يتفاقم الوضع الغذائي في ليبيا مع استمرار "أزمة الحكومتين"، وطول أمد حرب أوكرانيا، وسط تحذيرات دولية من أن ثلث الليبيين يعانون انعدام الأمن الغذائي، ومعاناة أطفال من أمراض سوء التغذية.

ووفق خبراء اقتصاد تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن "غياب توطين صناعة الغذاء، وإهمال الزراعة، واستمرار الصراعات الداخلية، سيقود لأزمة وشيكة في الغذاء".

وفي أحدث تقرير لبرنامج الغذاء العالمي عن الوضع الغذائي في الشرق الأوسط، جاء أن الوضع الغذائي في ليبيا "هش وخطير بسبب نقص الحبوب والسلع الأساسية نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية".

ولفت إلى أن "ثلث الليبيين تقريبا يعانون انعدام الأمن الغذائي، و1.2 مليون (من بين أكثر من 6 ملايين هم عدد السكان) لديهم عدم كفاية استهلاك للغذاء".

وأضاف أن "13 بالمئة من الأسر لديها فجوة في الأمن الغذائي، ونتيجة الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، ارتفع الإنفاق على الغذاء 16.6 بالمئة، ليزيد عن 800 دينار شهريا".

وبالتوازي، أعلن مكتب منظمة "يونيسف" في ليبيا، برنامجا مسحيا بمشاركة 25 موظفا بوزارة الصحة، ومكتب الإحصاء ومعهد الرعاية الصحية الأولية، لتقييم التغذية للأطفال والنساء ورصد مدى التدهور، والوقاية من الوفيات المرتبطة بالتغذية.

وأدى تعثر طرق التجارة بعد حرب أوكرانيا إلى نقص حاد بالوارد من القمح إلى ليبيا، ومنعت دول تصدير منتجات أساسية لحاجة السوق المحلية لها، من بينها مصر وتونس، اللتان تعتمد عليهما ليبيا في المواد الغذائية.

وليبيا تستورد من روسيا وأوكرانيا 650 ألف طن قمح، وهو نصف احتياجاتها، وأغلقت بعض المخابز أبوابها بسبب غلاء الدقيق واختفائه من الأسواق.

أخبار ذات صلة

غضب يسود عموم ليبيا.. "كلمة السر" الأوضاع المعيشية
الجوع يهدد طرابلس.. الخبز "بالقطارة" وأسعار الدقيق في السماء
شبح الجوع يهدد جنوب ليبيا.. حرب أوكرانيا تفاقم أزمة الغذاء
دول عدة تدفع ثمن حرب أوكرانيا.. خريطة جديدة للقمح والجوع

"العوار الكبير"

وتوقع المحلل الاقتصادي الليبي، شريف عريقيب، أن "الوضع الحالي لن يتغير بسبب انشغال المسؤولين بمكاسبهم السياسية، وانخراط الوزارات الخدمية في معترك الأزمة السياسية".

وراسما صورة لخريطة الغذاء في ليبيا، قال عريقيب إن "ليبيا تعتمد في 90 بالمئة من غذائها على الاستيراد، ولا توجد خطة للأمن الغذائي، كما أن المشاريع الغذائية والزراعية اختفت تقريبا، ومخازن الأغذية متهالكة ولا تستوعب تخزين كميات كبيرة".

واستطرد: "يُضاف لذلك، أن الاستثمارات في الزراعة والصناعات الغذائية كانت دائما تؤول لمستثمرين أجانب، ومع سوء الوضع الأمني والتقلبات السياسية لن يغامر أحد بوضع أمواله في ليبيا، كما لا يرون أن الاستثمار في هذه المجالات يدر عائدا مثل مجالات أخرى".

وبتعبيره، فإن الأزمة الأوكرانية الروسية كشفت "العوار الكبير" في المنظومة الغذائية في ليبيا؛ فالأرقام المتوفرة تؤكد أنه "لا توجد رقعة زراعية كافية لإطعام 5 بالمئة من الليبيين".

أخبار ذات صلة

عام على خفض سعر الدينار الليبي.. ما النتائج؟

وبدوره، رأى دكتور التغذية الليبي، إبراهيم عدنان، أن "الأطفال يعانون بشكل كبير من سوء التغذية، لكن الوضع لم يصل لدرجة عالية من السوء مقارنة بدول أخرى تمر بنفس ظروف ليبيا".

ولفت عدنان إلى أن "المواليد في مناطق، خاصة الجنوب، يعانون نقص تطعيمات تجعلهم قادرين على تحقيق تمثيل غذائي جيد، وتجنبهم أمراض نقص الغذاء".

ويتردد أطفال كثيرون على العيادات وهم يعانون البوادر الأولية لسوء التغذية، من بينها الضعف العام وعدم زيادة الوزن والطول، بما يناسب المرحلة العمرية.

وإضافة للفوضى الأمنية التي تضرب البلاد منذ 2011، وحرب أوكرانيا، تعاني ليبيا من تداعيات "أزمة الحكومتين"؛ حيث ترفض الحكومة منتهية الصلاحية بقيادة عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة للحكومة المنتخبة من البرلمان بقيادة فتحي باشاغا؛ مما يعطل دولاب العمل الحكومي عن توفير الخدمات.

كما أن إقدام جماعات مسلحة على إغلاق حقول النفط، مصدر الدخل الوحيد، أثر على القدرة الشرائية لليبيين.