لفتت الشابة إكرام دباش (21 عاما) الأنظار بامتهانها الحدادة وتألقها في مهنة يدوية شاقة كانت حكرا على الرجال في تونس، قبل أن تتمكن إكرام من إثبات نجاحها في الحدادة وافتكاك الاعتراف في محيطها من الحرفيين والزملاء.

تعيش إكرام في منطقة ريفية "برقو" من محافظة سليانة شمال البلاد، وسط 5 إخوة اختاروا وظائف مختلفة تنوعت بين الطب والأعمال الإدارية أما هي فكانت تلازم والدها منذ طفولتها وتقضي رفقته ساعات طويلة داخل ورشته للحدادة قبل أن تقرر في سن السادسة عشر بعد مغادرتها لمقاعد الدراسة تعلم أبجديات حرفة الحدادة الصعبة عن والدها.

وتحدثت إكرام لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلة: "كنت أشاهد والدي يتعب في مهنته الشاقة دون أن يلقى مساعدة من أحد فرافقته في البداية من باب الفضول ثم من أجل المساعدة حتى وقعت في حب هذه المهنة وطلبت منه أن يعلمني أسرارها و لم يتردد والدي في تعليمي "الصنعة".

وتابعت إكرام: "قضيت مع والدي في الورشة سنة كاملة أتدرب وأعمل بجد ثم التحقت بمراكز خاصة لمزيد التكون والاطلاع على آخر تقنيات الحدادة العصرية، ومع انتهاء التكوين بدأت العمل في ورشتي الخاصة، وعندها كان التحدي الأكبر فقد كنت ألاحظ الاستغراب وحتى الغضب في عيون بعض الحرفاء من الرجال خاصة وأنني أعيش وأعمل في منطقة ريفية ومن الطريف أن بعضهم لا يحبذ أن يطلب مني الخدمة مباشرة بل عن طريق والدي".

وأضافت إكرام: "كان قراري حاسما في أخذ المشعل عن والدي وامتهان الحدادة وواجهت نظرة المجتمع المستغربة التي تحولت مع مرور الوقت إلى إعجاب واحترام حتى أن بعض الحرفاء أسروا لي أنهم يفضلون التعامل مع امرأة في فن الحدادة لأن حرصها على الإتقان والاهتمام بالتفاصيل يصنع قطعا فنية جميلة وهكذا حظيت بثقة الكثيرين منهم ودخلت بيوتهم لأصمم مجسمات إكسسواراتهم من الحديد وأبوابهم ونوافذهم وأصبحت ورشتي "ملكة الحدادة" شهيرة في منطقتي وفي كامل تونس وحصلت على عروض عمل عبر منصات التواصل ".

وتابعت إكرام: "نجاحي لم يثنني عن مواصلة التعلم وتتبع كل ما هو عصري في الحدادة واللحام، واليوم أستطيع أن أؤكد أنني بعد ثلاث سنوات في هذه المهنة تجاوزت البدايات الصعبة وحولت نظرات الرفض والاستهجان إلى احترام وإعجاب وكسبت ثقة الكثيرين في مهنة كانت تعد رجالية وشاقة بفضل العزيمة والإصرار".
داخل ورشتها للحدادة لا تكاد حركة إكرام تهدأ منذ ساعات الصباح الأولى تضرب الحديد بقوة تتحدى النيران وتحول أكوام الحديد القاسي إلى تحف فنية.

وتحدثنا إكرام عن سرها للنجاح قائلة: "إنه الإيمان بالموهبة وتحدي كلام الآخرين ومحاولتهم إثناءك عن أحلامك والتسلح بالصبر والاجتهاد ".
وتضيف الحدادة الشابة لا أعتقد أن هناك مهن نسائية وأخرى رجالية رغم أن عمل النساء في الخياطة أو الديكور يعد أكثر قبولا بالنسبة للمجتمع، وأعترف أنني تعرضت للحروق والجراح والإصابات مرات كثيرة وتألمت خاصة في بداياتي ولكن طعم النجاح ينسيني كل المصاعب دون أن ينسيني أنوثتي فأنا خارج أوقات العمل فتاة عادية أتزين وأحرص على أناقتي وأحافظ على جمالي وأعيش حياتي النسائية بشكل طبيعي، كما أنني فخورة لأني أصبحت ملهمة لعشرات الفتيات في المجتمع ورمزا للتحدي القوة.

أخبار ذات صلة

تونسيات ينافسن الرجال في عالم تحكيم المباريات
التونسية أنس جابر شخصية العام الرياضية العربية
أمينة الصرارفي.. قصة تونسية أسست أول فرقة نسائية عربية
بعد "صورة كهربا".. مذيعة تونسية تترك الإعلام وتغني بالمصرية