يشهد العراق زيادة كبيرة في وتيرة الهجمات الإرهابية، وسط مخاوف من موجة عنف جديدة مع اقتراب البلاد من تشكيل حكومة جديدة في ظل استبعاد الميليشيات الموالية لإيران من التحالف الحكومي الذي سيقود البلاد.

وعلى مدار الأيام الماضية، استهدفت هجمات متتالية المنطقة الرئاسية ببغداد وقواعد عسكرية دولية وكذلك مقار حزبية تابعة للتحالف الذي سيشكل الحكومة، إضافة إلى استهداف أمنيين ومؤسسات خاصة وعامة.

وأفرزت الانتخابات التي أجراها العراق، في 10 أكتوبر الماضي، فوز التيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، بحصوله على 73 مقعدا وهو عدد أكبر مما حصل عليه أي فصيل آخر في المجلس الذي يضم 329 مقعدا.

وتحالف الصدر مع كتل تقدم وعزم والتحالف الديمقراطي الكردستاني وبذلك يضم أكثر من 163 نائبا، ما يعني إمكانية تمرير الحكومة، دون الحاجة إلى الكتل الأخرى، وهو ما أثار حفيظة المليشيات الموالية لإيران التي تم إقصاؤها.

استهداف نائب رئيس البرلمان

أحدث هذه الاستهدافات وقعت مساء الأربعاء، وطالت منزل النائب الثاني لرئيس البرلمان العراقي الجديد، شاخوان عبد الله، بمحافظة كركوك، شمالي العراق.

ووفق وكالة الأنباء العراقية فإن مجهولين ألقوا قنبلة يدوية على المنزل الذي يقطنه عبدالله المنتمي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، فيما أظهرت عدة صور وجود أضرار مادية في المنزل، بينما لم يسفر عن أي خسائر بشرية.

وعقب الحادث، دعا النائب الثاني لرئيس البرلمان الأجهزة الأمنية إلى ملاحقة الإرهابيين والخلايا النائمة ومعالجة الخروقات وتفعيل الجهد الاستخباراتي.

محاولة يائسة       

وقال عبد الله، في بيان: "ندين وبشدة العمل الإرهابي الذي استهدف مساء الأربعاء مقرنا في محافظة كركوك"، معتبرا أنها "محاولة يائسة لزعزعة الأمن والاستقرار في المدينة".

وأضاف أن "استهداف الإرهابيين الجبناء لمقرنا في كركوك لن يثني عزيمتنا الوطنية والعمل داخل المؤسسة التشريعية لخدمة المواطنين".

تفجيران متزامنان

كما وقع انفجاران متزامنان وسط مدينة البصرة جنوب العراق أحدهما قرب المصرف الإسلامي، والآخر استهدف شركة مقاولات وسط المدينة، دون خسائر بشرية.

وتأتي الاستهدافات استمرارا لتصعيد الميليشيات الموالية لإيران، حيث طال تفجيران، الأحد، مصرفين كرديين في الكرادة وسط بغداد، ما أدى لإصابة شخصين ووقوع أضرار مادية كبيرة.

كما تعرض مقر “الحزب الديمقراطي” بمنطقة الكرادة إلى استهداف بوساطة قنبلة يدوية، فيما نجا الناطق باسم الحزب مهدي الفيلي من محاولة اغتيال شرقي بغداد.

وأيضا تم استهداف مقر حزب “تقدم” في منطقة الأعظمية شمالي بغداد بقنبلة يدوية، واستهدف منزل النائب في البرلمان عن حزب "تقدم" عبد الكريم عبطان لهجوم بقنبلة يدوية في منطقة السيدية جنوبي بغداد.

الصدر يوجه أصابع الاتهام

بدوره، وجه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أصابع الاتهام لمن سماهم "المحسوبين على الإطار التنسيقي" باستهداف مقرات الأحزاب الموالية لحكومة الأغلبية.

ونشر الصدر بيانا عبر صفحته على "تويتر"، الأربعاء، قال فيه: "لجأت بعض القوى السياسية المعترضة على الانتخابات سابقاً، وعلى (حكومة الأغلبية الوطنية) حاليا إلى القضاء العراقي، ولم يصدر منا تعليق بخصوص ذلك فهو أمر قانوني متاح للجميع، بل كان ذلك مدعاة للرضا من قبلنا، وإن لم يصلوا مبتغاهم حسب المعطيات القانونية".

