يلف الغموض ملف محاكمة قاتل الخبير الأمني العراقي الراحل، هشام الهاشمي، إذ أجّلتها المحكمة المختصة 6 مرات، خلال الأشهر الماضية، وسط أنباء عن هروب المتهم أو تهريبه.

واغتِيل الهاشمي في يوليو عام 2020، أمام منزله في منطقة زيونة بالعاصمة بغداد، عندما أمطره مسلحون يستقلون دراجة نارية بوابل من الرصاص فأردوه قتيلا.

وضجت الأوساط الشعبية العراقية حينها وكذلك العربية، بتلك الواقعة، خاصة أن الهاشمي معروف على نطاق واسع بتحليلاته الأمنية وخبرته في الشأن العراقي.

وبعد عام على اغتيال الهاشمي، أعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، القبض على المتهم الرئيسي في الجريمة، وهو الضابط في وزارة الداخلية، أحمد عويد الكناني، بينما بث التلفزيون الرسمي اعترافاته الكاملة وتفاصيل جريمة اغتيال الهاشمي.

بدأت محاكمة الكناني منذ نحو عام، لكن القضاء العراقي لم يتمكن حتى الآن من عقد جلسة للمحاكمة، بينما تعتقد عائلة الهاشمي وجود تعمد في تأجيل القضية.

وأوضح مصدر مقرب من عائلة الهاشمي لموقع "سكاي نيوز عربية" آخر تفاصيل المحاكمة، مشيرا إلى أن هناك اعتقادا بأن أيادي خفية قد تكون لها مصلحة في هذا التأجيل المتكرر.

وحسب المصدر، فإن عائلة الهاشمي وصلت إلى مرحلة اليأس من إمكانية تحقيق العدالة، بسبب التأجيل المتكرر والغموض الذي يحيط القضية.

وترى العائلة أن المساعي تهدف إلى إبقاء الوضع الحالي لحين مجيء حكومة أخرى، وحينها قد يتغيّر وضع المتهم، خاصة أن الحكومة المُراد تشكيلها حاليّا، هي مقربة من القوى المتهمة في واقعة الاغتيال.

ويشير المصدر إلى أن عائلة الهاشمي، أيضا لديها قلق على أفرادها، وأصبح تدخلها محدودا في القضية، لأن المسألة تتعلق بالفصائل المسلحة.

تابع للفصائل المسلحة

تشير مصادر عراقية ووقائع التحقيقات الأولية إلى أن المتهم أحمد عويد الكناني قريب من المجموعات المسلحة، وأشاد في أكثر من مناسبة بالميليشيات، ويضع صورة أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي، على بروفايله عبر موقع "فيسبوك".

وبعد اعتقاله، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر أمني قوله إن الكناني كان مرتبطا بكتائب حزب الله العراقي، وهي ميليشيا مسلحة موالية لإيران في العراق، وكان الهاشمي ينتقدها في كتاباته وتعليقاته على وسائل الإعلام.

واتهم ناشطون عراقيون، عقب اغتيال الهاشمي مباشرة، الكتائب بالتورط في الجريمة، خاصة أنه تلقى تهديدات سابقة من أبو علي العسكري، المتحدث باسم الكتائب.

وخلال بث اعترافات الكناني، قال البيان الأمني إنه "ينتمي إلى مجموعة ضالة خارجة على القانون".

مكان المتهم "غير واضح"

في ظل الغموض الذي يحيط بجلسات المحاكمة، فإن مكان المتهم مجهولا لغاية الآن، ولم يظهر بشكل علني أمام وسائل الإعلام، فيما كانت البيانات الرسمية، التي تصدر بعد كل تأجيل، بأنه تعذر إحضار المتهم.

وتحدثت تقارير محلية عن تهريب قاتل الهاشمي إلى إيران، بينما لم تعلق الحكومة العراقية على تلك الأنباء، لكن مصادر مقربة منها، تقول إن المتهم موجود في السجن وإن الأنباء عن هروبه عارية من الصحة.

الخبير في الشأن العراقي علي البيدر، يرى أن "هناك أكثر من احتمال في تلك القضية، وأبرزها أن الجهات القضائية ربما تتخوف من الاستمرار فيها، خاصة أن الفصائل المسلحة طرف واضح، وهي متمرسة على القتل، وبالإمكان تهديد حتى القضاة".

البيدر أضاف في تعليق لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الاحتمال الآخر أن يكون المتهم خارج البلاد، ولا يمكن الوصول إليه، لذلك تضطر المحكمة إلى التأجيل".