تسارعت في العراق المشاورات الخاصة بتشكيل الحكومة العراقية، مع فتح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الباب أمام إمكانية التحالف مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، رغم العلاقة التي توتر بين الرجلين في الماضي ووصلت حد القتال.

وقال الصدر، الذي حاز على أكبر عدد من مقاعد البرلمان في الانتخابات التي جرت في أكتوبر الماضي، في بيان ألقاه في النجف، جنوبي بغداد، الأطراف الخاسرة في الانتخابات إلى "مراجعة نفسها لاستعادة ثقة الشعب مستقبلا".

وأضاف الصدر: "ما تقوم به هذه الأطراف الآن سيزيد نفور الشعب منهما".

لكن زعيم التيار الصدري استدرك، فاتحا المجال أمام إمكانية التعاون، وقال: "الأطراف الخاسرة إذا أرادت المشاركة في الحكومة فعليها تسليم الفاسدين فورا إلى القضاء، وتصفية الحشد الشعبي من العناصر غير المنضبطة وعدم زج اسمه في السياسة، وقطع العلاقات مع الدول بما يحفظ للعراق استقلاليته وعدم زج العراق في حروب خارجية لا طائل منها".

وتابع: "اشترط الصدر، حل الفصائل المسلحة أجمع ودفعة واحد وتسليم أسلحتها كمرحلة أولى إلى الحشد الشعبي عبر قائد القوات المسلحة".

وقال: "إذا رضيتم قولي هذا فسنكون شركاء في مشروع الإصلاح وسنبني الوطن معًا، من دون عنف وبسلام ووئام وبغطاء شعبي شامل، وما أنا إلاّ ناصح لكم".

وبرزت ترجيحات بشأن تحالف قد يُبرم سريعاً بين رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أو توافق على الأقل.

أخبار ذات صلة

الصدر يدعو إلى حل ميليشيات عراقية موالية لإيران
أزمة انتخابات العراق.. مخطط الفصائل المسلحة يربك المشهد

واستند مراقبون في توقعاتهم إلى إشارات من الطرفين بشأن التقارب، إذ أكد الصدر أنه مستعد للتعاون والتوافق مع أطراف الإطار التنسيقي.

وفي المقابل، أن "هناك إمكانية للتوافق مع التيار الصدري، فهو لديه عدد وازن من المقاعد، وكذلك الإطار التنسيقي (يضم القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات) لديه عدد جيد، ويمكن أن تصل مجموع عدد مقاعد القوى الشيعية إلى 185 مقعداً، ما يجعل هناك إمكانية للتوافق، وإن كانت بدون تحالف.

وكانت العلاقة سيئة بين الرجلين، ووصلت خلال ولاية نوري المالكي الأولى بين سنتي 2006 و2010 حدّ المواجهة العسكرية عندما استخدم المالكي القوات النظامية العراقية في شنّ حملة عسكرية ضارية على الميليشيا التابعة الصدر والمعروفة آنذاك بجيش المهدي.

التقارب ليس ببعيد

ويقول المحلل السياسي باسل الكاظمي: "إن الأيام المقبلة تحمل مفاجآت، لكون السياسة ليست ثابتة، وليس ببعيد أن تتقارب وجهات النظر بين التيار الصدري، والمالكي، خاصة وأن سياسية السيد الصدر ليست ثابتة، بل متقلبة".

وأضاف الكاظمي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "يوجد هناك إمكانية لتحقيق هذا التوافق، إذ لا بد أن تحلحل هذه الأزمات، عبر تلطيف الاجواء، خاصة وأن الخلافات بين المالكي ومقتدى الصدر خلافات شخصية ليست خلافات مبنية على جانب سياسي".

وكان الصدر قد شن في الماضي هجوما كاسحا على أبرز خصومه السياسيين قبل الانتخابات ناعتا إياهم بالفشل والفساد.

وشمل الصدر بهجومه أبرز خصمين له؛ نوري المالكي، الذي ورد ذكره في البيان تحت مسمّى "ذي الرئاستين"، أي مدتي الحكم التي قضاهما، وقيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق المنشّق عن التيار نفسه،

تردد سني وكردي

وفي ظل تلك التطورات، رأى قيادي في التيار الصدري أن "الكتل السنية والكردية، لغاية الآن مترددة في مد يدها إلى الصدر، لخشيتها من الكتل الأخرى، وهذا واضح من خلال رفضها التحالف مع الصدر، أو التقرب منه بشكل كبير".

وأضاف القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "خيار التوافق أو التقارب مع المالكي يمثل آخر الحلول بالنسبة للتيار، بسبب الخلاف العميق والاستراتيجي بين الطرفين، لكن يمكن إنشاء مظلة عامة تجمع أغلب الكتل الشيعية، وتنضوي عندها بالضرورة كتلة الصدر وكذلك المالكي".

وحقق الصدر، 73 مقعداً في الانتخابات النيابية، فيما حقق ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي نحو 35 مقعداً.