كان ليل الخميس الجمعة، صعبا على سكان العاصمة بغداد، حيث شهدت سلسلة هجمات استهدفت السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، ومقار عدد من الأحزاب السياسية، في خطوة اعتبرها مراقبون رسائل تهديد من طرف الميليشيات بعد "الاتفاق الثلاثي" الذي قلّص نفوذها عمليا.

وتعرضت السفارة الأميركية، شديدة التحصين، إلى هجوم بثلاثة صواريخ، أدى إلى إصابة طفل وامرأة، عقب أن تصدت له منظومة الدفاع الأميركية.

وفي السياق، تعرضت مقار الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، وحزب "تقدم" برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في بغداد، إلى هجمات بالقنابل اليدوية.

ونجا القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي كريم من محاولة اغتيال تعرض لها على طريق قناة الجيش السريع، دون أن يُصاب بأذي.

وتزامنت تلك الهجمات، مع اتفاق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والحلبوسي.

"الاتفاق الثلاثي"

ويهدف "الاتفاق الثلاثي" إلى منح رئاسة الوزراء، للتيار الصدري، ورئاسة البرلمان، لحزب تقدم، بزعامة الحلبوسي، وهو ما حصل خلال جلسة البرلمان الأولى الأحد الماضي، فيما ستذهب رئاسة الجمهورية إلى مرشح الحزب الديمقراطي.

وهددت أحزاب سياسية، وفصائل مسلحة، باتخاذ إجراءات تصعيدية، عقب هذا الاتفاق، مطالبة بالعدول عنه، باعتباره يشق الصف الشيعي.

وقال أبو علي العسكري القيادي في ميليشيات كتائب حزب الله: "بُحّت الأصوات وهي تنادي بإرجاع الحقوق إلى أهلها، وحذرنا مِرارا وتِكرارا من خطورة مصادرة حق الأغلبية والسير وراء الإرادة الخارجية".

وأضاف العسكري: "حسب المعطيات الميدانية والتقديرات الأمنية فإن أياما عصيبة ستمر على العراق يكون الجميع فيها خاسرا".

ورأى متابعون عراقيون، أن تلك التهديدات تهدف إلى تخويف الخصوم، وإرعابهم من التحالف مع الصدر، خاصة وأن الهجمات استهدف مقار وكوادر الأحزاب التي تحالف مع الصدر فقط، دون غيرهم.

وقرأ خبراء في الشأن السياسي، تلك التفجيرات بأنها رسائل رمزية إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وربما تكون مجرد البداية، وإن رسائل أخرى ستكون أكثر قوة إذا فكر الصدر في المضي قدما في تشكيل حكومة جديدة وتوزيع المناصب دون مراعاة مصالح الأحزاب والمجموعات الموالية لإيران، التي تمتلك القوة والتدريب ومختلف وسائل النفوذ المالي والتنظيمي والدعم الخارجي.

أخبار ذات صلة

هجمات تستهدف مواقع متعددة في العراق
إصابة طفلة وامرأة في هجوم صاروخي على المنطقة الخضراء ببغداد

 "تكريس ثقافة العنف"

في هذا السياق، يقول رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل: إن "تلك الهجمات، ستكرس ثقافة العنف، واللادولة، والإرهاب، وربما تذهب بالعراق نحو حروب بينية".

ورأى فيصل في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تلك الهجمات "ستعزز الفقر والبؤس والحرمان الذي يعيشه أبناء الشعب العراقي، وهذا كله بسبب سياسات المافيات، وسياسية السلاح المنفلت الذي لا يراعي القوانين الدولية والمحلية، ويسعى لحصد المكاسب الشخصية، على حساب وضع العراق، وأمنه".

وأضاف: "يجب مواجهة كل هذه الخروق والانتهاكات، الخطيرة والصواريخ التي تطلق على السفارة الأميركية، وتهدد الأمن المجتمعي للبلاد"، لافتا إلى أن "تلك الهجمات عبثية، ومن يدفع الثمن هو المواطن".

ولفت الخبير العراقي، إلى أن "الخريطة السياسية الجديدة في البلاد، تذهب باتجاه السلم الأهلي، وضمان تحقيق التنمية، ومواجهة مشكلات الفقر، والأمية والبطالة، والعنف والارهاب، لكن هناك قوى تدّعي أنها مقاومة، وتحت هذا الاسم تمارس القتل والارهاب".

دعوات للتهدئة

وكان زعيم التيار الصدري قال، السبت الماضي: إنه "لا مكان للميليشيات في العراق، والكل سيدعم الجيش والشرطة والقوات الأمنية"، مشددا على "ضرورة تشكيل حكومة أغلبية، لا مكان فيها للطائفية والعرقية"، ما اعتبر رسالة واضحة إلى الميليشيات يفيد مضمونها بأنها لن تستمر في وضعها الحالي كقوة أكبر من رئيس الحكومة ومن الدولة العراقية ككل.

وفي غمرة هذا السجال، برزت دعوات لتهدئة الموقف، والمضي نحو التفاهمات والمشاورات السياسية، بهدف اختيار رئيس الجمهورية، وكذلك رئيس الحكومة المقبلة.

ودعا رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، إلى محاسبة المتورطين بقصف السفارة، كما حذر من مخطط يزعزع استقرار العراق.

وقال الحكيم في بيان صدر عنه:"استهداف مقرات أحزاب وقوى سياسية ينذر بوجود مخطط مريب لزعزعة استقرار العراق وتهديد أمنه".

وأضاف: "نحن إذ ندين ونستنكر بشدة هذه السلوكيات فإننا نشدد على ضرورة عدم مرورها دون محاسبة الضالعين ومن يقف وراءها".