مع دخول الأزمة السورية عامها الـ12، تراجع الأضواء عنها، مع تصدُّر أزمة أوكرانيا اهتمام العالم، وسط مخاوف أن ينعكس هذا الأمر على فشل التفاهمات الموقعة بين الأطراف المتصارعة في سوريا بشأن الدستور المنتظر.

وحاول المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسون، الثلاثاء، إرسال طمأنة عبر تصريحات أكد فيها استحالة الحل العسكري، وأنه يتواصل باستمرار مع الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية لتعزيز تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، مشيرا إلى أن خطوط التماس لم تتغير.

غير أن بيدرسون اكتفى بالإشارة إلى عقد اجتماع اللجنة الدستورية قريبا دون تحديد موعد.

من جانبه، صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن الاجتماع المقبل لدول ثلاثية أستانة، والمتمثلة في روسيا وتركيا وإيران، بشأن سوريا سيعقد في القريب العاجل.

والعام الماضي، انتهت جولة مفاوضات أستانة الـ17 الخاصة بالوضع في سوريا، وجولة جنيف الـ6 الخاصة باللجنة الدستورية، دون تقدم ملموس.

أخبار ذات صلة

جولة جديدة لـ"مفاوضات أستانة".. وآمال بانفراجة في أزمة سوريا
أزمة سوريا.. دلالات ومؤشرات لزيارة بيدرسون الأخيرة لدمشق

تداعيات الحرب

وقبل تفاقم الأوضاع في أوكرانيا، تقاربت وجهات النظر بين واشنطن وموسكو بشأن سوريا، حيث خرجت نتائج اللقاء الأول بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتن، العام الماضي، بتقدم ملموس بشأن قضايا المعابر الإنسانية والعقوبات الموقعة على سوريا.

وانعكس اللقاء على تفاهمات مبعوثَي بايدن وبوتين في جنيف، والمحادثات بين بيدرسون ودمشق حول ملامح اللجنة الدستورية.

ويتوقع غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، بأن يؤثر الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة حول أوكرانيا على سوريا، وأن تمارس واشنطن وأنقرة ضغوطًا على حساب دمشق وموسكو في إدلب.

ويتبع هذا احتمال تأخر انسحاب القوات الأميركية والتركية من الأراضي السورية، وعدم التجاوب مع المساعي الروسية بشأن هذه النقطة، وفق يوسف.

ويُضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "أما إذا تم التوصل لحل بشأن أوكرانيا بين الولايات المتحدة وروسيا، فسيسهم هذا في إيجاد مخرج للأزمة السورية".

تضامن دمشق

فور إعلان روسيا عن عمليةٍ عسكرية في أوكرانيا، فبراير المنصرم، أكد الرئيس السوري بشار الأسد في اتصال هاتفي بنظيره الروسي فلاديمير بوتن تضامن بلاده مع روسيا، واصفًا ما تقوم به موسكو بأنه "تصحيح للتاريخ، وإعادة التوازن للعالم، ودفاع عن مبادئ العدل".

وقدمت سوريا 110 أطنان من المساعدات والسلع الأساسية، إلى دونيتسك، بعد تأييدها لقرار روسيا باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك شرقي أوكرانيا.

ويجد أحمد عليبة، الباحث السياسي، أن هذا الموقف سيزيد تعقيد المسار السوري، بعد أن تحوّلت سوريا من منطقة نفوذ روسي إلى خط دفاع عن موسكو.

وينوّه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن موسكو مهدت لهذا التطور في موقف سوريا قبل الحرب في أوكرانيا بإجراء مناورات عسكرية وزيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، لقاعدة حميميم العسكرية الروسية في اللاذقية.

وتُشير التقارير إلى تراجع ملحوظ في تحركات الدوريات الروسية في مناطق الوجود العسكري الأميركي بشمال شرقي سوريا، والنقاط الأمنية المشتركة بين موسكو وأنقرة شمال الحسكة.

مصير الدستور

وعن الجولة المقبلة من مفاوضات اللجنة الدستورية، يتوقع يوسف بأنه رغم استمرار المحادثات بين بيدرسون ودمشق ونشاط روسيا في هذا الملف، ستظهر عرقلة من واشنطن لعمل اللجنة والمفاوضات بين الحكومة والمعارضة.

ويرجح عليبة ألا تسمح موسكو لواشنطن بتمدد نفوذها في سوريا؛ لذا ستصبح محادثات الدستور إجراءات شكلية دون نتائج، وربما استئناف عمل اللجنة يصب في صالح دمشق، بعد نجاح روسيا في استمالة أطراف مثل الأكراد ناحيتها.