يحدتم النقاش في الجزائر حاليا بين الأوسط السياسية والحزبية، وذلك بعد إعلان نتائج انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، التي أفرزت عن تصدر حزب جبهة التحرير الوطني "الأفلان" للمركز الأول، وذلك بحصوله على 26 مقعدا.

وتتجه أنظار الأعضاء الجدد للمجلس نحو مسألة بقاء الرئيس الحالي لمجلس الأمة صالح قوجيل في منصبه أو التوجه نحو انتخاب رئيس جديد من بين الأعضاء الجدد.
 
ويرى خبراء القانون أنه من المهم أن يكون هنا نقاش سياسي في الجزائر بخصوص منصب رئيس مجلس الأمة، وذلك بالتزامن مع مرور الذكرى الثالثة للحراك الشعبي الجزائري "22 فبراير".
 
 من الناحية القانونية 
 
من الناحية القانونية يؤكد الخبير الدستوري الجزائري عامر رخيلة أن قوجيل يعد رئيساً منتخباً على رأس مجلس الأمة وفق نص القانون الذي يعطيه الحق في البقاء في منصبه لمدة 6 سنوات كاملة منذ انتخابه بالإجماع في 24 فبراير 2021.
 
وحسب القانون، فإن رئيس مجلس الأمة يعد الرجل الثاني في الدولة بعد الرئيس عبد المجيد تبون، وتعود إليه مقاليد الحكم في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو مرضه، كما هو الوضع مع رئيس مجلس الأمة الراحل عبد القادر بن الصالح، الذي تولى إدارة البلاد بصفته رئيسا مؤقتا عقب تقديم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لاستقالته عام 2019.
 
وقال رخيلة لموقع "سكاي نيوز عربية" إن عهد قوجيل غير مرتبط بانتخابات التجديد النصفي، لإنه ليس رئيسا مؤقتا للمجلس كما كان في السابق. 
وينظر الخبير القانوني إلى مسألة رحيل قوجيل من منصبه من زاوية سياسية، مشيرا إلى أن أساس النقاش راجع إلى عمر الرجل البالغ من العمر 91 عاما ومدى قدرته على إدارة شؤون الغرفة الثانية من البرلمان.
 
 ويرى رخيلة أن الإشكالية المطروحة حاليا تكمن في سن السياسي الجزائري، وقدرته على إدارة فريق من النواب، ومعظهم من جيل ما بعد الاستقلال.
وأفرزت نتائج انتخابات التجديد النصفي أعضاء يبلغ متوسط معدل أعمارهم 50 عاما.
 
 ويعكس الأمر تطلعات الشعب مقارنة بالإصلاحات السياسية التي جاء بها الرئيس عبد المجيد تبون منذ انتخابه عام 2019.

أخبار ذات صلة

الجزائر.. "جبهة التحرير" تفوز في تجديد غرفة البرلمان الثانية
الجزائر.. لماذا يعود الوزراء إلى مقاعد الدراسة الجامعية؟
رحيل أسطورة "جبهة التحرير".. الجزائريون ينعون زوبا
انتخابات الجزائر انتهت.. وقطار الإصلاح يتأهب للانطلاق

الرجل الثاني لسد أي فراغ

تاريخيا فقد توجهت الجزائر لأول مرة نحو تأسيس مجلس للأمة عام 1996، وذلك لأسباب سياسية صعبة مرت بها الجزائر خلال العشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضي وهي الفترة التي شهدت اغتيال الرئيس السابق محمد بوضياف في 29 يونيو 1992، مما خلق وضعا استثنائيا رافقه فراغ في المؤسسات التشريعية.

وقد نصت المادة 98 من دستور 1996 على تأسيس مجلس للأمة من أجل سد أي فراغ في السلطة في حالة ما تعذر على رئيس الجمهورية تولي مهامه الدستورية. 
 
ويتشكل مجلس الأمة حاليا من 144 عضوا منهم 47 عضوا معين من طرف رئيس الجمهورية، بما يعرف قانونيا ب "الثلث الرئاسي".
 
 ويوصف "الثلث الرئاسي" بالكتلة الكابحة والمعرقلة لأي قرارات تتعارض مع الرؤية السياسي التي يتبناها رئيس الجمهورية، وهو ما انعكس على طبيعة اللوائح التي أصدرها مجلس الأمة منذ عام 1996 إلى يومنا.
 
"قوجيل الرجل المناسب"
 
 من جهة ثانية، يرى آخرون أن قوجيل تتوفر فيه جميع الصفات التي تؤهله للبقاء في المنصب الذي تتحكم فيه رئاسة الجمهورية.
 
وينظر لقوجيل بصفته شخصية وطنية ذات ملامح تاريخية، وذلك بحكم الدور البارز الذي لعبه خلال الثورة الجزائرية، وهو ما يجعله محل ثقة للسلطة وعلى رأسها تبون.
 
 ويصف الباحث في العلوم السياسية والأستاذ بجامعة الجزائر فاتح خنانو مسألة رحيل أو بقاء قوجيل من منصبه بالسؤال الصعب.
 
 وقال خنانو لموقع "سكاي نيوز عربية": "يمكن القول إجمالا إن الوصول إلى انتخاب مجلس الأمة سيكون له دور كبير في سيرورة البناء لمؤسساتي الذي وعد به رئيس الجمهورية خصوصا وإن الأعضاء تقريبا كلهم من  فئة الشباب ودون 60 سنة خصوصا وأن مجلس الأمة دستورِيّا سيعمل كمؤسسة وازنة لخلق التوازن داخل مؤسسة التشريع".
 
 وأوضح الباحث السياسي أن الجزائر اليوم تقف أمام سيناريوهين هما، إما اختيار شخصية من بين المعينين من الثلث الرئاسي أو المنتخبين، أما السيناريو الثاني فهو الإبقاء على قوجيل على رأس مجلس الأمة الذي يوصف بمجلس الشيوخ وهو ما يستدعي ضرورة البحث عن أشخاص يمتازون بالحكمة والحنكة".