تستعد 7 دول إفريقية لإجراء انتخابات رئاسية في 2022، وسط  تطلعات الشعوب بأنْ تنهي هذه الانتخابات عقودًا من الفوضى وعدم الاستقرار.

وتتجه ليبيا والصومال ومالي وغينيا وكينيا وأنغولا وتشاد لانتخابات رئاسية خلال عام 2022، والتي تُعّد مختلفة عمّا شهدته القارة في السنوات الأخيرة.

ولعل الهدف الأبرز في تلك الانتخابات هو إعادة بدء العمليات الديمقراطية واستئناف الحكم الدستوري، والتي تأخرت أو تعطلت بسبب الانقلابات والصراعات.

ليبيا

والبداية مع ليبيا، التي كان من المقرر إجراء انتخابها في أواخر عام 2021؛ إلا أنّ العملية لم تتم، وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات تأجيلها لـ 24 يناير الجاري، إلا أنّها لم تتم أيضًا.

وخلال يناير الجاري، أعلن رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية، عماد السايح، أنَّ "المفوضية تحتاج من 6 إلى 8 أشهر لإجراء العملية الانتخابية بعد إزالة القوة القاهرة وإحداث تعديلات فنية على القوانين الانتخابية والعمل على تحديث سجل الناخبين".

الصومال

وفيما يتعلّق بالصومال؛ فكان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2020، إلا أنّه مع اقتراب موعد الاستحقاق يتم تأجيلها مرّة أخرى، والتي يسعى فيها الرئيس محمد عبد الله محمد إلى فترة ولاية ثانية، التي من المقرر أن تنتهي بحلول 25 فبراير المقبل.

ويواجه الرئيس الصومالي عدداً كبيرًا من المرشحين بما في ذلك الرئيسان السابقان شريف شيخ أحمد وحسن شيخ محمود ورئيس الوزراء السابق حسن علي خير.

والانتخابات البرلمانية في الصومال هي الطريق التي تمهد لانتخاب الرئيس حيث تجري الصومال انتخابات غير مباشرة متعددة المراحل، يتم انتخاب 54 عضوًا لمجلس الشيوخ والتي اكتملت في نوفمبر 2021.

ثم بعد ذلك يتم اختيار 275 عضوًا بمجلس النوّاب الصومالي والتي من المقرر الانتهاء منها في 25 فبراير المقبل، ويختار أعضاء المجلسين الرئيس من بين قائمة المرشّحين التي وافقت عليها لجنة الانتخابات غير المباشرة (IEC).

واستهلكت العملية الانتخابية المطولة (استمرت لأكثر من 18 شهرًا) معظم الطاقة السياسية في الصومال مما أدى لتشتيت الانتباه عن أولويات الحكم الأخرى.

أخبار ذات صلة

صراع الإخوان: التحقيقات الداخلية تكشف وقائع فساد جديدة صادمة
ليبيا.. 12 شرطا لاختيار رئيس الحكومة الجديدة

أنغولا

على الجانب الآخر؛ فإنَّ الحركة الشعبية لتحرير أنغولا تسيطر على السياسة منذ عام 1975، ويتطلّع الرئيس غواو لورينسو لولاية ثانية.

وبسبب جائحة كورونا، لم تُجرى انتخابات محليّة في أنغولا لأكثر من 3 سنوات، بالإضافة إلى سيطرة المعارضة على مقاعد الجمعية الوطنية (مجلس النواب الذي يضم 220 عضوًا).

وهناك شعور لدى منظمات المجتمع المدني الأنغولية بالقلق من محاولات "لورينسو" في استخدام التشريعات الدستورية

وتعتبر انتخابات أنغولا من أكثر الانتخابات أهميّة في القارة وسط آمال بإصلاح حقيقي ومشاركة سياسية بين المعارضة والحكومة أكثر شمولًا.

مالي

أمَّا في مالي سيكون عام 2022 محوريًّا في استعادة الحكم الديمقراطي في أعقاب انقلابين في أغسطس 2020، ومايو 2021، والتي تحدد موعد انتخاباتها في 27 فبراير.

وكان قد اقترح المجلس العسكري الذي يسيطر على البلاد عملية انتقالية مدّتها 5 سنوات، وسط رفض من المعارضة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).

وتواجه مالي حصارًا خانقًا حيث تم فرض عقوبات على المجلس العسكري، بالإضافة إلى إغلاق الحدود والقيود المفروضة على المعاملات المالية، وما يشي بزيادة عزلة المجلس العسكري الحاكم للدولة.

غينيا

وفي غينيا سيكون مارس هو موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أعقاب الانقلاب العسكري في سبتمبر 2021، بقيادة العقيد مامادي دومبويا، قائد وحدة من القوّات الخاصّة الغينية.

