أسست القوات الأميركية مكتب التعاون الأمني مع العراق وذلك إثر انهيار مفاوضات بين بغداد وواشنطن لابقاء بعثة تدريب أميركية بعد الانسحاب الذي تم نهاية العام الماضي.

ويعمل المكتب مع الجيش العراقي على كل المسائل المتعلقة بالتمرين العسكري، بداء بالتدريب على معدات جديدة مثل ناقلات الجنود المدرعة الاميركية "أم 113" ودبابات "آبرامز أم 1"، ووصولا الى التعليم العسكري.

ويضم مجموعة من 157 من الأفراد العسكريين الذي يعملون تحت سلطة السفارة الأميركية، بدعم من 600 متعاقد مدني غالبيتهم من الجنود المتقاعدين.

وخلال أحد التمارين في القاعدة العسكرية الضخمة في بسماية، يجتاز جنود عراقيون ترافقهم عربات مصفحة سحبا من الدخان الناجمة عن انفجارات قريبة، ثم يتوقفون لتفقد الضحايا، قبل أن يفتحوا النار في منطقة صحراوية جنوب بغداد على قوات عدوة تظهر فجأة أمامهم.

ورغم أن الانفجارات ليست سوى محاكاة لنيران مدفعية، والقوات العدوة هي مجرد أهداف للتدريب العسكري، يشير الغبار المتصاعد من أرض التمرين إلى أن معظم طلقات الرصاص لا تصيب أهدافها.

وفي وقت يقود آمر سرية عراقي الجنود خلال التمرين، يرسم مقاول مدني سيناريو المعركة، حيث يأمر برفع الأهداف وانزالها، وسط أصوات طلقات رشاشات الـ50 ملم المتمركزة فوق عربات الـ"أم 113"، ورشاشات ألـ"أم 16" في أيدي الجنود.

ويمثل هؤلاء المتعاقدون الذين يساعدون الجنود العراقيين أيضا على تحضير المناورات وتقييم التدريبات، طليعة الجهود الأميركية لتدريب القوات العراقية.

ويرى اللفتنانت جنرال، روبرت كاسلن، الذي يرأس مكتب التعاون الأمني، أن "العراف يرتاح لهذا النموذج من العمل، وهو الحصول على تدريبات وارشادات نوعية يحتاجونها بشدة، في ظل تواجد عسكري أميركي رسمي أقل، وفي مقابل انتشار أوسع للمتعاقدين".

ويقول كاسلن لوكالة الأنباء الفرنسية أنه ستكون هناك زيادة في أعداد الجنود الأميركيين المعنيين بهذه التدريبات، بدءا من الصيف المقبل، وهي زيادة من المتوقع أن تتراوح بين 260 و270 جنديا.

وكان إنشاء مكتب التعاون الأمني أمرا محسوما، إلا أنه بات يثير أهمية إضافية، إذ أنه بات المرجع الوحيد للتدريب بعد انسحاب القوات الأميركية بالكامل.

ويوضح كاسلن أنه "في الوقت الذي أصبحنا فيه القوة العسكرية الوحيدة هنا، والتي تملك القدرة على توفير ما يطلبه العراق من تدريب وتثقيف أمني، فإن الطلب علينا يصبح أكبر".

وحسب كاسلن، يتركز عمل الجنود الأميركيين في مكتب التعاون الأمني، على "جلب معدات عسكرية جديدة، والعمل على قضايا التمويل والتنظيم وأمور أخرى من هذا القبيل"، كما أن بعضهم يتأكد من الاجراءات الأمنية ويشرف على التدريب.

وتشكل مسألة توفير تدريبات على نطاق واسع للقوات العراقية، في ظل عدم وجود قوة أميركية كبيرة في العراق، تحديا حقيقيا، إلا أن مكتب التعاون يعتمد طرقا مختلفة للتعامل مع هذه المسألة.

ويشير كاسلن إلى برنامج لتدريب الكتائب العسكرية، حيث "يأتي العسكريون قبل أسبوع من تنفيذ خطة التدريب التي تستمر 60 يوما، لذلك نقوم بتدريب هذا الفريق، وقائد الكتيبة وأفرادها على كيفية اتخاذ القرار العسكري وغيرها من المسائل".

ويضيف "نعمل مع قيادة المنطقة الوسطى الأميركية على القيام بتدريبات مشتركة في المنطقة"، مشيرا إلى تمرين سيجري في مايو المقبل في الأردن، وتشارك فيه القوة الجوية العراقية وقوات مكافحة الإرهاب.

وردا على سؤال حيال الاحتياجات الرئيسية للقوات العراقية، يقول كاسلن "اعتقد أنهم على الطريق الصحيح الآن لتطوير قدراتهم في التعامل مع التهديدات الخارجية من أينما تأتي".

وكان مسؤولون عراقيون وأميركيون على حد سواء، بينهم كاسلن، حذروا في ديسمبر الماضي من ضعف قدرات الدفاع العراقية في مواجهة التهديدات الخارجية، كون العراق ظل يركز طوال الفترات السابقة على التحديات الداخلية.