حذر مراقبون للشأن الليبي من انزلاق البلاد مجددا إلى الصراع، على يد قوى مسلحة وأجندات سياسية، تسعى إلى البقاء في المشهد، وافتعال الأزمات مع الحكومة المرتقبة ورئيس الوزراء الجديد فتحي باشأغا، الذي اختاره البرلمان لقيادة السلطة التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية وحتى عقد الانتخابات.

وهنا يبرز موقف تنظيم الإخوان "المتناقض"، الذي يذهب مراقبون إلى وصفه بـ"المخادع"، فرغم أن التنظيم وعلى لسان القيادي به ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، لم يعارض تولي باشأغا رئاسة الحكومة، بعد توافق مع مجلس النواب حول المسار الدستوري، إلا أن تحركات القوى المسلحة المدعومة من التنظيم جاءت عكس ذلك، حيث أبدت تأييدا لرئيس الوزراء المؤقت عبد الحميد الدبيبة.

عودة الصراع "هدف" الإخوان

وقال السياسي الليبي رئيس المجلس المحلي لمنطقة طبرق سابقا، فرج ياسين إن الهدف هو خلق "حرب أهلية داخل طرابلس"، وفتنة بين المليشيات تتحول إلى بركة دماء؛ لتكون الحصيلة تقسيم البلاد، وجعل موطئ قدم دائم للتنظيم.

وتابع، في حديثه إلى سكاي نيوز عربية: "الإخوان يسعون جاهدين لبقاء مفاصل الدولة تحت سيطرتهم، ومن خلفهم القوى المسلحة التي تتبعهم، ولو كان الأمر سيؤدي إلى تفتيت البلاد، لكن يظل التنظيم مسيطرا على المنطقة الغربية، ويشكل هناك الدولة التي يريدها وفق منظوره".

أخبار ذات صلة

ليبيا.. الدبيبة يتحدث عن "قطار الانتخابات"
مصراتة.. "ناقوس خطر" قادم من مسقط رأس الدبيبة وباشأغا

وشدد ياسين على أن هذا السيناريو مدعوم من جهات خارجية، تسعى إلى الهيمنة على مقدرات الليبيين، وأمام هذا الخطر الحقيقي، فلا يمكن سوى دعم حكومة باشأغا، التي اختارها مجلس النواب، في ظل هذا الظرف الحساس؛ لأنه الخيار الأفضل حاليا، مشددا على أن التصعيد يهدد وحدة البلاد.

لكن الأمر لا يقتصر فقط على رغبة التيار الإسلامي في استمرار هيمنته غربا، وإنما يتعدى إلى المجموعات المسلحة التي ترتبط بمصالح معه، ومنها مليشيات مدينة الزاوية التي أعلنت معارضتها لحكومة باشأغا، كما تحركت على الأرض بإرسال أرتال إلى العاصمة طرابلس.

خلاف قديم مع باشأغا

وأشارت مصادر مطلعة لـسكاي نيوز عربية إلى أن تلك المجموعات دخلت في خلاف قديم مع باشأغا، حينما كان يشغل منصب وزير داخلية في حكومة من أجل إطلاق عملية واسعة في الغرب الليبي، انتزاع السيطرة على مجمع مليتة للنفط والغاز الواقع شرقي مدينة زوارة، وأيضا مصفاة الزاوية لتكرير النفط، من تلك المجموعات، التي لم تنسَ هذا الموقف، واليوم تعارض توليه السلطة.

لكن المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل يرى أن هناك بارقة أمل تبعد الليبيين عن الحرب؛ لأنه في كل المرات السابقة كان الاستنفارات المسلحة ضد التحولات السياسية كانت تأتي من مليشيات مصراتة، وهي اللاعب الأقوى في الغرب، ولكون الاسمين المطروحين سواء الدبيبة أو باشأغا من المدينة نفسها، فسيبقى الصراع بعيدا، بل ويمكن حسمه في النهاية سلميا.

وأضاف عقيل، في حديثه إلى سكاي نيوز عربية، أن احتمال انطلاق الحرب وارد جدا باستخدام الأطراف الأخرى عبر المجموعات المسلحة من المدن الأخرى، التي أبدت دعمها للدبيبة، والأخير ما زال يعول على أن يكون هناك موقفا دوليا داعما لبقائه.

خطر الانقسام

وحول دخول البلاد في حالة انقسام، قال: "هذا الخطر صار حقيقيا على أرض الواقع، مشددا على أن سيناريو الحكومة الليبية إبان رئاستها من قبل عبدالله الثني لن يتكرر؛ إذ إن باشأغا سيصرّ على أن يباشر مهامه من العاصمة طرابلس، ويتولى السلطة في جميع ربوع البلاد، ولن يرضى بأن يبقى بتشكيله الوزاري في الشرق، مقابل إصرار الدبيبة على بقائه في منصبه وعدم التسليم".

وهنا يؤكد الباحث السياسي الليبي محمد قشوط أنه سيكون هناك حكومة شرعية نالت الثقة، تسعى لتمكين نفسها، وحكومة انتهت ولايتها ورغم ذلك تسعى إلى الاستمرار في السلطة.

وشدد قشوط على أن الوضع اختلف عما كان عليه الحال إبان حكومة فائز السراج، التي عولت دائما على شماعة "الاعتراف الدولي"، حيث إن الأمر تغير في ظل التفاهمات التي وصل إليها مجلس النواب، بينما لم يتمكّن المجتمع الدولي من تقديم الدعم الكافي لعقد الانتخابات، في حين أن الأمم المتحدة صرحت بأن تغيير الحكومة الليبية هو قرار سيادي لا تتدخل فيه.