر داخل معسكر بورتسودان خلال الساعات الأخيرة بعد اندلاع خلاف علني بين قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وحلفائه من قيادات الحركة الإسلامية المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش وعبر كتيبة البراء بن مالك الإخوانية.
فإثر نفي البرهان وجود عناصر من الإخوان المسلمين أو كوادر الحركة ضمن قواته التي تقاتل منذ أبريل 2023، ردّ الإسلاميون بسلسلة تسجيلات وفيديوهات تؤكد مشاركتهم المباشرة، بل وتؤكد أنهم “اليد العليا” في القتال وأن دورهم محوري في العمليات الجارية.
وفي أحدث التصريحات، قال أحمد عباس، والي سنار الأسبق في عهد البشير، إن "من يديرون الحرب الآن هم الحركة الإسلامية، وإن 75% من المقاتلين الذين يقاتلون مع البرهان هم من الحركة الإسلامية."
وتساءل:"هل ما زال هناك من ينكر أن الحرب في السودان هي حرب الحركة الإسلامية؟"
وعن علاقة الحركة الإسلامية بالجيش السوداني، قال عباس: "نحن لا نعمل في الخفاء… 75% من الذين يقاتلون الآن هم جنود الحركة الإسلامية، وهم موجودون في كل أنحاء السودان."
وأضاف: "لدينا حديث مع الحكومة ولا نخفيه. نحن من نسندها، ونحن من يجلب لها الدعم. وحتى في وقت الأزمات، تأتي علاقاتها الخارجية إلينا ونحن نقوم بحلّها."
وكانت لجنة تفكيك نظام الـ30 من يونيو "الإخواني" التي تشكلت في أعقاب الثورة التي أطاحت بنظام الإنقاذ في أبريل 2019، قد اعتقلت عباس بتهم تتعلق بفساد واسع خلال توليه منصب والي سنار، لكن عباس أكد في حديثه الأخير ان التنظيم لا يزال يسيطر على اقتصاد البلاد.
وتاتي تصريحات عباس في ظل انتقادات حادة وجهت للبرهان بسبب تصريحات أنكر فيها وجود الإخوان في السلطة التي يديرها حاليا، رغم الهيمنة الكبيرة لعناصر الإخوان على كافة مؤسسات الدولة.
لكن، في ظل صعوبة إنكار الوجود الظاهر لعناصر التنظيم في كافة مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية، لم تستطع حتى قيادات الحركة الإسلامية إنكار ذلك، وهو ما عبر عنه القيادي في الحركة عبدالحي يوسف الذي تحدى خلال ندوة في اسطنبول قدرة البرهان على التخلص من الإخوان، وقال: "البرهان اعجز من أن يقضي على الإسلاميين لأنهم موجودون حتى في مكتبه".
ويرى مراقبون أن التصريحات المتصاعدة لقيادات الحركة الإسلامية وتنظيم الإخوان بشأن دورهم في الحرب لا تعد مجرد تثبيت لحضور سياسي، بل تعكس أزمة حقيقية داخل المعسكر الذي يقاتل إلى جانب الجيش السوداني، مع تزايد مؤشرات التوتر بين المؤسسة العسكرية وحلفائها الإسلاميين.
وفي تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، وصف الطيب عثمان يوسف الأمين العام للجنة تفكيك التمكين حديث البرهان بعدم سيطرة عناصر الإخوان على السلطة والخدمة المدنية بأنه حديث يكذبه الواقع، مقدرا سيطرتهم على أكثر من 95 في المئة من مفاصل الدولة حاليا.
وقال يوسف إن المعلومات المتوافرة لديهم تكشف بشكل جلي حجم الجرائم والفساد الذي ارتكبه التنظيم والآليات والطرق التي كان يستخدمها لتمكين عناصره والسيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها المدنية والأمنية والعدلية
ويعتبر محللون أن هذا الجدل العلني غير المسبوق قد يكون مقدمة لتحولات أوسع داخل بنية التحالف العسكري–السياسي الذي يقود الحرب، في ظل تراجع ميداني وضغوط دولية وإقليمية متزايدة على طرفي الصراع.