عاد موضوع التعويض عن البطالة ليحتل النقاش العمومي في المغرب، بعد طرح فريق من المعارضة في البرلمان، لمقترح قانون يروم ضمان دخل شهري للمواطنين الذين فقدوا عملهم.

وقدم حزب الحركة الشعبية مقترح قانون لتأسيس نظام خاص يهدف لمنح إعانات مادية للباحثين عن فرص العمل أو الذين فقدوا عملهم منذ 3 أشهر على الأقل في محاولة لمواجهة ظاهرة البطالة التي تفاقمت بعد تفشي كورونا.

تفاصيل المسودة

حسب مسودة القانون، فإن المقترح ينص على إحداث نظام للتعويض عن عدم الشغل، عبر منح تعويضات لفائدة المغاربة، يسمى "نظام التعويض عن عدم الشغل"، حيث يهدف إلى تقديم إعانات مادية لفائدة الأشخاص البالغين المؤهلين للعمل، الذين يوجدون في طور البحث عن فرص الشغل أو الذين فقدوا عملهم منذ ثلاثة أشهر على الأقل، حيث أن المستفيدين من هذا النظام لا تسري عليهم أحكام قانون التعويض عن فقدان الشغل، والذين لا يتقاضون أي تعويض مادي من أي مؤسسة عمومية أو شبه عمومية أو خاصة.

وبناء على المقترح، يتم تحديد الفئات المستهدفة بناء على المنظومة الوطنية لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برنامج الدعم الاجتماعي الموحد.

سامي الحوراني.. فرصة الشباب وأمل المعرفة

 تداعيات كورونا

خلال تقديمه لبنود مقترح القانون، قال إدريس السنتيسي، رئيس فريق الحركة الشعبية في البرلمان "إن الغرض من تقديم مقترحات القوانين هو إثارة انتباه الحكومة إلى عدد من القضايا المهمة'، مشيرا إلى أن 'موضوع التشغيل يكتسي أهمية كبيرة، وينبغي مد يد المساعدة لشباب لا يجدون الإمكانيات للعيش اليومي".

وتابع أنه "بالرغم من المجهودات التي بُذلت على امتداد عقود لامتصاص البطالة وتوفير فرص الشغل، إلا أن تداعيات كورونا التي عرفها المغرب على غرار باقي بلدان العالم أثرت بشكل كبير على مختلف المجالات والقطاعات، وعلى رأسها قطاع التشغيل".

وأردف المتحدث: "نعلم أن إمكانيات الدولة والميزانية محدودة، لكن هناك أولويات ينبغي التركيز عليها. ومن ضمنها الاهتمام بالشباب حاملي الشهادات".

أولويات أخرى

ارتباطا بالموضوع، قال المحلل الاقتصادي محمد جدري، إن "هذه المبادرة رغم أنها جيدة، إلا أنها أصبحت في الظرفية الحالية متجاوَزة، بحكم أن المغرب هو الآن بصدد تنزيل نموذجه التنموي الجديد، وورش الحماية الاجتماعية الذي انطلق العام الماضي وسينتهي في سنة 2026. هذا الورش سيمكن 22 مليون مغربي في سن العمل، من الحصول على تأمين إجباري عن المرض في مرحلة أولية، ثم من تعويضات عائلية للأطفال، ثم من تقاعد، وفي مرحلة رابعة من تعويض عن فقدان الشغل".

وتابع جدري، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربيةأن "المغرب لديه الآن تجربة إيجابية في القطاع الخاص، حيث إن صندوق الضمان الاجتماعي يعوض كل من فقد شغله لمدة ستة أشهر كاملة. وبعد تعميم ورش الحماية الاجتماعية، سيصير بإمكان جميع العمال والموظفين أن يتوفروا على تعويض عن فقدان الشغل".

وجوابا على سؤال إمكانية تنفيذ هذا المقترح على أرض الواقع، قال المحلل الاقتصادي، إن "موجة غلاء المواد الأساسية والمحروقات، وتضاعف مصاريف صندوق المقاصة، ستصعب من خروج هذه المبادرة إلى النور، لأنها تتطلب وضعية اقتصادية مريحة، ولذا يبقى ورش الحماية الاجتماعية الذي من المفترض أن يكتمل تنزيله في 2026 هو الأمثل في ظل الظروف الراهنة".

أخبار ذات صلة

المغرب يسابق الزمن لإصلاح أنظمة التقاعد
المغرب.. تعافي الاقتصاد و"العمل الحر" يقلصان أرقام البطالة

توصيات المجلس الاستشاري

تشير آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى أن معدل البطالة في المغرب انتقل من 12.8 إلى 11.2 في المئة، بتراجع يعادل 1.6 نقطة، ما بين الفصل الثاني من سنة 2021 ونفس الفصل من سنة 2022. وانخفض عدد العاطلين عن العمل بـ218 ألف شخص منتقلا من 1,605,000 إلى 1,387,000 عاطل.

من جهته، أوضح أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنه من الممكن أن يكون للمغرب نظام تعويض عن انعدام العمل كما في دول أخرى.

وأشار المتحدث، خلال استضافته في برنامج على القناة التلفزية المغربية الثانية، إلى أن المجلس الذي يرأسه سبق أن قدم توصيات بخصوص التعويض عن فقدان الشغل والمعيقات المطروحة في هذا الصدد.

وأبرز الشامي أنه "في 2015، كشف المجلس أن 30 ألف مغربي يجب أن يستفيدوا سنويا من هذا التعويض، مما يعني أن العدد كان سيصل اليوم إلى أزيد من 200 ألف، غير أن الذين استفادوا فعليا بلغ عددهم 70 ألفا فقط".

وعزى الشامي، ضمن تحليله، هذا الرقم إلى عدة عوامل، أبرزها عدم التصريح بالعمال أو تغيير المستخدمين لشركاتهم بشكل متكرر، بالإضافة إلى المساطر الإدراية المعقدة، حيث يكون التعويض على 6 شهر ويبلغ 70 في المئة من الأجر الأخير لكن دون أن يتجاوز سقف “السميك، وهو ما جعل نصف الملفات تُرفض.

وفي هذا السياق، دعا رئيس المجلس إلى مراجعة نظام التعويض عن فقدان الشغل، مشددا على ضرورة أن تكون المساهمة فيه أكبر لكي تكون الاستفادة أكثر، كما طالب بمواكبة هذا الملف من طرف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل، والكفاءات ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.