انطلقت، يوم الخميس، في الجزائر الحملة الانتخابية لمحليات 2021، والتي يتنافس فيها أكثر من 135 ألف مترشح من مختلف الأطياف السياسية يطمحون في الوصول إلى مقاعد المجالس الشعبية البلدية والولائية لعهدة تمتد لخمس سنوات.

وتعتبر مشاركة الشباب والمعارضة من أبرز ما يميز هذا الموعد الانتخابي الذي تصفه السلطة بالرهان الثالث والأخير في مسار الإصلاحات السياسية لقطار الجزائر الجديد الذي كانت بدايته عبر تعديل الدستور وانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني.

وحسب الأرقام الرسمية للسلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الإنتخابات فقد تم سحب 1.158 ملف ترشح للمجالس الشعبية الولائية،منها 877 ملفا لفائدة 48 حزبا معتمدا و 281 ملفا لفائدة قوائم مستقلة، في حين تم إحصاء 22.325 ملف ترشح للمجالس الشعبية البلدية.

يوم هادئ

وتستمر الحملة الإنتخابية لمدة ثلاثة أسابيع، يقوم خلالها مرشحو الأحزاب السياسية و أصحاب القوائم المستقلة على تنشيط حملتهم الانتخابية من أجول إقناع أزيد من 23.7 مليون ناخب جزائري بالتصويت لصالحهم.

وقد اتسم اليوم الأول من الحملة بالهدوء مقارنة بتشريعيات 12 يونيو 2021 التي عرفت نوعاً من الحشد الإعلامي والتحفيزات التي منحتها السلطة خاصة للشباب من أجل دخول غمار السياسية عبر تنظيم أنفسهم في شكل أحزاب وقوائم مستقلة ضمن خارطة الطريق التي إقتراحها الرئيس عبد المجيد تبون بعد حراك 22 فبراير 2019.

في مقابل ذلك يعتبر دخول أبرز الأحزاب السياسية المعارضة لسباق محليات 2021، واحد من أهم الإنجازات التي تقطفها السلطة الجديدة،وذلك بعدما واجهت مقاطعة لرئاسيات 2019 من طرف العديد من الأحزاب المعارضة.

فبإستنثاء حزب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "الأرسيدي" المعارض الذي قرر مقاطعة الانتخابات،فإن كل الأحزاب السياسية الجزائرية قررت دخول هذا السباق بما فيها حزب جبهة القوى الإشتراكية الذي يعتبر أقدم حزب معارض في الجزائر وحزب العمال وحزب جيل جديد الذي ذاع صيته في السنوات الأخيرة كحزب معارض قوي.

أخبار ذات صلة

مع تسهيلات "الفيزا".. انطلاق الموسم السياحي بصحراء الجزائر
قرار بالجزائر "ينصف" اللغة العربية.. وإشادة واسعة

وقد علل الناطق بإسم حزب الارسيدي مراد بياتور،موقف حزبه من هذا الموعد الانتخابي قائلا :"المطلوب هو التغيير الجذري والمتاح اليوم من خيارات سياسية لا يتماشى مع تطلعات الشعب".

وقال بياتور لموقع سكاي نيوز عربية:"لدينا أزمة سياسية حادة والمطلوب هو التغيير الجذري والمحليات لن تحل أزمة الثقة الموجودة بين الحاكم والمحكوم ولا تحقق الإنتقال الديموقراطي الحقيقي المنشود".

وعلى النقيض، ترى باقي الأحزاب السياسية المعارضة أن هناك عدة أسباب دفعت بالمعارضة لتغيير قناعتها أمام محليات 27 نوفمبر 2021 وذلك بعد حوالي عامين من إنتخاب الرئيس عبد المجيد تبون.

ولا ينكر الناطق بإسم حزب جيل جديد حبيب براهمية أن وضع الأحزاب السياسية في الجزائر اليوم هو الأكثر تعقيدا وسط مناخ يسوده عدم الثقة بين المواطن والنخبة السياسية. لكنه في المقابل أكد أن الانتخابات هي أحد الحلول السياسية الجادة المطروحة من طرف السلطة.

