تتزايد المخاوف في السودان من انهيار كلي لمشروع الجزيرة الذي يمتد على مساحة 2.3 مليون فدان ويعتبر أكبر مشروع في العالم يروى بنظام الري الانسيابي.

أخبار ذات صلة

السودان.. تراجع مخيف في الغطاء الأخضر وتحذير من الأسوأ

ويعاني المزارعون حاليا صعوبات كبيرة في الري والتمويل الأمر الذي سبب خسائر ضخمة أسفرت عن مشاكل اجتماعية واقتصادية وقانونية خطيرة تهدد الأمن الغذائي في السودان.

الذهب الأزرق يتبخر.. أغلق الصنبور وفر قطرة ماء!

 وشهدت السنوات العشرين الماضية؛ تدميرا وفسادا وإهمالا ممنهجا طال كافة بنيات المشروع؛ بما في ذلك شبكة الري التي فقدت 85 في المئة من قدرتها التصميمية؛ إضافة إلى الطرق والمنشآت المدنية والهندسية.

وحذر خبراء ومزارعون من تداعيات كارثية جراء انهيار المشروع الذي كان يعتبر حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي أحد الركائز الأساسية للاقتصاد السوداني والأمن الغذائي؛ ويشكل مصدر الدخل الأساسي لأكثر من 140 ألف مزارع يعيلون أسر يقدر تعداد أفرادها بنحو 3 ملايين.

أخبار ذات صلة

كساد كبير يضرب أسواق المحاصيل في السودان.. هذه جملة الأسباب

 الأسباب وراء الأنهيار

  • ويرى الخبراء والمزارعين أن الدمار الحالي الذي يتعرض له المشروع لا ينفصل عن التبعات الناجمة عن الفساد المهول الذي شهدته البلاد خلال العقود الثلاثة الماضية؛ والمقدر حجمه بأكثر من 700 مليار دولار؛ والذي طال العديد من المشاريع الزراعية ومؤسسات القطاع العام التي ساءت اوضاعها بشكل كبير في أعقاب إدراج السودان في قائمة البلدان الراعية للإرهاب في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي بسبب ضلوع النظام السابق في عدد من الأنشطة الإرهابية واستضافته لعدد من المتطرفين والمتشددين. ويقدر عبدالله عكود، وهو استاذ جامعي وباحث في أزمة مشروع الجزيرة، حجم الفساد والأضرار التي لحقت بالمشروع خلال الفترة من 1990 وحتى نهاية 2018 بأكثر من 100 مليار دولار.
  • ويبدي خبير الري والخزانات أبوبكر مصطفى تخوفه من صعوبة السيطرة على الانهيار الحالي الذي يتعرض له المشروع الذي يعتبر من المشاريع الزراعية القليلة في السودان التي تمتعت لفترة طويلة ببنية تحتية قوية؛ لكن تلك البنية تحطمت وأنهكت بشكل كبير بعد مجيء الإخوان للحكم في العام 1989. ويقول مصطفى لموقع سكاي نيوز عربية إن النظام السابق قام بشكل ممنهج بتدمير مشروع الجزيرة الزراعي بعد إيكال المهام التي كانت تقوم بها هيئة الري والحفريات منذ إنشاء المشروع في العام 1925 إلى شركات تابعة لعناصر موالية للنظام ولا تمتلك الخبرة الكافية؛ مشيرا إلى تشريد معظم الكفاءات الفنية. ويشير مصطفى إلى أن واحدة من المشكلات الكبيرة التي تعرض لها المشروع العدد الكبير من القرى والتجمعات السكنية الكبيرة التي أقيمت داخل أراضي المشروع والتي يمكن أن تعيق اي جهود لتأهيل شبكات الري.
  •  ويتفق فاروق البدوي عضو سكرتارية تحالف مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل مع ما ذهب إليه مصطفى؛ ويرى ان النظام السابق عمل بشكل ممنهج على تدمير بنيات المشروع؛ وقام ببيع وتفكيك مؤسسات راسخة ورئيسية مثل إدارة الهندسة الزراعية وهيئة الري والحفريات التي كانت تمتلك الإمكانيات الفنية واللوجستبة اللازمة لصيانة قنوات الري والحفاظ عليها بناء على معايير هندسية وفنية وخبرات تراكمت على مدار السنين.
  • من جانبه؛ يحمل عثمان حسان، عضو المجلس الرئاسي للجنة التسييرية المحلولة لاتحاد مزارعي الجزيرة، السياسات مسؤولية التدهور الحالي في مشروع الجزيرة؛ وقال لموقع سكاي نيوز عربية إن القصور الواضح في السياسات التمويلية والتسويقية تؤثر بشكل كبير على الإنتاج. وأوضح حسان أن أكثر من 50 في المئة من المزارعين إما أحجموا عن زراعة القمح أو قللوا المساحات خلال الموسم الحالي نظرا لعدم اضطلاع الدولة بمسؤولياتها تجاه المزارعين وتركهم فريسة لشركات تمويل تضاعف أسعار الأسمدة ومدخلات الزراعة بنحو ثلاث مرات؛ ففي حين يبلغ سعر كيس السماد 22 جنيها "4 دولارات" تبيعه الشركات للمزارع بأكثر من 60 جنيها "نحو 11 دولار". وأشار إلى أن نكوص وزارة المالية عن تطبيق السعر التشجيعي لشراء القمح من المزارع؛ أدى إلى خسائر ضخمة وتسبب في دخول الكثير من المزارعين السجون بسبب عجزهم عن تسديد مديونياتهم والتزاماتهم المالية.

أخبار ذات صلة

مع ضربة التضخم.. فاتورة باهضة للغذاء بالدول العربية
خطر مناخي تثبته دراسة لناسا.. أزمة تهدد التُربة الزراعية

ويحذر حسان من المحاولات الجارية حاليا لتشكيل لجان غير شرعية للمزارعين والعودة لقانون تنظيم علاقات مشروع الجزيرة الذي تم سنه في العام 2005 والذي وصفه بأحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدمير المشروع. وشدد على ضرورة وضع أسس راشدة لإنقاذ المشروع وتأهيله باعتبار أن ذلك يشكل معركة وطنية للعبور بالبلاد وإعادة التوازن للاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي من خلال النهوض بالإنتاج وإزالة التشوهات التي عصفت بالمشروع خلال السنوات الماضية.