"لقد زادتني أحداث الكاتدرائية المرقسية عزما وإرادة على البقاء في مصر وشعرت أنا وعائلتي أن واجبنا هو أن نبقى على أرضنا وندافع عن وجودنا".

هكذا وصفت سحر سربانة حبيب شعورها عندما شهدت استهداف مقر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم الأحد من قبل مجهولين بالطوب والرصاص ومن قبل الشرطة بالغاز المسيل للدموع في اشتباكات أوقعت قتيلين والعديد من الجرحى على خلفية تشييع جنازة أقباط قتلوا في أحداث طائفية خارج القاهرة.

سحر هاجرت إلى الولايات المتحدة عام 2006، وعلى عكس الكثيرين عادت إلى مصر عام 2012 بعد تنامي نفوذ القوى الإسلامية وحصول حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والسلفيين على أغلبية مقاعد مجلسي الشعب والشورى.

"أبدا، لم أندم إطلاقا. لا أنا ولا أولادي أو زوجي شعرنا بذرة ندم على ترك أميركا والعودة إلى مصر"، تؤكد سحر لسكاي نيوز عربية.
"هنا بلدنا، هنا كنيستنا، هنا جذورنا وهنا الصلاة بلغة القلب. لم نجد هذا في أي مكان آخر".

تحكي عن اليوم الذي اتخذت فيه هي وزوجها شريف وابنها دانيال، 17 سنة، وابنتها أنا، 15 سنة، قرار العودة بعد 7 سنوت في المهجر.
"جئنا إلى مصر في عطلة وذهبنا ليلة رأس السنة لحضور القداس المقام في كنيسة قصر الدوبارة حيث تجمع داخلها وخارجها الآلاف من المسلمين والمسيحيين احتفالا بأول بداية للعام بعد ثورة 25 يناير، ثم ذهبنا بعدها إلى ميدان التحرير حيث كان عشرات الآلاف يحتفلون أيضا".

وتستطرد "في هذه الليلة أخذ أولادي القرار بالعودة مؤكدين أن مصر هي بلدهم وأنهم لا يريدون العيش في مكان آخر".
كنيسة قصر الدوبارة استخدمت كمستشفى ميداني أثناء ثورة يناير 2011 واعتبرت هي وجامع عمر مكرم القريب رمزا للوحدة الوطنية حيث كانا يعتبران ملجأ للثوار دون تمييز بين مسلم ومسيحي.

تؤكد سحر أنه حتى يوم أحداث الكاتدرائية، القريبة من منزلها، لم يفكر أحد في الرحيل.
"كنا نسمع صوت طلقات الرصاص والخرطوش وقنابل الغاز المسيلة للدموع. انزعج أولادي وقلقنا، لكن لم يطالب أحد منهم بالمغادرة بل بالعكس ازددنا صلابة وشعور بضرورة البقاء على أرضنا ولندافع عن وجودنا"

لكن العزم على البقاء لم يمنع الشعور بالمرارة "خاصة بعد صدور بيانات وتصريحات من وزارة الداخلية ومن مسؤولين من التيار الإسلامي يلقون على الأقباط بمسؤولية الأحداث".

"ملأني إحساس بالغضب الشديد في أول يومين وكنت أبكي وأنا أسير في الشارع ولكن الصلاة وموقف الأنبا تواضروس الثاني القوي وتضامن الكثير من المسلمين جعلني أتخطى هذا الشعور"، حسب سحر.

وكان البابا قد انتقد أداء الرئيس المصري في التعاطي مع أحداث العنف التي وقعت أمام الكاتدرائية .
وقال إن الرئيس محمد مرسي وعده بحماية الكاتدرائية، لكنه لم ينفذ وعده، ووصف سلوك الرئيس بالإهمال وسوء تقدير الموقف". ووصف البابا الأحداث بـ "المؤلمة والمتعبة والغريبة على المجتمع"، وقال: "إن على الدولة أن تحمي الأقباط، ويجب أن يكون هناك تطبيق للقانون وقرار حاسم".

ومن جانبه أكد سكرتير بطريرك الكرازة المرقسية، القمص مكاري حبيب، أن "الكنيسة استاءت من بيان مستشار رئيس الجمهورية (سعد الحداد) بشأن الأحداث الأخيرة، وتحميله المسيحيين مسؤولية الاشتباكات"، مضيفا أنه "لم يغير من هذا الموقف نفي وفد الرئاسة، الذى زار الكاتدرائية، علاقة مؤسسة الرئاسة بهذا البيان".