وقال براهيمة لموقع سكاي نيوز عربية إن قرار المعارضة لدخول لعبة الانتخابات لا يتعارض مع مبدأ التعددية وإنما يكملها، مشيرا إلى أن الأمر يهدف إلى إعطاء قوة للمؤسسات وليس إضعاف المعارضة.

وأوضح السياسي المعارض أن أزمة الثقة بين المواطن والمسؤوليين كان ثمنها خروج الأحزاب السياسية مهزمة دائما من لعبة الصندوق.

ويدخل جيل جديد غمار محليات 2021، رغم الخسارة التي مني بها خلال الإنتخابات التشريعة، شأنه في ذلك شأن حزب جبهة القوى الإشتراكية الذي يعد أقدم الأحزاب المعارضة في الجزائر وقد أكد السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش،على أن المشاركة تأتي دفاعا عن الوحدة الوطنية.

وتأتي الانتخابات المحلية لعام 2021 لتعيد خلط أوراق الأحزاب المعارضة تحديدا، وقد إنطلقت الحملة بمشاركة حزب العمال الذي تقوده المعارضة لويزة حنون رغم تباين الآراء بين مناضلي الحزب.

لعبة سياسية بنكهة المستقلين

ويرى المراقبون أن نتائج تشريعات 2021 التي حقق فيها المستقلين نتائج إيجابية (78 نائباً مستقلا في البرلمان)، شكلت أحد العوامل التي دفعت بالأحزاب المعارضة لمراجعة حسابتها السياسية.

ففي الوقت الذي كانت فيه أحزاب التعددية تتلقى الهزيمة تلوى الأخرى، كان المستقلين يقطفون ثمار الأزمات التي كانت تعصف بالأحزاب التقليدية وفي مقدمتها حزب جبهة التحرير الوطني الذي لم يحقق الأغلبية في البرلمان.

ويرى الباحث السياسي رضوان بوهيدل أن محليات 2021، محطة هامة في تاريخ الجزائر الجديدة، ومن شأنها أن تغيير الخارطة السياسية ككل في الجزائر.

وقال بوهيدل لموقع سكاي نيوز عربية إن أزمة الأحزاب السياسية تكمن في تركيز خطاب بعضها على البرستيج على حساب المشروع السياسي الحقيقي الذي يتماشى مع الرهانات السياسية التي تعيشها الجزائر، بينما تحاول أحزاب آخرى ممارسة المعارضة من أجل الطعن في شرعية حزب جبهة التحرير الوطني.

وأكد الباحث السياسي على أن محليات 2021 هي الفرصة الأخيرة لتلك الأحزاب التي قررت التقوقع في خطاب الماضي، كما قال:"العديد من الأحزاب بدأت تشعر بالخطر، وقد إقتنعت بأن خيار مقاطعة كل الاستحقاقات يدفعها نحو الزوال و المجهول، وهي تسعى اليوم للاستحواذ على جزء من المشهد السياسي".
وأحزاب السلطة تراقب حظوظها الأخيرة

وبخلاف تطلعات الأحزاب المعارضة، يرى المراقبون على أن حظوظ حزب جبهة التحرير لا تبدو ضعيفة أمام صندوق محليات 2021،رغم الأزمات التي تتخبط فيها والنتائح التي حققتها في سباق التشريعيات.

وأكد القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني محمد عليوي على قدرة جبهة التحرير الوطني في تحقيق الأغلبية في محليات 2021، رغم الهزات والمشاكل التي عاشها المكتب السياسي.

وختم حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا:"الأزمات التي يعرفها الأفلان والتي محورها البحث عن قيادة شرعية منتخبة من طرف اللجنة المركزية لا تعني أبدا خسارة الجبهة لمعاركتها السياسية أمام الأحزاب المعارضة".