يشهد المشهد اليمني حراكا متسارعا لإعادة ضبط بوصلة الصراع باتجاه الهدف الذي بات يوصف بأنه المعركة الحاسمة المتمثّلة في استعادة ما تبقّى من مناطق الشمال من قبضة ميليشيات الحوثي.

الدعوات المتنامية لنبذ المعارك الجانبية وتوحيد الجهود العسكرية والسياسية تبدو اليوم أكثر حضوراً، وسط قناعة تتعزّز بأن استقرار الجنوب يبدأ من الشمال، وأن تحييد الخلافات يمثّل المدخل الطبيعي لفتح صفحة يمنية جديدة.

تنسيق رئاسي مشترك.. وتثبيت الأمن في المناطق المحررة

التواصل الهاتفي بين نائبا رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح وعيدروس الزبيدي حمل رسائل سياسية وأمنية واضحة.

الطرفان شددا على ضرورة رفع مستوى التنسيق بين مختلف القوى العسكرية في مواجهة الحوثيين وتنظيم القاعدة، بما يضمن حفظ الأمن في المناطق المحررة وتفعيل مؤسسات الدولة فيها.

الرؤية المشتركة التي عبر عنها الجانبان تنطلق من اعتبار أن استقرار الجنوب يمثل منطلقا عمليا لتحرير الشمال. ومن هنا جاءت الدعوات الصريحة لتجنب أي صراع جانبي من شأنه تشتيت الجهود أو إضعاف الجبهات الرئيسية.

اليمن.. معركة الاستقرار في الجنوب لتحرير الشمال

حلف قبائل حضرموت.. تثبيت المكاسب ورفض العودة إلى الوراء

التحركات الجنوبية لا تنحصر في المستوى العسكري والسياسي فحسب، إذ شهدت مدينة سيئون اجتماعا تشاوريا موسعا لحلف قبائل حضرموت، ضمّ مشايخ ووجهاء المحافظة لمناقشة المستجدات الراهنة وتوحيد المواقف تجاه القضايا المصيرية.

الحلف دعا إلى تعزيز التكاتف حول المؤسسات الحكومية، بما فيها القوات الجنوبية و"النخبة الحضرمية"، بهدف حماية مكتسبات الانتصار وترسيخ الأمن.

رئيس الحلف خالد الكثيري تبنى خطابا حاسما مؤكدا أن إدارة حضرموت – إداريا وأمنياً وعسكريا– ستكون بيد أبنائها، وأن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء. ودعا الكثيري إلى حوار حضرمي شامل يفضي إلى صياغة خارطة طريق تحفظ وحدة حضرموت وتوافق مكوّناتها.

وفي حديثه لسكاي نيوز عربية، شدد الكثيري على أن المحافظة شهدت "أكبر إعادة ضبط للمعادلة منذ سنوات"، لافتاً إلى وجود إجماع واسع بأن "النخبة الحضرمية تمثل صمام أمان حضرموت".

عيدروس الزبيدي وطارق صالح ينسقان لتحرير شمال اليمن من الحوثي

من جهته، أوضح وكيل وزارة الإعلام، أسامة الشرمي، أن الاتصال الأخير جاء لكسر الحواجز الإعلامية المفروضة على المجلس الانتقالي الجنوبي وإبراز دوره الوطني في مواجهة الحوثيين، مؤكدا أن القوات الجنوبية، سواء في حضرموت أو المهرة أو في الجبهات الأخرى، تشارك يوميا في المعارك المباشرة ضد الميليشيات، وقد حققت انتصارات ملموسة على الأرض.

استقرار الجنوب وضرورته في مواجهة الحوثيين

وأشار الشرمي إلى أن الاستقرار في المحافظات الجنوبية لا يمثل مكسبا محليا فحسب، بل هو شرط أساسي لنجاح أي عملية عسكرية لتحرير الشمال واستعادة العاصمة صنعاء، موضحًا أن السيطرة على الجنوب تمنح أي قوة وطنية ظهرا آمنا وتمنع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.

وأضاف أن القوات الجنوبية ساهمت بشكل مباشر في تحرير الساحل الغربي ومديريات واسعة، مشيرا إلى أن هذه الإنجازات غالبا ما يتم التغاضي عنها في الخطاب السياسي الحالي، الذي يركز على الصراعات الداخلية بين القوى السياسية دون الاعتراف بالدور الجوهري للجنوب.

خطاب سياسي يؤثر على الرأي العام

انتقد الشرمي ما وصفه بالخطاب الإعلامي والسياسي الموجه ضد الجنوبيين، مؤكدا أنه ناتج عن فوبيا الانفصال التي تراكمت على مدار 30 عاما منذ الوحدة اليمنية.

وأوضح أن ميليشيا الحوثي هي الأكثر تأثيرا على الرأي العام في الشمال، وأن القوى السياسية اليمنية لم تبذل جهودا كافية لتوعية الشارع أو إظهار حسن النية تجاه الجنوب.

وأكد الشرمي على ضرورة إدارة حضرموت من قبل أبنائها، مع تعزيز الأمن ومنع أي تدخل خارجي أو من جماعات إرهابية، مشيرا إلى أن الحفاظ على هذه الاستقرار الاستراتيجي يحمي الموارد الحيوية ويمنع استغلالها من قوى محلية أو إقليمية.

رئيس حلف قبائل حضرموت: إدارة المحافظة ستتم عبر آلية تشاورية

الحوثيون والهدنة وتأثيرها على المعركة

لفت الشرمي إلى أن ميليشيا الحوثي استغلت فترة الهدنة منذ عام 2022 لتعيد ترتيب صفوفها، مؤكدا أن التحركات الأخيرة للقوات الجنوبية في محافظات أبين والبيضاء أربكت الحوثيين، ودفعتهم لإعادة التفكير في فتح طرق استراتيجية بين المحافظات، ما يعكس أثر المبادرات العسكرية الجنوبية على خطط الميليشيا.