بعد نحو عام ونصف على سحب واشنطن قواتها من الصومال، جاء قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، بإعادة نشرها من جديد، ما عده محللون "بادرة أميركية للتعاون مع السلطات الجديدة ولتحجيم حركة الشباب الإرهابية التي توسّعت عملياتها ونفوذها خلال الآونة الأخيرة".

قرار بايدن جاء بعد ساعات من فوز الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود، برئاسة البلاد مرة أخرى، في تصويت أجراه نواب البرلمان، الأحد، وسط آمال دولية بأن يسعى الرئيس الجديد إلى حلحلة الأزمات بعد سنوات من عدم الاستقرار السياسي والأمني.

وفي منتصف ديسمبر 2020، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الرئيس آنذاك دونالد ترامب أمر بسحب معظم القوات الأميركية من الصومال، مع ضرورة استكمال الانسحاب بحلول 15 يناير 2022 وهم ما تم بالفعل، حيث كان يتواجد نحو 700 جندي أميركي يعملون على تدريب وحدة كوماندوز محلية (دنب) لمحاربة حركة الشباب الإرهابية وتنفيذ عمليات نوعية على الأرض، تم نقلهم إلى جيبوتي وكينيا المجاورتين.

وفي الأشهر الأخيرة، كثفت حركة الشباب هجماتها لا سيما عبر تفجيرين في وسط البلاد أسفرا عن سقوط 48 قتيلا في 24 مارس، ثم هجوم كبير على قاعدة لقوات الاتحاد الإفريقي الأسبوع الماضي سقط فيه 10 قتلى حسب حصيلة رسمية.

سيناريو أفغانستان

ويقول الأكاديمي الصومالي، عبد الولي شيخ محمد، إن انسحاب القوات الأميركية وتقليص بعثة الاتحاد الإفريقي ساهما بشكل واسع في توسيع نفوذ وتغول حركة الشباب الإرهابية التي استغلت الفراغ الأمني والاستقطاب السياسي خلال العامين الأخيرين في البلاد لتزود مساحات سيطرتها.

وأضاف شيخ محمد، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الأوضاع كانت تتجه إلى الأسوأ مع اتجاه كان سائدا بسحب بعثة الاتحاد الإفريقي كليا من جراء عدم توافر التمويل والدعم اللوجيستي اللازم لتأهيل القوات وتدريبها والخلاف مع إدارة الرئيس السابق محمد فرماجو، قبل أن يقرر مجلس الأمن تمديد مهمة "أميصوم" حتى مارس 2021 ثم حلّت محلها "أتميس" وهو ما منع انزلاق البلاد إلى سيناريو أفغانستان.

وأشار إلى أن المجتمع الدولي كان على خلاف واسع مع فرماجو الذي كان يصنع العراقيل أمام إنجاح أي فرص للحوار السياسي، وكذلك استخدامه الجيش ضد المعارضة، وإدخال البلاد في حالة من الغموض وعدم اليقين وتدمير الثقة بين أميصوم والحكومة، ما أدى إلى عدم شن عمليات عسكرية واسعة تكسر شوكة "الشباب" الإرهابية، وبالتوازي مع ذلك كان هناك رغبة من ترامب في إعادة لملمة جنوده بالخارج.

سلطة مغايرة

واعتبر أن الوضع مغايرا الآن هناك رئيس جديد للبلاد تعهد في أول خطاب له بالعمل على تقريب المسافات بين الصوماليين وعدم الانتقام من أنصار النظام السابق وقيادة الصومال وفق القانون والدستور وفرض الاستقرار السياسي وهو ما دفع بايدن إلى إعادة جنوده بهدف تحجيم دور حركة الشباب الإرهابية.

ولفت إلى أن بايدن واجه انتقادات حادة في ظل تباطؤ واشنطن في عملياتها ضد عناصر حركة الشباب خاصة بعد استيلائها على مدن كاملة ومجازر واسعة ضد البعثة الإفريقية والجيش والمدنيين الصوماليين حيث مكن الانسحاب الأميركي مسلحي الحركة من العودة إلى استخدام سيارات نقل عسكرية ومفخخة في هجماتهم، بعد أن كانت هذه السيارات هدفا لغارات أميركية.

أخبار ذات صلة

بعد انتخاب رئيس الصومال.. بايدن يتخذ قرارا عسكريا
في مطار وتحت حراسة مشددة.. انتخاب رئيس جديد للصومال
انتخابات الصومال.. 39 مرشحا يتنافسون على "كرسي الرئيس"
الصومال.. حركة "الشباب" توسع نفوذها وتحاصر "بعثة الاتحاد"

وأوضح أن المجتمع الدولي قدم الكثير للصومال من مساعدات على كافة الأصعدة، من دعم للميزانية عبر مشاريع تنموية، أو الحرب على الإرهاب ورعاية مبادرة حفظ السلام الإفريقية وحان الوقت لأن تكون هناك مساندة داخلية قوية بهدف انعكاس كل ذلك على الصوماليين وليس كما كان يحدث حيث كانت تستولي نخبة بعينها على مقدرات البلاد.

وفي مطلع أبريل الماضي، صوّت مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه على تشكيل قوة جديدة تابعة للاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال تتمثل مهمتها في مكافحة إرهاب حركة الشباب حتى نهاية 2024.

وحلتّ القوة الجديدة التي أُطلق عليها اسم "أتميس" محل القوة السابقة "أميصوم" (مهمة الاتحاد الإفريقي في الصومال)، ويبلغ عدد أفراد هذه القوة الجديدة 20 ألف عسكري وشرطي ومدني، سيخفض بشكل تدريجي إلى الصفر بحلول 31 ديسمبر 2024، وسيتم في مرحلة أولى خفض العدد بمقدار 2000 جندي بحلول 31 ديسمبر 2022، ثم عمليات خفض متتالية في نهاية كل مرحلة (مارس 2023 وسبتمبر 2023 ويونيو 2024 وديسمبر 2024) وفقاً لنص القرار.