تتسارع الخطى المتبادلة بين دمشق وبعض الدول العربية، في محاولة لرأب الصدع الذي خلفته الحرب السورية مع بدئها عام 2011، وسط توقعات متفائلة بأن يحقق هذا التقارب نتائج إيجابية على صعيد إعادة دور سوريا كفاعل مهم في المنطقة وتعزيز التضامن العربي في ظل ما يشهده العالم من تغيرات.

طائرة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد حطت في عواصم عربية عدة خلال الفترة الماضية، فمن السعودية إلى تونس والجزائر كانت البيانات دليلا على نية موحدة في إعادة البريق إلى العلاقات بما يخدم المصلحة العربية ككل.

كما شكلت زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد، خرقا إضافيا في جدار الجمود الذي اتسمت به السنوات الماضية، باتجاه مرحلة جديدة يؤكد فيها الطرفان الفاعلان في الساحة العربية بضرورة تعزيز علاقتهما الثنائية.

وفي هذا الإطار، قال الكاتب والباحث السياسي عبد الحميد توفيق في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية":

  • المصالح العليا لمعظم الدول العربية تحركت، وجاءت عدة عوامل مواتية لها، الأول تمثل في الخطوة الإماراتية بافتتاح السفارة في دمشق، والتي مهدت الطريق لكل الخطوات التالية.
  • أما العامل الثاني، متعلق بالزلزال الذي ضرب سوريا، والذي شكل فرصة مواتية لإعادة بناء العلاقات وتحسينها مع عدد من الدول العربية.

مقومات التسوية

  • يضيف توفيق أنه في السياسة لا بد أن تعطي وتأخذ، والمقاربات التي طرحت من الجانب العربي ليست جديدة على دمشق ولم تخرج عن إطار المطالب التي يمكن أن تؤسس لعلاقات بين دمشق ومحيطها العربي أساسها احترام المصالح المشتركة.
  • وأضاف: الحديث عن وجود تنازلات من قبل دمشق حيال إتمام التسوية مغلوط، والمسألة عبارة عن محاولة لإيجاد نقاط التقاء يمكن البناء عليها في المستقبل، نقاط لا تفرط بوحدة سوريا وسيادتها مطلقا.

التسوية مبعث أمل في الداخل السوري

  • في هذا السياق، قال توفيق: "أعتقد أن المناخ الذي أشاعه الانفتاح العربي على دمشق يرافقه ترقب ولهفة من قبل السوريين وسط ما يعيشونه من مصاعب خلفتها الحرب الطويلة".
  • السوريون ينظرون إلى هذا الانفتاح ببعدين، الأول اقتصادي والثاني سياسي على أمل إنهاء حالة الشرذمة الداخلية، وبالتالي دعم سوريا لتخفيف حدة العقوبات عليها.

أخبار ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يصل دمشق.. ويلتقي الأسد
وزير خارجية سوريا: الزيارات لدول عربية هدفها طي صفحة الماضي
بعد الجزائر.. وزير الخارجية السوري إلى تونس
وزير الخارجية السوري يصل الجزائر السبت في زيارة رسمية

آمال منخفضة

  • وعن دعوة سوريا لحضور القمة العربية في مايو المقبل، قال توفيق إنه وفقا للمعطيات القائمة فإن الأمر مستبعد، فالأمر يتطلب إجماعا عربيا غير متوفر في الوقت الحالي.
  • وفي السياق، قال الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، محمد نادر العمري، لموقع "سكاي نيوز عربية": يمكن إرجاع الحراك العربي باتجاه سوريا لعدة أسباب: 

السبب الأول: الحاجة الملحة لعودة سوريا إلى محيطها العربي، لأن ذلك من شأنه أن يحدث توازنا على مستوى النفوذ الإقليمي.

السبب الثاني: الرغبة العربية لحل الأزمة السورية بما ينعكس في حلحلة العديد من ملفات المنطقة.

وبالنسبة لما يتم الحديث عنه في بعض الأوساط السياسية والإعلامية حول تقديم سوريا لعدد من التنازلات حيال عودتها لمحيطها العربي، قال العمري:

  • هذه الأحاديث مشكوك بصحتها، التسويات والمصالحات على مستوى المنطقة تقوم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، والحاجة المشتركة لجميع الأطراف دفعت بهذه التسويات نحو الأمام.

وفيما يخص وجود تحفظات لدى بعض الدول العربية حول عودة سوريا للجامعة العربية، لفت العمري إلى أن:

  • هذه الدول ستغير سياساتها ومواقفها نتيجة العديد من الاعتبارات، فالدول الداعمة لها قد تغير مساراتها حيال الملف السوري.
  • هناك العديد من الملفات والقضايا اليوم التي باتت أوراق قوة بيد الدولة السورية كالملف الأمني ومحاربة الإرهاب بالإضافة إلى إعادة الإعمار.

وعن انعكاسات كل ما يحدث على الساحة العربية اليوم على الدخل السوري قال الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، إن ذلك مرهون بعدد من الأمور:

  • عودة سوريا إلى محيطها العربي ستسرع من عملية الحل السياسي، لكنه لن ينهي الأزمة بشكل فوري بسبب وجود دول أخرى مؤثرة في الملف السوري مثل تركيا والولايات المتحدة.
  • سوريا بحاجة لكسر الحصار الاقتصادي، وبالتالي السؤال المطروح هنا هل ستنتعش العلاقات الاقتصادية مع سوريا، فهذا مرهون بقدرة الدول العربية على كسر الحصار ومدى استمرار أميركا باستخدام قانون قيصر.
  • سيكون هناك انعكاس إيجابي حتما بسبب الثقل السعودي في المنطقة، ربما يكون هناك تأثير سياسي من خلال دفع العملية السياسية، وقد يكون هناك تأثير أمني وعسكري من خلال الضغط على تركيا بإبراز صورة أن سوريا ليست لوحدها في ساحة المجابهة.

وحول توقعاته عن إمكانية وجود سوريا في قمة أيار المقبلة أوضح العمري:

  • ربما يتواجد وفد سوري في القمة لكن ليس على المستوى الرئاسي، فلا بد أن تنعقد جلسة للجامعة لفك تجميد العضوية.
  • إذا انعقدت الجلسة بدون وجود تمثيل سوري، أعتقد أن سوريا ستكون حاضرة بالنقاشات، وستكون القمة بمثابة تمهيد لعودتها مستقبلا.