حصد التمثيل النسوي اللافت في حكومة نجلاء بودن بتونس أصداءً واسعة، لا سيما أن تعيين إمرأة على رأس حكومة عربية، "كسر قاعدة" تقليدية وتاريخية، تتمثل في هيمنة الرجال على المناصب السياسية والسيادية، بحسب مراقبين تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية".

بيد أن تركيبة الحكومة التونسية الأخيرة التي جاءت من 24 عضوا من بينهم 9 نساء، أكدت على اعتماد "الكفاءات والمستقلين من الشباب والنساء" بصرف النظر عن فكرة "المحاصصة الجندرية" لجهة إظهار التنوع الفئوي والتعامل مع المرأة كنوع من الأقليات.

وقبل أيام تشكلت الحكومة بالمغرب بعيد سقوط حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان، وقد حظيت المرأة بسبع حقائب وزارية، بما يمثل ثلث التمثيل الحكومي، حيث صعدت الوزيرات على رأس حقائب استراتيجية، مثل المالية والاقتصاد، إذ إنها المرة الأولى بتاريخ البلاد التي تشهد فيها إسناد تلك الوزارة لإمرأة.

وفي عهد حزب العدالة والتنمية، كان حضور المرأة في عهد الحكومة السابقة لا يتجاوز أربع وزيرات، ثم جرى تقليصها للنصف في تعديلات العام قبل الماضي.

تعد مشاركة المرأة في الحكومة الجديدة "مقبولة" وتبعث بتفاؤل مقارنة بالحكومات السابقة، وإن كانت لا تزال بحاجة للدفع والتقدم، بحسب الباحثة التونسية رباب علوي، لافتة في حديثها لموقع"سكاي نيوز عربية" أن الهدف الذي تصبو له المرأة التونسية يتمثل في "تحقيق التناصف مع الرجل في المناصب العليا، لكن عموما يمكن القول ان تعيين رئيسة للحكومة لأول مرة في تاريخ تونس ووجود ثمانية وزيرات وكاتبة دولة يعتبر خطوة إيجابية في تجسيد المشاركة الفعلية للمرأة في الحياة السياسية وقدرتها على صنع القرار".

أخبار ذات صلة

تونس.. بودن تتحدث عن أولويات حكومتها الجديدة

 

أخبار ذات صلة

ترحيب تونسي واسع بحكومة بودن.. كسرت حاجز "احتكار الرجال"

 

أخبار ذات صلة

المغرب.. 7 نساء على رأس وزارات استراتيجية في حكومة أخنوش

 

أخبار ذات صلة

"مناصفة الرجل والمرأة" في المغرب.. الواقع غير الدستور

 

ووفقا لعلوي، فإن هذا التمثيل النسوي بالحكومة الذي يعني 38 بالمئة من التركيبة الوزارية لا يمكن أن يكون إلا خطوة إيجابية وللأمام مقارنة بحكومة هشام المشيشي الذي قام بتعيين خمسة وزيرات فقط في مرحلة أولى، قبل أن يقوم باعفاء وزيرتين بعد أشهر من تنصيبهن، ثم يكتفي في النهاية بوزيرة الحوكمة والوظيفة العمومية ووزيرة التعليم العالي ووزيرة المرأة، وهي كذلك خطوة طموحة إذا ما قورنت بحكومة الياس فخفاخ فبراير 2020، والتي كانت فيها تمثيلية المرأة نحو 18.75 بالمئة.

كما أنه في عام 2018 بلغت تمثيلية المرأة في الحكومة التونسية 23.1 لتعود وتتراجع ثانية إلى حدود 10بالمئة عام 2019، ولهذا السبب رحب التونسيون بهذا الوجود نسوي في الحكومة التونسية الأخيرة، وليس بالنظر إلى العدد فقط بل بالنظر إلى الكفاءة التي تتمتع بها الوزيرات اللواتي جرى تنصيبهن حديثا في اختصاصاتهن المختلفة، حسبما توضح الباحثة التونسية، موضحة أن "وزيرة الصناعة و الطاقة كانت تترأس القطب التكنولوجي بالمنستير التابع للهيئة التونسية للاستثمار، وبالمثل وزيرة البيئة هي أستاذة في القانون العام".

تعيين وزيرات في الحكومة التونسية يمكن عدّه "رمز قوي" و"اعتراف بدور المرأة السياسي في المجتمع، وكذا في صنع القرار، وقطع مع الصورة النمطية للمجتمع الذكوري في تونس"، بحسب علوي.

لحظة تفاؤل

ومن جهتها، ترى الأديبة والروائية المغربية، فاطمة حمدي، أن عودة المرأة في الحكومات العربية تظل لحظة تبعث بتفاؤل لكن ينبغي أن تكون مبنية على الكفاءة، وليست مجرد "محاصصة فئوية وجندرية" ومن ثم.

وقالت لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا ينبغي أن يتم اعتبار المرأة مجرد رقم أو نسبة في الحكومات، إنما تكون الكفاءة والمهنية والاستقلالية هي العناصر التي نشحذ منها معيارية الاختيار".

وتؤكد حمدي أن التمثيل الأخير بالحكومة المغربية "حدثا نوعيا وطفرة مهة"، في كل الأحوال، خاصة في ظل التوقيت والسياق الذي جاء فيه، وتحديدا بعد سقوط الذراع السياسي للإخوان، والاخير عمد إلى تهميش المرأة ونبذها، وقد قامت حكومة الإسلاميين بتعيين إمرأة واحدة عام 2011، وبالتالي جاءت الحكومة الجديدة لـ"ترد الاعتبار" للنساء وتؤكد على وجود "إرادة سياسية جادة وحقيقية تقطع مع الميراث القديم وتمكن المرأة من الجهاز التنفيذي للدولة، كما أن إسناد وزارة الاقتصاد والمالية بالحكومة المغربية سابقة بتاريخ البلاد وفرصة على طريق تحقيق المناصفة".