تصاعدت الخميس الجهود المحلية والدولية الساعية لاحتواء الأزمة الأمنية الخطيرة التي يعيشها السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط استمرار التحشيد من الجانبين.
وتأتي هذه الجهود بعد ساعات من توتر أمني كبير في منطقة مروي شمالي السودان، على خلفية تحشيد وتحشيد مضاد بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي قالت في بيان الأربعاء إن انتشارها الأخير يأتي ضمن المهام والواجبات التي كفلها لها القانون، لكن الجيش أشار في بيان لاحق إلى أن التحركات والانفتاحات التي قامت بها قوات الدعم السريع تمت من دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو التنسيق معها.
وعبر مبعوثون وممثلون خاصون لكل من فرنسا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، عن قلقهم العميق إزاء تصاعد التوترات في السودان، وخطر التصعيد المحتمل بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وعقد المبعوثون اجتماعا مشتركا عبر الهاتف مع محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع، بحثوا فيه التطورات الراهنة التي يشهدها السودان، وأكدوا دعمهم ومساندتهم للاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي كأساس للخروج من الأزمة.
دور القوى المدنية
• كثفت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري مساعيها للعمل مع طرفي النزاع، للوصول إلى حل يجنب البلاد الانزلاق نحو الفوضى الأمنية.
• حمّلت عناصر النظام السابق مسؤولية الأحداث الأخيرة، واتهمتهم بالسعي لإثارة الفتنة بالوقيعة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، ودق طبول الحرب أملا بأن يعودوا للسلطة مرة أخرى، وطالبت بالتصدي لتلك المخططات.
• قالت إنها عقدت عدة لقاءات مع قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع بهدف خفض حدة التوتر.
• أشارت إلى أنها طرحت أفكارا عملية لتجاوز التوتر الحالي واستعادة المسار السياسي، بما يعجل بتجاوز نذر المواجهة والوصول لاتفاق نهائي تتشكل بموجبه حكومة مدنية تعالج القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية الملحة التي تواجهها البلاد.
• حثت الطرفين العسكريين على تنفيذ التزاماتهما والانخراط بشكل بناء لحل القضايا العالقة بشأن إصلاح القطاع الأمني، وصولا إلى مستقبل عسكري موحد ومهني وخاضع للمساءلة أمام حكومة مدنية.
ومنذ أكثر من 4 أسابيع، برزت خلافات بين الجيش والدعم السريع حول آليات ومواقيت وشروط الدمج في قوات مسلحة موحدة، حيث يقترح الجيش إخضاع ضباط الدعم السريع للشروط المنصوص عليها في الكلية الحربية، ووقف التعاقدات الخارجية والتجنيد والابتعاد عن العمل السياسي، فيما اشترط الدعم هيكلة القوات المسلحة قبل الدمج، وتجريم الانقلابات العسكرية وفرض الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية عبر البرلمان، ومراجعة وتطوير العقيدة العسكرية وتنقية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع من عناصر النظام السابق وأصحاب الأيدولوجيات.
وفي تصريحات سابقة، قال حميدتي إنه ملتزم بدمج قواته في الجيش وفقا لما نص عليه الاتفاق الإطاري، لكنه شدد على أن "عملية الدمج تحتاج إلى إجراءات وخطوات محددة ووفقا لجدول زمني يتم الاتفاق عليه".
ووفقا لما رشح من تداولات، فإن الخلاف حول الجدول الزمني يتمحور في طلب الجيش بأن تتم عملية الدمج خلال 6 أشهر، فيما يرى الدعم السريع إن العملية تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل، كما تدور خلافات أيضا حول آليات السيطرة والقيادة.
وتسببت الخلافات في تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي لنقل السلطة للمدنيين كما كان معلنا عنه في الأول من أبريل، وأكد الجيش أنه لن يوقع على الاتفاق ما لم يتم تحديد جداول زمنية واضحة لدمج الدعم السريع.
ومنذ أكثر من عام ونصف، يعاني السودان اضطرابات كبيرة في ظل عدم وجود حكومة تنفيذية، بعد رحيل حكومة عبد الله حمدوك على خلفية الإجراءات التي اتخذها الجيش في 25 أكتوبر 2021.
وكانت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة الإيقاد والمجموعة الرباعية المكونة من الإمارات والسعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، قد سهلت مفاوضات مكثفة استمرت أكثر من 6 أشهر من أجل الوصول لحل للأزمة التي يعيشها السودان.
ومن المتوقع أن يشكل الدستور الانتقالي المعد من نقابة المحامين، أساسا قانونيا لفترة انتقالية مدتها عامان، وينص الدستور على إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفدرالي وتتشكل من مجلس سيادة مدني ومجلس وزراء مدني ومجلس تشريعي.
كما ينص على دمج القوات العسكرية في جيش مهني واحد والنأي به عن العمل السياسي، وحصر مهامه في الدفاع عن سيادة وحماية حدود البلاد وحماية الانتقال، وتنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري.
وسمى الدستور رأس الدولة المدني قائدا أعلى للجيش، كما حدد تبعية جهازي الشرطة والأمن إلى السلطة التنفيذية، على أن يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لهما.