مع ارتفاع درجات الحرارة و هدوء البحر، ترتفع معدلات رحلات قوارب الهجرة غير النظامية في حوض البحر الأبيض المتوسط محملة بآمال مئات الشباب في الشغل و الاستقرار في بلد أوروبي، غير أن أحلامهم قد تذهب أدراج الرياح في مواجهة الحرس البحري ومخاطر الرحلة.

وتواجه آمال "الفردوس الأوروبي" الغرق جراء وضعية القوارب المتهالكة أو بسبب ما ينشب من خصومات على متن القارب تنتهي بسقوط البعض في عرض البحر لتتواصل الرحلة بمن بقي.

موقع "سكاي نيوز عربية" بحث وسمع عن تفاصيل خطرة لرحلة عبور المتوسط من تونس باتجاه أوروبا، على لسان عائدين من رحلات الهجرة السرية وآخرين نجوا.

يقول علي البعزاوي وهو من منطقة الشراردة بمحافظة القيروان التي تشهد خروج عدد من أبنائها بشكل دوري في رحلات الهجرة غير النظامية إن "الأمر أصبح شبيها بالعادة في المنطقة حيث نسمع بين الفينة والأخرى عن خروج عدد من شباب المنطقة وحتى عائلاتها في رحلات مجهولة المصير".

وقال علي إن عائلته فقدت خلال هذا الأسبوع أربعة من أفرادها في رحلة هجرة غير نظامية بعد غرق مركبهم في سواحل جزيرة قرقنة  "توفيت ابنة أختي مريم وأختها وطفلاهما غرقا في رحلة هجرة غير نظامية قادتهما إليها البطالة و الحاجة، فركبتا المخاطر مع الأبناء دون علم العائلة التي صدمت من خبر الغرق، لأننا لم نكن نعلم عن نيتهما في المخاطرة بالهجرة، لكن يبدو أن اليأس دفعهما للمجهول".

توفيت السيدتان البالغتان من العمر 35 و 32 سنة و طفلاهما وهما في الخامسة و الثالثة من العمر، بينما نجت الابنة البالغة من العمر عشر سنوات بأعجوبة.

وتابع خال الضحايا "الطفلة الناجية مازالت في وضعية نفسية سيئة ولم نبلغها بعد عن مصير والدتها وأختها لقد نجت بمعجزة بعد تمسكها بكرة لساعات طويلة استمرت من منتصف ليل الاثنين حتى منتصف نهار الثلاثاء عندما تم إنقاذها".

وكان مركب هجرة غير نظامية على متنه حوالي 30 مواطنا تونسيا؛ من بينهم نساء و أطفال قد غرق الثلاثاء بسواحل جزيرة قرقنة، ليتم إنقاذ 20 شخصا منهم وانتشال 8 جثث فيما يجري البحث عن المفقودين.

وتشير الإحصائيات الصادرة عن الجهات الرسمية و منظمات الهجرة إلى أن أكثر من 10 آلاف تونسي وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية العام في إطار عمليات الهجرة غير النظامية، ومنهم حوالي 1000 مهاجر خلال الأسبوع المنقضي.

برا وبحرا

وتنوعت مسالك رحلاتهم السرية عبر البحر والبر والجو حيث ظهرت في السنوات الأخيرة رحلات العبور إلى أوروبا عبر صربيا والتي تؤمنها شبكات دولية للاتجار بالبشر و لا تقل خطورة عن الرحلات البحرية.

و في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال وسام البالغ من العمر 29 عاما إنه وصل إلى أوروبا منذ أسبوعين عبر مسلك صربيا في رحلة شاقة كادت تودي بحياته.

وحدثنا وسام  "قررت الهجرة بأي ثمن منذ أشهر، خاصة بعد أن وصل بعض أفراد عائلتي إلى أوروبا عبر جسر جوي من تونس إلى صربيا، ثم برا إلى دول أوروبا، وبدأت العملية بالتعرف إلى أحد منظمي هذه الرحلات السرية من خلال مجموعة على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك، تواصلت معه و دفعت المبلغ المطلوب من 7 آلاف دولار وحجزت تذكرة إلى صربيا عبر تركيا".

و تابع وسام "بدأت المخاطر بعد الوصول إلى صربيا، فبعد تأمين إقامتنا في تركيا ثم صربيا،
جاءت سيارة في الموعد المحدد من المهربين لتحملنا إلى سويسرا في ساعة متأخرة من الليل،
وعلى الحدود السويسرية عند الغابات تنتهي مهمة المهرب و تبدأ جهودنا في اجتياز الحدود خلسة".

أخبار ذات صلة

فاجعة قبالة سواحل تونس.. العشرات في عداد المفقودين

وأضاف "كنا مضطرين لتسلق سور عال ومن كان بإمكانه دفع مبلغ 300 أورو إضافي يتم تمكينه من سلم وبعد مشقة عبور السور ندخل الأراضي السويسرية، وعلينا الركض بأقصى سرعة داخل الغابات حتى لا يكشف أمرنا ".

واستطرد وسام "أصعب المواقف في هذه الرحلة عندما أعلمنا المهرب أنه مضطر لقلب السيارة بسبب المراقبة الأمنية لينجو من ينجو ويصاب من يصاب ومن حسن حظي خرجت سالما من حادث قلب السيارة و ركضت هاربا باتجاه الغابات ووقعت عشرات المرات وبمجرد عبوري نحو سويسرا أوقفتني الشرطة ووضعوني في السجن".

أخبار ذات صلة

كيف تحول احتمال الموت على قوارب الهجرة السرية فرصة للحياة؟

 وعلق وسام ضاحكا "كان مكانا مريحا جدا فيه حمام وأكل ومعاملة جيدة" وتابع "تم إطلاق سراحي فيما بعد ووضعوا سوارا على معصمي يرصد تحركاتي و أعلموني أنه إذا عثروا عليا بعد أربعة أيام سيكون مصيري السجن فركبت القطار فورا باتجاه فرنسا".

وأسر إلينا وسام "أنا اليوم أعمل في مدينة ليون، فأنا أتقن الرسم على الجدران والعمل في البناء والصباغة، ولكن في الحقيقة لا أحبذ الحديث عن ظروف عملي أو عن شبكات الرحلات غير النظامية للهجرة خاصة في وسائل الإعلام، فرغم المخاطر وابتزاز المهربين، هناك عائلات بأكملها تأمل في مصير أفضل من خلال تلك الرحلات".