في غمرة احتدام الخلاف حول منصب رئاسة جمهورية العراق، كرديا بالدرجة الأولى وعلى الصعيد العراقي العام، والذي زاده تعقيدا صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا بوقف اجراءات ترشح القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري على خلفية الطعن المقدم لها بتهم موجهة له بالفساد المالي والاداري، فضلا عن قرار رئاسة البرلمان العراقي بفتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية مجددا.

في ظل كل هذه التوترات، اجتمع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل الطالباني، الخميس، في بلدة صلاح الدين، قرب أربيل، في محاولة يراها مراقبون أنها الفرصة الأخيرة للتوافق بينهما وطي صفحة الخلاف المحتدم على رئاسة العراق، والذي لم يتم الإعلان رسميا عما تمخض عنه.

ويرى المراقبون أن حراجة الموقف ستدفع الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، للبحث عن حلول وسط توافقية بينهما في ظل تصاعد صراعهما على المنصب وما قد يجره من انعكاسات سلبية على أكراد العراق، ودورهم في المعادلات الوطنية والسياسية العراقية، وحتى داخل إقليم كردستان العراق، بما يزعزع توازن القوى الدقيق والحساس بين الحزبين هناك.

وتعليقا على لقاء القمة الكردية بين رئيسي الحزبين، يقول الكاتب والمحلل السياسي، طارق جوهر، في حديث مع سكاي نيوز عربية: "سيتم على الأغلب الارتكان للحكمة والمنطق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، وبما يتسق مع المصالح العليا للشعب الكردي في العراق، بحيث يصار إلى تخفيف حدة الاحتقان السياسي بين الطرفين في تنافسهما على منصب رئيس جمهورية العراق".

أخبار ذات صلة

السباق الرئاسي العراقي.. ترشيحات جديدة تشغل الشارع
السباق الرئاسي في العراق.. تعطيل المشاورات بانتظار زيباري

 لا مستحيل في السياسة وليس من المستبعد أن يتم الاتفاق بين البارزانى والطالباني، كما يتوقع جوهر، مضيفا: "وفتح صفحة جديدة بحيث يحل التحالف والعمل المشترك محل التنافس والتضاد، والذي بات يهدد بإضعاف الدور الكردي ليس فقط في بغداد بل وحتى على الصعيد الإقليمي والدولي، علاوة على مخاطر تداعيات هذا التنافس والتنابذ على الوضع في إقليم كردستان وتجربته الديمقراطية ووحدته".

فيما كشف مصدر سياسي كردي مطلع، رفض الإفصاح عن اسمه، في حديث مع سكاي نيوز عربية، عن أن: "ثمة قناعة تبلورت على ما يبدو لدى الطرفين بعد طول عناد ومكاسرة، أن هذه المعركة الحامية بينهما في بغداد سترتد سلبا عليهما، وأن لا منتصر فيها بل على العكس هي ستنال حتى من هيبة المرشح الذي سيفوز منهما برئاسة العراق، والذي بات أشبه بسبب للفرقة والقطيعة بين أكراد العراق".

العراق.. توتر بين الديمقراطي والاتحاد بشأن ترشيح زيباري

 ويضيف: "ثمة سيناريوهات وأفكار عديدة طرحت على طاولة البارزاني والطالباني وتبادلاها، لعل من أبرزها فكرة، تداول منصب رئاسة العراق بينهما في كل دورة انتخابية، بمعنى أن يشغله الاتحاد الوطني، وفي المرة القادمة يشغله الديمقراطي الكردستاني ويدعمه الاتحاد أيضا حينها، وأن يسري هذا الاتفاق على منصب رئاسة الإقليم أيضا، بمعنى أن يتم تبادل الموقعين السياديين الأولين في أربيل وبغداد بين الحزبين كل 4 سنوات".

ويتوقع المصدر السياسي الكردي، أن يتم الاتفاق على هذه الصيغة بين مسعود البارزاني وبافل الطالباني، مضيفا: "هي صيغة عقلانية ومنصفة للطرفين ولا غالب ولا مغلوب فيها، والمهم أنها تنعكس ايجابا على الحضور الكردي المحوري في المعادلة العراقية العامة، وتسهم في تكريس الاستقرار والتوازن داخل إقليم كردستان العراق".

فيما أكد مصدر مقرب من المباحثات، في حديث مع سكاي نيوز عربية، أن: "أجواء الاجتماع كانت ايجابية وبناءة، وبعد تبادل جملة خيارات وحلول للخروج من المأزق، طلب رئيس الاتحاد الوطني، بافل الطالباني الرجوع للتشاور مع قيادة حزبه حول طروحات البارزاني التي قدمها، والذي طلب مرة أخرى استبدال الاتحاد مرشحه الرئيس الحالي، برهم صالح، بشخصية أخرى وحينها سيسحب الديمقراطي الكردستاني مرشحه، ويدعم مرشح الاتحاد كمرشح كردي واحد".

أخبار ذات صلة

استبعاد زيباري.. منصب رئيس العراق بمعركة "تكسير العظام"
العراق.. المحكمة الاتحادية توقف إجراءات انتخاب زيباري مؤقتا
برهم صالح أم هوشيار زيباري؟.. الميليشيات العراقية تتجرع السم
معركة كردية خالصة.. انتخابات رئاسة العراق تشتعل

 ويضيف المصدر: "يمكن القول أن الاتفاق سيتم في النهاية، وأن الاتحاد سيعمد إلى تغيير مرشحه، بما يمهد السبيل لحلحلة هذه العقدة الخلافية المزمنة، والتي يمثل فكها فرصة لإقلاع قطار العملية السياسية العراقية المتوقف الآن".

وفي السياق، يرى مراقبون أن نجاح الأكراد بعد لقاء البارزاني والطالباني، في تجاوز عقدة الصراع على رئاسة الجمهورية بينهم، سيسهم في تحقيق انفراجة كبرى في الانسداد السياسي الذي يعصف بالعراق، وسيعبد الطريق أمام تنفيذ بقية الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها وعلى رأسها استحقاق تكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

هذا وحسب العرف السائد في العراق بعد عام 2003 يذهب منصب رئيس العراق إلى الأكراد، ورئيس الوزراء إلى الشيعة، ورئيس البرلمان إلى السنة.