الانقلاب أطاح بالرئيس الغيني، ألفا كوندي، 83 عامًا، والذي كان يقضي فترة ولاية ثالثة بشكل مثير للجدل، حيث إنّ الدستور الغيني لا يسمح بأكثر من مدتين في الحكم.

وتستهدف العملية الانتخابية في غينيا عودة المفاوضات مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للإسراع بعودة الحكم الديمقراطي بقيادة المدنيين.

كينيا

وتأتي الانتخابات الكينية في عنوان واحد لا غير، هو ماذا بعد الرئيس أوهورو كينياتا، والذي قرر عدم الترشح لانتخابات رئاسية لولاية ثالثة.

وتمثل الانتخابات في كينيا نقطة تحوُّل جذرية في المسار الديمقراطي، إلا أنَّ القضاء في كينيا مستقل بشكل كبير على عكس دول أخرى، والذي رفض نتائج الانتخابات في 2017 بسبب مخالفات في فرز الأصوات.

ويخوض الانتخابات نائب الرئيس الحالي، وليام روتو، والمنافس المعارض رايلا أودينجا، الذي تولّى منصب رئيس الوزراء من 2008 لـ 2013.

تشاد

وتعتبر انتخابات الرئاسة التشادية في يونيو محاولة لنقلها لحكومة ديمقراطية بقيادة مدنية بعد وفاة الرئيس السابق إدريس ديبي في أبريل 2021.

وكان ينص الدستور على انتقال السلطة إلى رئيس مجلس النوّاب إلا أنّ ذلك لم يحدث، واستولى على السلطة مجلس عسكري مكون من 13 جنرالًا وحل الحكومة واختار ابنه محمد ديبي البالغ من العمر 37 عامًا كرئيسٍ جديدٍ للبلاد.

وتشير بعض التقارير الأجنبية إلى أنَّ هناك مخاوف لدى الساسة التشاديين من محاولات محمد ديبي تكرار سيطرة والده الطويلة على السلطة.

الديمقراطية على المحكّ

ويعلّق مدير المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية في أميركا، جوزيف سيجل، بقوله إنَّ الانتخابات المزمع إجراؤها في 2022 ستكون قوّة دفع للاستقرار في المنطقة إذا ما تمّت وفقًا لشروط الحريّة والنزاهة.

ويشير في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أنَّ الانتخابات لا يمكن النظر إليها بمعزل عن محيطها، بل تعتبر جزء أوسع من العمليات الديمقراطية.

وتابع: "منذ التحرك نحو الديمقراطية في إفريقيا في التسعينيات فإنَّ البلدان التي أنشأت أنظمة ديمقراطية تميل إلى أنْ تكون أكثر استقرارًا، ما يصاحبه صراعات أقل، أو انكماشات اقتصادية أقل".

وشدد أنَّ "الانتخابات في حد ذاتها لا تؤدي لاستقرار، فالانتخابات يجب أن تكون ضمن قواعد وضوابط محددة لا يتجاوزها أحد، وعلى العكس من ذلك فعدم وجود قواعد محددة للانتخابات السياسية يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار".

وأوضح أنَّ "كل دولة إفريقية لها ظروفها الخاصّة، أمّا فيما يتعلّق بالدول التي وقعت بها انقلابات مثل مالي وغينيا وتشاد، سيكون من المهم للجان الانتخابية المستقلة إدارة العملية  بطريقة محايدة".

أمَّا عن الدول التي تتأثر بالنزاعات كالصومال وليبيا، قال إنّه "يجب وضع خريطة طريق انتخابية واضحة وشفافة للمساءلة".

ويرى مدير المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية أنَّ "هناك حاجة لمزيد من الوضوح بشأن الصلاحيات التي يجب أن تُمنح للرئيس ورئيس الوزراء والبرلمان والقضاء، وبخلاف ذلك فإنَّه حتى بعد الانتخابات سيكون هناك صراعات سياسية حول الأدوار والمسؤوليات".

وعن كيفية توقُّف العمليات الإرهابية بعد الانتخابات؛ أكَّد أنَّ الانتخابات لن تحل بمفردها النزاعات مع الجماعات الإرهابية، حيث إنّها اكتسبت وجودًا في الدول الهشّة.

وأردف: "مثلما لم تظهر تهديدات الجماعات الإرهابية بين عشية وضحاها، سوف يستغرق الأمر وقتًا لتقليل هذه التهديدات والقضاء عليها".

واستطرد قائلًا: "سيتطلب إعادة بناء القدرات الأمنية لمواصلة الضغط على الجماعات الإرهابية، وهو ما يتطلّب خططًا أكثر إبداعًا للقضاء عليها".