أعاد الجدل القائم حول استخدام شركة "أديداس" للملابس الرياضية لتصاميم مستوحاة من نقوش "الزليج" على أقمصة لاعبي المنتخب الجزائري لكرة القدم، موضوع الخلاف حول التراث المشترك بين المغرب والجزائر، إلى الواجهة من جديد.

وبينما أوضحت الشركة الألمانية أن تصميمها "مستوحى من التاريخ والثقافة والتصاميم العريقة لقصور المشور" بمدينة تلمسان الجزائرية، اعتبرت وزارة الثقافة المغربية أن التصميم مستوحى من نقوش "الزليج" المغربية، وطالبت الشركة بسحب قمصان المنتخب الجزائري.

الزليج
الزليج

وتجمع بين الشعبين المغربي والجزائري روابط ثقافية عديدة وتقاليد مشتركة، مما يثير في العديد من الأحيان النقاش حول أصل بعض الممارسات والطقوس التي قد تختلف تسمياتها في كل من البلدين لكنها تتقاطع في الكثير من التفاصيل.

ويبرز التقارب في التقاليد أكثر بين الجارتين في شرق المغرب وغرب الجزائر، حيث تتشابه طرق وعادات الاحتفال بالأعياد والمناسبات إلى حد كبير لا يمكن معه التمييز بين ما هو مغربي أو جزائري.

فما هي أبرز المواضيع الخلافية التي تثير جدلا بين البلدين؟

الكسكسي التونسي

الكسكسي

لطالما أثار طبق "الكسكسي" جدلا بين المغاربة والجزائيين حول أصل هذا الطبق الشهير واتهامات متبادلة بمحاولة احتكاره، ففي الوقت الذي يؤكد فيه الجزائريون على أنه أكلة محلية متوارثة منذ آلاف السنين، يشدد المغاربة على أنه طبق شعبي مغربي محض.

الشد والجذب حول هوية "الكسكسي" لا يقتصر على مستخدمي الشبكات الاجتماعية بل اتخذ شكل تصريحات مثيرة للجدل من طرف مسؤولين رسميين، من بينها تصريح للوزير الأول الجزائري السابق أحمد أويحى، خلال فعاليات معرض المنتجات المحلية حينما اعتبر أن بلدا جارا "يسوق الكسكسي على أنه منتوجه الوحيد في العالم".

هذا التنافس على طبق "الكسكسي" والذي استمر لسنوات طويلة حسمته منظمة اليونيسكو في ديسمبر الماضي حينما أعلنت عن تسجيل هذا الطبق الشعبي كطبق مغاربي ضمن لائحة التراث الثقافي غير المادي. 

وجاءت هذه الخطوة بعد تقديم طلب من أربع دول مغاربية، وهي المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا، لإقرار الأصل المغاربي لهذا الطبق المشترك.

أخبار ذات صلة

مدرج على قائمة اليونسكو.. تعرف على أشهر أطباق موريتانيا
قميص رياضي يفجر جدلا بين الجزائر والمغرب.. السر "الزليج"
الشاب خالد من أبرز فناني الراي

موسيقى "الراي"

تصدح أغاني الشاب ميمون الوجدي في وهران كما تتردد روائع الشاب حسني في الدار البيضاء، ويتفاعل الجزائري والمغربي مع إيقاعات موسيقي "الراي" بنفس الحماس والوهج رغم الجدل القائم بين الجارتين حول جذور هذا النوع الغنائي.

وتنتشر موسيقى الراي في البلدين بشكل واسع، وقد دأب فنانو "الراي" الجزائريين على إحياء حفلات في المغرب ومنهم من حصل على الجنسية المغربية أو اختار الاستقرار به.

ويثير تحديد جنسية "الراي" مناكفات وصراعات بين الجارتين، حيث يعتبر المغاربة شرق البلاد معقلا لفن "الراي"، بينما يشدد الجزائريون على أن موطنه الحقيقي يعود إلى سيدي بلعباس ووهران (غرب)، فيما يؤكد المحايدون على أن فن "الراي" ظهر في وقت لم تكن الحدود الجغرافية موجودة بين البلدين حيث انتشر في كل من غرب الجزائر وشرق المغرب على حد سواء. 

وكانت الجزائر قد تقدمت رسميا سنة 2016 بطلب لدى منظمة اليونيسكو من أجل تصنيف فن "الراي" كتراث جزائري، قبل أن تعود وتسحب الطلب من أجل دعم الملف بعناصر جديدة تتماشى والإجراءات التقنية التي تشترطها المنظمة العالمية، بينما لم يقدم المغرب على أي خطوة رسمية في هذا الاتجاه.

كناوة.. موسيقى الروح الأفريقية

فن "كناوة"

التجاذب بين الجارتين لم يقتصر على فن "الراي" فقط، بل امتد إلى أصول موسيقى "كناوة" كما يطلق عليها في المغرب و"قناوة" أو "الديوان" في الجزائر، حيث انتقد مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي إدراج فقرة لفرقة "كناوة" خلال حفل افتتاح ألعاب البحر الأبيض المتوسط المنظمة مؤخرا بالجزائر.

ويسعى المغرب للحفاظ على هذا النمط الفني عبر تنظيم مهرجانات تهتم بهذا الفن من أبرزها مهرجان "كناوة.. موسيقى العالم" بمدينة الصويرة، بينما تحتضن العاصمة الجزائر مهرجان موسيقى "الديوان".

وفي سنة 2019، صنفت منظمة اليونسكو فن "كناوة" ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية، استجابة لطلب تقدم به المغرب.

أحدث صيحات القفطان المغربي لصيف 2018
القفطان من الملابس الأساسية في الحفلات والأعراس بالمغرب

جدل "القفطان"

القفطان جزائري أم مغربي؟ سؤال يتردد باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي ويثر الكثير من الجدل بين مغاربة وجزائريين حول أصل هذا اللباس التقليدي النسائي.

وتشهد المنشورات التي تتطرق لهذا الموضوع على الشبكات الاجتماعية تفاعلا واسعا سواء من طرف المغاربة أو الجزائريين، حيث يحاول كل طرف نسب أصل "القفطان" إلى بلده.

هذا التفاعل يحتدم ويتأجج كلما طفا على السطح تصريح لأحد المسؤولين الرسميين أو لأحد المشاهير حول الموضوع، مثل ما حدث سابقا عندما أعلن وزير الثقافة الجزائري السابق، عز الدين ميهوبي، بأن القفطان موروث جزائري، وهو ما آثار حفيظة العديد من المغاربة.

وفي ظل هذه التجاذبات القائمة بين الجارتين، تدعو العديد من النخب والمثقفين في كلا البلدين إلى استغلال التقارب في العادات والتقاليد والتاريخ المشترك من أجل التوحد وتعزيز جسور التواصل بدل التشاحن والتفرقة.