وأضاف: "أما أن يلجأ بعض المحسوبين عليهم إلى العنف واستهداف مقرات الأحزاب الموالية لحكومة الأغلبية فهذا أمر لا يرتضيه العقل والشرع والقانون، وعلى العقلاء منهم المسارعة في كفكفة غلواء هذه الجماعات الغوغائية، وكبح جماحها، فليس من المنطقي أن يلجأ السياسي للعنف إذا لم يحصل على مبتغاه، فالسياسة يوم لك ويوم عليك".

أخبار ذات صلة

كابوس جديد يهدد العراق.. الدراجات النارية في دائرة الاتهام
العراق.. أحزاب الميليشيات تتحرك لتفكيك "الاتفاق الثلاثي"
وسط اشتداد الخلاف.. من سيكون رئيس العراق المقبل؟ 
العراق.. هل يضطر الإطار التنسيقي للتخلي عن نوري المالكي؟

لسنا ضعفاء

وأهاب الصدر بالحكومة "إلى اتخاذ أشد التدابير الأمنية والإسراع في كشف فاعليها، لكي لا تتحول العملية الديمقراطية إلى ألعوبة بيد من هب ودب".

وأضاف: "نقول ذلك لا ضعفاً أو خوفاً، فالكل يعلم من نحن، لكننا نحب السلام ونعشق الوطن والشعب، ولن نعرضهم للخطر والاستهتار، كما لا بد أن تعلموا أننا لسنا متمسكين بالسلطة إنما نريد إصلاحاً وإبعاد شبح الفساد والإرهاب والاحتلال والتطبيع بالطرق السياسية وإننا لقادرون كما تعلمون، ولو أننا خسرنا الانتخابات أو تنازلنا أو أقصينا عن تشكيل حكومة الأغلبية، فلن نتخذ العنف على الإطلاق فهذا ما أدبنا عليه، ولن نسمح لأي أحد ممن ينتمي لنا فعل ذلك".

الجيش يدخل على خط الأزمة

وتعليقا على الاستهدافات الأخيرة، قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، إن جهات استخبارية تعمل للتوصل لمنفذي الاستهدافات الأخيرة.

وأضاف اللواء رسول، في تصريحات تلفزيونية، الأربعاء، أن القوات المسلحة تعمل بعيدا عن التدخلات السياسية، مؤكدا أن "واجب القوات الأمنية حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية".

إرهاب وتهديد الدولة

المحلل العراقي، هاشم عبد الكريم، قال إن المليشيات الموالية لإيران لا تعرف إلا لغة العنف والإرهاب في تحقيق مآربها وما يحدث هو رسائل بطعم النار والدم بأن حسابات الصناديق شيء والواقع على الأرض شيء آخر.

وأضاف عبد الكريم، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن سياسة الميليشيات تقوم دائما على تهديد الدولة ومؤسساتها حينما يتعرضون لأي فعل مخالف لأجندتهم الخارجية، وما محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سابقا إلا دليل واضح على ذلك.

وأكد على أن الهجمات التي شهدها العراق خلال الأيام الأخيرة هي وسيلة ضغط لإثبات أن هناك مزيدا من الأوراق يمكن لعبها، وهو أسلوب تقليدي عبر القيام بأعمال محدودة لإثبات وجود فائض قوة محتمل للخصوم.

وأشار إلى أن زيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى العراق ولقائه الصدر هي أيضا بهدف الضغط من أجل إنهاء التحالف الحالي وإحياء آمال رجل طهران، نوري المالكي زعيم ائتلاف "دولة القانون".

ولفت إلى أن مضي الصدر في تشكيل حكومة أغلبية سيدفع الطرف الآخر إلى نحو التصعيد لإثنائه بهدف الحفاظ على مكتسباتهم وامتيازاتهم وكذلك خشية فتح الملفات الشائكة ومحاسبتهم على جرائم السنوات الماضية.