أثارت أول وثيقة علنية لحركة حماس تصدر باللغتين العربية والإنجليزية لشرح خلفية الهجوم الذي وقع 7 أكتوبر الماضي، عندما اخترق المئات من عناصر الحركة حدود غزة "برا وجوا وبحرا" لتنفيذ عملياتهم، تساؤلات بشأن الأسباب التي دفعتهم لذلك في هذا التوقيت بعد مرور ما يصل لـ 110 أيام على اندلاع الصراع الذي أدخل الشرق الأوسط في توترات متعاقبة.

ويعتقد مراقبون ومحللون سياسيون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن وثيقة حماس جاءت متأخرة بعد أن استجمعت الحركة بعضا من قواها العسكرية والسياسية وسعت لبلورة موقفها لتقديمه إلى المجتمع الدولي، حيث تنظر إلى نفسها كجزء من مستقبل القضية الفلسطينية، وهو ما يتعارض مع الرؤى الأميركية والغربية.

رواية حماس

  • قالت حركة حماس في وثيقتها التي جاءت في 18 ورقة وحملت عنوان "هذه روايتنا.. لماذا طوفان الأقصى؟"، إن هجماتها في 7 أكتوبر بجنوب إسرائيل كانت "خطوة ضرورية" لمواجهة "الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".
  • أشارت الوثيقة إلى أن معركة الشعب الفلسطيني مع إسرائيل لم تبدأ في 7 أكتوبر، وإنَّما قبل ذلك منذ 105 أعوام، حيث عانى الشعب "من كافة أشكال القهر والظلم ومصادرة الحقوق الأساسية، ومن سياسات الفصل العنصري، وعانى قطاع غزة حصاراً خانقاً مستمراً منذ أكثر من 17 عاماً ليتحوَّل إلى أكبر سجن مفتوح في العالم".
  • اتهمت وثيقة حماس الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بتوفير الغطاء اللازم لاستمرار ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين، حيث كان "الفيتو الأميركي الغربي دائماً بالمرصاد ضدّ أيّ محاولة لإلزام تل أبيب بتنفيذ القرارات أو إدانة سلوكها".
  • أوضحت أنه حتى بالنسبة لمسار التسوية السلمية، أكد المسؤولون الإسرائيليون رفضهم القطعي لقيام دولة فلسطينية، وقبل شهر من "طوفان الأقصى"، حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة خريطة لكامل فلسطين التاريخية، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد لُوِّنت كلها بلون واحد وعليها اسم "إسرائيل".
  • اعتبرت حماس أن هجوم 7 أكتوبر "خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يُحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية".
  • أكدت الوثيقة أن عملية "طوفان الأقصى" استهدفت المواقع العسكرية الإسرائيلية، وسعت إلى أسر جنود العدو ومقاتليه، من أجل إطلاق سراح الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في السجون، من خلال عملية تبادل؛ ولذلك تركّز الهجوم على فرقة غزة العسكرية الإسرائيلية، وعلى المواقع العسكرية الإسرائيلية في مستوطنات غلاف غزة.
  • وصفت حماس ما تحدثت عنه إسرائيل حول استهداف مقاتلي حماس لمدنيين إسرائيليين بأنه "محض افتراء وكذب"، مضيفة "ربما يكون قد حدث بعض الخلل.. بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع، وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج" الفاصل.
  • أكدت حماس على أن "الشعب الفلسطيني يملك القدرة والكفاءة في أن يقرّر مستقبله بنفسه"، و"لا يجوز لأحد أن يفرض الوصاية عليه".
  • في ختام الوثيقة حددت حماس 8 مطالب رئيسية بشأن الحرب الراهنة، على رأسها الوقف الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية وفتح المعابر، وإدخال المساعدات، بجانب الوقوف في وجه محاولات تهجير الفلسطينيين ومنع إيقاع "نكبة جديدة" بهم، مع مواصلة الضغوط الشعبية والدولية لـ"إنهاء الاحتلال"، ورفض أيّ مشاريع دولية وإسرائيلية تسعى لتحديد مستقبل قطاع غزة.

