تستهلك فئة من التونسيين ثلاثة مليارات لتر من المياه المعدنية المعبئة سنويا، بينما يشرب آخرون مياه الصنابير التي تؤمنها الدولة، وتواجه انتقادات كثيرة تتعلق بجودتها، ويعاني فريق ثالث خاصة في الأرياف من شح المياه، ويشربون المياه التي تعوزها المراقبة الصحية.

ويعكس سلوك هذه الفئات مشكلة المياه في تونس، إن على صعيد الكميات المتوفرة منها أو وجودتها.

وأدت أسباب عدة، أبرزها التغير المناخي واهتراء شبكات الأنابيب، إلى تفاقم أزمة المياه في تونس إلى درجة انقطاعها عن بعض المناطق في البلاد التي توصف بـ"الخضراء"، وذلك على الرغم من التقدم المحرز في مكافحة هذه الظاهرة.

يذكر أن نصيب الفرد الواحد من الماء في تونس بأقل من 400 متر مكعب في السنة، وهي نسبة تقل بـ50% عن السقف الذي توصي به منظمة الصحة العالمية.

ويعاني أكثر من 300 ألف مواطن تونسي من غياب الربط بشبكة المياه الصالحة للشرب، وفق منظمات غير حكومية تونسية.

أسباب الأزمة

وقال رامي بن علي الناشط في المرصد التونسي للمياه لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "قطاع المياه يشكو إشكالات عديدة تعكس أزمة هيكلية تعود في جزء منها لأسباب مناخية، حيث تتميز تونس بالمناخ الجاف وانخفاض تساقط الأمطار في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى ندرة المياه التي تستوجب خطة للتأقلم معها وحسن استغلال الموجود منها".

أخبار ذات صلة

4 محافظات في دولة عربية تصل إلى نصف درجة الغليان
إفريقيا أول ضحايا تغير المناخ.. هل ستنقذها قمة "كوب 26"؟

واتهم بن علي السياسات المتبعة بمفاقمة الأزمة، خاصة أن وزارة الزراعة المشرفة على استغلال الموارد المائية متهمة بالاستحواذ على 80 % من خزان المياه في تونس.

ودعا إلى التدقيق في الموارد المائية المستعملة في المجالين الزراعي والصناعي.

موقف الوزارة

من جهته، يؤكد وزير الفلاحة والموارد المائية في تونس، إلياس حمزة، أن الوزارة تتابع الوضع المائي في البلاد ويتثبتون من صلاحية مياه الشرب وخلوها من التلوث بشكل مستمر.

وأكد وزير الفلاحة أن التحاليل التي قامت بها كل من شركة استغلال وتوزيع المياه ووزارة الصحة أثبتت مطابقة مياه الشرب في تونس للمواصفات.

وأضاف حمزة أن تواتر انقطاع المياه في بعض المناطق مرده فترات الجفاف التي تشهدها تونس منذ 7 سنوات، بسبب التغييرات المناخية.

وجاء تصريح الوزير بعدما ارتفعت أصوات تثير التساؤلات بشأن جودة مياه الشرب، وقالت إن هناك تغيرا طرأ على لونها وطعمها وحتى رائحتها في الآونة الأخيرة.

وأرجع الناشط في المجتمع المدني بن علي، تراجع مواصفات المياه إلى اهتراء شبكات الربط بالمياه بالصدأ، وكثافة ترسبات التربة داخل السدود والمنشآت المائية.

أخبار ذات صلة

تونس تسجل درجة حرارة قياسية 49 درجة مئوية
العالم يحترق.. من سيبيريا شرقا إلى بوليفيا غربا

تقدم تونسي

وكان المقرر الأممي المعني بالحق في مياه الشرب، بيدرو أرخو، قد صرح، قبل أيام، إثر زيارته إلى تونس بأن البلاد حققت مكتسبات في مجال النفاذ إلى الحق في المياه الصالحة للشرب عبر نسبة التغطية وانخفاض التعرفة، ولا يزال أمامها مواجهة التحديات المتعلقة بانقطاع المياه في المناطق الريفية.

ودعا التقرير الأولي للخبير الأممي الحكومة إلى توفير المياه والاحتفاظ بأعلى جودة لها بعيدا عما تحققه الموارد المائية من أرباح عند استعمالها في الزراعة والتجارة.

وقال الخبير في التنمية المستدامة والمياه، حسين الرحيلي، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن ما صرح به المقرر الخاص للحق في المياه والصرف الصحي لدى الأمم المتحدة يتقاطع مع تقرير المياه الصادر عن وزارة الفلاحة في تونس منذ 2020.

وأضاف أن الرحيلي أن تصريحات المسؤول الأممي تتقاطع أيضا مع توصيات الخبراء التي تنبه منذ سنوات إلى إشكالات في المياه المعدة للشرب تتعلق بالكميات والنوعية.

وشدد الرحيلي على أن حوكمة المياه تمر عبر ترشيد استعمالها في قطاعي الزراعة والصناعة، داعيا السلطات للتفكير الجدي في حلول لمشكل المياه في أفق عام 2030 لتفادي الشح والفقر المائي المحتمل.