يأس كبير تملك آمنة صالح بعد فشلها في إقناع صاحب البقالة المجاورة لبيتها في أحد الأحياء الشعبية في جنوب الخرطوم بمنحها بالآجل القليل من الأرز والزيت وبعض الاحتياجات اليومية البسيطة لسد رمق أسرتها المكونة من 5 أطفال ووالدتها المريضة.

وتعاني صالح، التي تعمل في القطاع الحكومي من نقص حاد في السيولة، فهي مثلها مثل مئات الآلاف من موظفي الدولة لم تحصل للشهر الثاني على التوالي على أجرها الشهري بسبب القتال المستمر منذ أكثر من 6 أسابيع في الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها سكان الخرطوم والمدن السودانية الأخرى؛ أطلق ناشطون حملة شعبية تحت عنوان "على النوتة" مطالبين أصحاب البقالات ومحلات بيع المواد الغذائية بمنح السكان احتياجاتهم اليومية على أن يقوموا بدفع قيمتها لاحقا بعد توقف الحرب وتوفر السيولة.

ويقول ناشط اجتماعي عرف نفسه باسم "أبو حلا" إن هناك حاجة ملحة لمساعدة العالقين داخل الخرطوم، الذين لا يملكون المال الكافي لشراء ما يحتاجونه لسد رمق أسرهم.

وعلق ناشط آخر على دعوة أبو حلا بالقول إن ظروف الحرب الحالية تتطلب من الجميع التضافر، داعيا أصحاب البقالات إلى منح الناس احتياجاتهم على "النوتة" حتى تتيسر الأحوال.

ومع استمرار القتال وتمدد أعمال العنف والنهب داخل الأحياء السكنية والشح الكبير في السيولة، تتسع يوميا دائرة الذين يعانون من صعوبة الحصول على السلع الغذائية، التي تضاعفت أسعار بعضها بأكثر من 4 مرات.

أزمة الجوع وما تحمله السنوات القادمة

وفي حين يحاول عدد قليل من أصحاب البقالات والمخابز التأقلم مع الأوضاع الصعبة الحالية والاستمرار في فتح محلاتهم، فضل الكثير منهم إغلاق محلاتهم بسبب شح السلع والخوف من عمليات النهب والسرقة التي باتت سمة ظاهرة في معظم أحياء العاصمة.

وفي ظل الدمار الكبير، الذي طال أكثر من 90 بالمئة من مصانع السلع الغذائية والمواد الاستهلاكية الأخرى، توقفت سلاسل إمداد الأسواق ومحلات البقالة تماما.

ويقول طه عثمان، الذي يدير إحدى محلات البقالة في شمال الخرطوم، إنه اضطر تحت ضغط الظروف الأمنية لإغلاق محله الذي كان يمد السكان باحتياجاتهم لأكثر من 30 عاما.

أخبار ذات صلة

السودان.. "الدعم السريع" تعلن استعدادها لبحث تجديد الهدنة
لماذا طلب البرهان إقالة مبعوث الأمم المتحدة في السودان؟
حاكم دارفور يدعو السودانيين في الإقليم إلى "حمل السلاح"
رغم الهدنة.. الأزمة الإنسانية في السودان تتفاقم

ويوضح عثمان لموقع "سكاي نيوز عربية": "من المستحيل الاستمرار في فتح البقالات والمحال التجارية في ظل الظروف الأمنية الحالية وتوقف إمدادات السلع والارتفاع الكبير في أسعار القليل من السلع، التي لا يزال من الممكن الحصول عليها؛ كما أن الزبائن يجدون صعوبة كبيرة في توفير السيولة اللازمة لشراء احتياجاتهم".

ويشير عثمان إلى صعوبة المعادلة، ففي حين يشعر التجار بمعاناة الناس، إلا أن هنالك صعوبة كبيرة في الاستمرار بإمدادهم باحتياجاتهم في ظل ظروف السوق الحالية.

 وفي الواقع شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدا كبيرا في أسعار السلع الأساسية خصوصا السكر والدقيق والزيوت مع اختفاء عدد من السلع من أرفف القليل من المحلات التي لا تزال تعمل حتى الآن رغم استمرار القصف والقتال.

وفي هذا السياق يشير عثمان إلى أن أسعار بعض السلع تضاعفت أكثر من 3 مرات، مما أضاف عبئا إضافيا على المستهلك الذي يعاني أصلا من شح السيولة بسبب تأخر صرف الأجور وإغلاق المصارف وتوقف أكثر من 95 بالمئة من الأعمال اليومية، التي تشكل مصدر الدخل الأساسي لأكثر من 70 بالمئة من أرباب أسر سكان الخرطوم، البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة، قبل أن يتراجع إلى أقل من 7 ملايين بعد اندلاع القتال، الذي أدى إلى فرار أكثر من 3 ملايين إلى الأقاليم الداخلية والبلدان المجاورة.