أخبار ذات صلة

خارطة طريق أوروبية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
حماس تتحدث عن سبب "طوفان الأقصى".. وتطالب بوقف الحرب
بهجمات إيران ووكلائها.. هل يتسع نطاق العنف في الشرق الأوسط ؟
العدد الحقيقي لأنفاق غزة يصدم الجيش الإسرائيلي

مخاطبة الخارج.. ودور بالمستقبل

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "تلك الوثيقة صدرت متأخرًا بعد مرور 108 أيام على الحرب، لكن يبدو أن حماس فعلت ذلك بعد أن استجمعت قواها وراقبت ردود الفعل على ما يجري حالياً، وفي خضم المناقشات حول مستقبل اليوم التالي للحرب في غزة".

واعتبر الرقب أن الوثيقة حاولت أن تقدم أسباب الوصول إلى "لحظة الانفجار" في 7 أكتوبر، حيث أرجعت ذلك إلى "ممارسات إسرائيل وحصار غزة وفقدان الأمل في مستقبل القضية الفلسطينية، وضغط تل أبيب على الضفة الغربية والقدس، وعدم وضوح الرؤية لحل الصراع بشكل كامل".

وقال إن "الوثيقة حاولت أن توضح أن حركة حماس لا زال لديها أمل في أن تكون جزءًا من الرؤية السياسية المستقبلية في قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن إصدارها باللغة الإنجليزية إلى جانب العربية هدفه الترويج لتلك الرواية في الأوساط الأوروبية ونقل رؤيتها لما جرى في 7 أكتوبر إلى العالم، مضيفًا: "حماس تقدم نفسها لأوروبا على أنها حركة ليست راديكالية للحد الذي يتشدد معه البعض".

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس: "المطالب التي ذكرتها حماس جزء منها هي مطالبة تذكرها دول أجنبية، لكن فكرة أن تبقى حماس جزءًا من الحل أصبح أمر صعب أن يقبل به الإسرائيليين أو الأوروبيين، في الوقت الذي أشارت الوثيقة إلى أن من يحكم غزة هو الشعب الفلسطيني عبر صناديق الاقتراع وهذا أمر طبيعي، وبعد ما حدث وهذا التدمير الكبير سيكون للشعب الفلسطينية رؤية أخرى لمن يحكم القطاع، لأن غزة كمكان تأثر بالحرب وستكون رؤيته مختلفة".

رسائل حماس

الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، قال في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تلك الوثيقة بمثابة رسالة من حماس تهدف إلى تسويق أو تبرير ما قامت به في عملية طوفان الأقصى.

وأشار إلى أن هذه الوثيقة موجهة لمجموعة من الأطراف، أولهم أنصار ومؤيدي حماس داخلياً وخارجيا التأكيد على أن السابع من أكتوبر ليس عملية عبثية كما يتهمها العالم أنها قامت بعملية غير محسوبة، وبالتالي تأتي لتشير لكونها جاءت "في إطار رد طبيعي لشعب محتل ضد الدولة القائمة بالاحتلال" وفق وجهة نظر حماس.

ويعتقد سمير أن الوثيقة كانت موجهة أيضاً لمنتقدي حماس لأن هناك من يتحدث أنه في اليوم التالي لوقف الحرب سوف يكون هناك نقاش حاد داخل الساحة الفلسطينية حول العائد من القيام بمثل هذه الهجمات ورد الفعل عليها من الجانب الإسرائيلي، خاصة أن هناك من يرى أن الخيارات الأخرى ربما تأتي بنتائج أفضل للشعب الفلسطيني على سبيل المثال المفاوضات أو مسار السلام، ومن ثم أرادت حماس الإشارة إلى أنه لم يكن أمامها خيار إلا هذا العمل لوقف ما تقوم به إسرائيل مه إقامة مزيد من المستوطنات والحصار المفروض علي الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أن الرسالة الأخرى من تلك الوثيقة الإشارة إلى أن عملية طوفان الأقصى ليست عملية منفصلة عن التاريخ الفلسطيني أو سبل البحث عن مستقبل القضية الفلسطينية، كما تخطب ود جميع العالم العربي بشأن توجهها.

وأوضح الخبير المتخصص في العلاقات الدولية أن حماس تريد الاستفادة من زخم عملية طوفان الأقصى منذ 7 أكتوبر وحتى الآن، ومناقشة مستقبل غزة مع وجودها ضمن خطط الإدارة والحكم للقطاع، لأنها تستشعر قلقا من مستقبل الفترة المقبلة، إذ ربما تخسر دورها في المستقبل نتيجة للتعقيدات الداخلية في المشهد الفلسطيني على وقع الضغوط الخارجية خاصة لمطالب الولايات المتحدة وإسرائيل بإزاحتها عن الحكم.