تمكن عبد الرازق أبوبكر من مغادرة مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور غربي السودان التي تشهد قتالا ضاريا بين الجيش وقوات الدعم السريع، ووصل برفقة عائلته إلى مدنية الضعين شرقي الإقليم بعد رحلة نزوح شاقة، تاركاً خلفه كل ما يملك من أموال ومدخرات.

فرّ أبوبكر بعد أن قضى 4 أشهر تحت النيران تذوق خلالها مآسي الحرب في تلك المدينة والتي تجلت في توقف الحياة بشكل كامل ونفاد العديد من السلع الغذائية الضرورية وبعض الأصناف الدوائية وسط إغلاق مشافي رئيسية في البلدة، وتدهور خدمات الاتصالات والكهرباء.

وقال عبد الرازق في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": إن الواقع المأساوي جعل كل سكان مدينة نيالا يفكرون في مغادرتها، لكن خيار النزوح نفسه بحاجة إلى مغامرة في ظل انتشار عصابات النهب المسلح في إقليم دارفور وارتفاع تكاليف أجرة السيارات.

من جانبه قال يوسف أحمد أحد العالقين في نيالا لموقع "اسكاي نيوز عربية": "رغم المخاطر في طريق النزوح لكنه أفضل حالاً من البقاء داخل المدينة التي تعيش في الوقت الراهن وضعاً مماثلاً لما هو في الخرطوم بعد أن تحولت الأحياء السكنية والشوارع الرئيسية والأسواق إلى ساحات للمعارك العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع".

ويقول يوسف: "نواجه رعب مستمر طوال اليوم حيث تتساقط المقذوفات المتفجرة المتبادلة بين الجيش وقوات الدعم السريع بشكل عشوائي على الأحياء السكنية، لقد مات العديد من أقاربنا وأصدقائنا".

ويضيف: "انتشرت عصابات النهب المسلح داخل الأحياء وصارت تحركاتنا محدودة للغاية، بينما تم إغلاق السوق الرئيسي وأصبحت تعمل الأسواق الطرفية فقط مثل موقف الجنينة وغيره، لكن الوصول إليه ينضوي عليه مخاطرة كبيرة كما أن إغلاق الجسر الوحيد الذي يربط أجزاء المدينة التي يفصلها وداي للمياه، أعاق حركة السكان خاصة في الوقت الذي يشهد موسم الأمطار".

أخبار ذات صلة

محاصرة بالحرب والفيضان.. من يُنقذ جزيرة توتي السودانية؟
البرهان يبدأ جولات خارج الخرطوم.. وتحذير من اتساع نطاق الحرب

فرار سيرا على الأقدام

ومع تصاعد وتيرة المعارك العسكرية، بدأ السكان هذا الأسبوع في مغادرة مدنية نيالا سيراً على الأقدام في ظل صعوبة الحصول على وسائل مواصلات وغلاء أسعار تذاكر السفر، وفق يوسف.

ويجري القتال في محيط قيادة الفرقة 16 مشاة التابعة للجيش في منتصف مدنية نيالا ويجاوره السوق المركزي ومقر حكومة ولاية جنوب دارفور والمصارف التجارية الى جانب نحو أكثر من خمسة أحياء سكنية مأهولة بالمدنيين بينها "كرري، تكساس، الثورة، الجير، السينما".

وتعد نيالا ثاني أكبر مدن السودان بعد العاصمة الخرطوم بتعداد سكاني يقدر بنحو 7 ملايين نسمة، وتعبر أيضاً مركز ثقل اقتصادي من خلال حركة تجارية كبيرة وبورصة للمحاصيل الزراعية المختلفة بما في ذلك الصمغ العربي.

وبحسب عبد الرزاق أبوبكر الذي غادر المدينة مؤخراً فإن كافة المصالح الاقتصادية في نيالا توقفت ولم يتمكن المواطنين من الحصول على ودائعهم المصرفية لدي البنوك التي اضطرت لإغلاق كامل بسبب الأعمال العسكرية.

ويقول أبوبكر لموقع "اسكاي نيوز عربية" إن "المدينة تعيش انقطاع دائم للتيار الكهربائي لمدة 4 أشهر متواصلة، ورداءة في شبكات الاتصالات والإنترنت وهو ما زاد من معاناة المواطنين في نيالا".

ويضيف: "تمكنا بصعوبة بالغة من مغادرة منزلنا وسرنا على الأقدام مسافة طويلة من أجل الوصول إلى محطة السفريات في ظل انعدام للمواصلات الداخلية، وقد تركنا كل مقتنياتنا خلفنا على أمل أن يتوقف الصراع ونعود مجدداً الى ديارنا".

أخبار ذات صلة

الجيش الليبي يطلق عملية عسكرية لتأمين الحدود الجنوبية
السودان.. تقليص الجرعات يزيد معاناة مرضى الكلى والسرطان

انعدام الأدوية

ولم يكن الوضع الصحي أفضل حالاً حيث توقف المستشفى الرئيسي والعديد من المراكز الطبية الحكومية، ويعمل فقط مستشفى خاصة بتكاليف عالية ولا يستطيع البسطاء تحملها.

ويقول الطبيب عمر سليمان، لموقع "اسكاي نيوز عربية" إنه "لم يتسن دخول أي أصناف دوائية إلى عاصمة ولاية جنوب دارفور منذ اندلاع الحرب مما أدى إلى نفاد أدوية منقذة للحياة مثل علاجات السكري والضغط والصدرية وغيرها".

ويضيف: "في كل يوم يزداد الوضع الصحي سواء ويواجه المرضى معاناة كبيرة في الحصول على الأدوية بعد أن تم إغلاق معظم الصيدليات بسبب الصراع وأصبح سوق الدواء يعيش فوضى كبيرة فكل أحد يضع السعر الذي يناسبه في ظل الشح الشديد الذي تشهده".

وتابع: "تم نهب الأدوية من مركز الإمدادات الطبية التابع للحكومة في مدينة نيالا منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، وأصبح السوق يعتمد بشكل أساسي على الأدوية المنهوبة بعد أن أخرجها سارقوها، فالوضع الصحي مظلم وباتت حياة المرضى مهددة".